السيد الكشميري: بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد واله الطيبين الطاهرين 
من لوامع الصادقين ومن اوتاد الطائفة ومن رجال العلم والادب هو المرحوم المجاهد الكبير الشيخ احمد بن الشيخ صالح البحريني الستري من منطقة سترة تغمده الله برحمته الواسعة.
الشيخ احمد الستري هو من مواليد البحرين وكان الله في عون اهل البحرين وكان الله في نصرة المؤمنين من اهل البحرين في محنتهم هذه. 
على كل هذا العالم الجليل من مواليد 1251 ونشأ رحمه الله على حب العلم حتى دفعه حب العلم الى ان يتحول الى حاضرة العلم والادب في العالم الاسلامي وهي النجف الاشرف ويوم وصوله الى النجف الاشرف كانت الوضعية في البحرين آنذاك احسن بكثير من النجف الاشرف حيث توجد بعض المواد لكن ايام الشيخ الانصاري رضوان الله تعالى عليه لم يكن يوجد في النجف الاشرف الا ما تتضمنه هذه المقولة "ماء بير وخبز شعير وزيارة الامير عليه السلام" الموجود كان هذا في النجف الاشرف ثم تحسنت الحالة وجاء الدبس، التمر، خبز شعير ودبس وقرأت في بعض المذكرات ان فلاناً ذهب مع الشيخ مرتضى الانصاري ثلاثة ايام في سفرة فكان طعامه خبز الشعير والدبس. 
في ذلك الجو العصيب والمتعب سافر من البحرين الى النجف الاشرف الشيخ احمد الستري رحمه الله لينتهل العلم من جوار مولى الموحدين، مولى الموالي امير المؤمنين وانضم الى رائد علم الاصول الشيخ مرتضى الانصاري وكان ضمناً هو في حلقة الشيخ محمد حسين الكاظمي الجمالي اعلا الله مقامه والميرزا علي الخليلي احد اساطين الفقه في النجف الاشرف ولكن لمساس الحاجة في البحرين لوجوده بعدما اكمل دراساته رحمه الله عاد الى البحرين استاذاً ومرجعاً واماماً ولكن ضايقته الفتن، لماذا قلت انا في البداية كان الله في عون اهل البحرين؟ لااقول اكثر من هذا، كان الله في عونهم! 
فبسبب المضايقات ترك البحرين وذهب الى القطيف واذا هناك ايضاً الاجواء مشحونة بالمآسي والتعب وايضاً كان الله في عون المؤمنين هناك، وفي جو المآسي والالام كان يكتب ليل نهار ويدون البحوث ويؤلف الكتب في الفقه، في الاصول، في الحديث، في التفسير وحتى في الادب لأنه كان يتمتع بروح ادبية عالية، في ذلك الاختناق اكمل اكثر من ثلاثين مؤلفاً. 
انتقل بعد ذلك الى ايران ليعيش هناك جو الامان وكان من هناك تكتب اليه الاستفتاء والرسائل والاسئلة وكان يجيب عليها وبصفتي انا من خدام المنبر الحسيني الذي ايقظني الى عظمة هذا الرجل ارتباطي مبدئياً بقصائده وبشعره الملئ بالحكمة والمواعظ والنصائح وايضاً المتضمن فضائل اهل البيت، لاوقت لذكر العديد من شعره، مثلا في اهل البيت سلام الله عليهم، في الامام علي صلوات الله وسلامه عليه يقول: 
فدع مديحي ومدح الناس كلهم والزم مديحاً له الرحمن اولاه 
فكل من رام مدحاً فيه منحصر لسانه عن يسير من مزاياه 
مثلاً شعره في الحكمة والموعظة الشيخ احمد الستري رضوان الله عليه:
يافاعل الخير والاحسان مجتهداً 
انفق ولاتخشى من ذي العرش اقتاراً 
فالله يجزيك اضعافاً مضاعفة
والرزق آتيك اصلاباً وابكاراً 
في قصيدة رائعة نظمها في رثاء الشيخ مرتضى الانصاري بأعتباره استاذه من باب الوفاء ورد الجميل، يخاطب الشيخ الانصاري: 
ولقد تسابقت السماء وارضها 
في ضم شخصك مجمع التبيين 
فقسمت بينهما فروحك في السماء
والجسم في الارضين للتحصين 
وكانت الفواتح التي تقام للشيخ مرتضى الانصاري كان الخطباء غالباً ما يستشهدون بهذين البيتين للشيخ احمد بن شيخ صالح الستري البحريني. 
له قصيدة ايضاً في البلاغة والحكمة واهل البيت يجاري بها قصيدة المرحوم ابا فراس الحمداني: 
الحق مهتضم والدين مخترم وفئ آل رسول الله منقسم
فهو قصيدته بمجاراة هذه القصيدة: 
الحق نور عليه للهدى علم من أمه مستنيراً قاده العلم 
ياحبذا عترة بدأ الوجود بهم 
يتكلم عن اهل البيت صلوات الله وسلامه عليهم 
ياحبذا عترة بدأ الوجود بهم وهكذا بهم ينهى ويختتم 
يعني هو يأخذ معنى ورد في زيارة الجامعة "بكم بدأ الله وبكم يختم" دولة الله، شرع الله بدأت برسول الله وتنتهي بالامام المهدي لذلك يأتي في اخر القصيدة الى هذه الدولة: 

من مثلهم ورسول الله فاتحهم

وسبطه العقد والمهدي ختمهم

وهل امية لاامت بمغفرة

ولانحت سوحها من رحمة ديم

ولا كمثل بني العباس لارقبوا

الاً ولا ذمة بل رحمهم جذم

جذوا بمثل ما تجني امية بل

على طنابيرهم زادت لهم نغم

الشيخ احمد الستري رغم مؤلفاته ورغم براعته في الفقه والاصول كان من باب التبرك لا من باب اسباب اخرى كان يصعد المنبر في العشرة الاولى من المحرم واحياناً في المناسبات الاخرى تبركاً بهذا العمل كخدمة للحسين عليه السلام وكتبليغ لأحكام الله ولشرع الله. 
لما بني مسجد في جواره بتين نظمهما يعني طلب اليه ان ينظم بيتين فنظم بيتين وضعتا على ذلك المسجد: 

على التقى اسس هذا البنا

فصار للناس به مأنس

نادى به تاريخ اكماله

يامسجداً بالذكر قد اسس

الشيخ احمد الستري البحريني كان متأثراً في سلوكه بالعالم العرفاني الشهير الشيخ ميثم البحراني والذي سبق ان تكلمت عنه ضمن هذا البرنامج وكان يلاحظ الشيخ احمد الستري رضوان الله تعالى عليه في لباسه، في حركاته، في سكنه، في كل وحدات حياته هو يسير على خطى المرحوم الشيخ ميثم البحراني وكان يتردد كثيراً عند قبره ويعزو البعض تردد بعض العلماء على قبر الشيخ ميثم البحراني بأنه للنيل من البركة وطبعاً لما نحن نتحدث بهذا لانقصد البدن انما البركة من القبر بأعتبار ان الارواح موجودة ولايعتريها فناء وهذا موجود حتى في الامم السابقة، تلاميذ افلاطون حينما كانت تستعصي عليهم مشكلة علمية يجتمعون عند قبره فهذا لايعني انهم يستفيدون من جسده انما يعتقدون ان روحه وبركاتها تساعدهم، تمدهم او تشفع لهم عند الله سبحانه وتعالى فيمدهم بالعلم فكان دائماً الشيخ احمد الستري يتردد على قبر الشيخ ميثم البحراني وكان غالباً كما يقال في سيرته يصلي هناك، غالباً المغرب والعشاء ويذكرون عنه انه انقطع عن هذه الحالة او عادته هذه لفترة طويلة فذات ليلة رآى في المنام الشيخ ميثم البحراني يعاتبه او ماهذا الجفاء ففسر المرحوم الشيخ احمد الستري اول هذه الرؤيا بأن الشيخ ميثم يرغب بأن يكون مجاوراً له فأوصى رحمه الله، لما توفي رحمة الله عليه وجد في وصيته انه كان قد اوصى بأن يدفن بجوار الشيخ ميثم البحراني وتوفي فعلاً رحمه الله في البحرين ليلة عيد الفطر عام 1315 هجرية ودفن هناك وكان لغيابه فراغ كبير شعر به المؤمنون جميعاً، تشرفت بزيارة قبره وقرأت له الفاتحة، اسأل الله له الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******