البث المباشر

تفسير موجز للآيات 7 إلى 11 من سورة التغابن

السبت 24 أغسطس 2024 - 11:54 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 1019

 

بسم الله الرحمن الرحيم وبه تبارك نستعين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين.. إخوتنا المستمعين الأكارم السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.. وأهلاً ومرحباً بكم وأنتم تستمعون إلى حلقة أخرى من برنامج "نهج الحياة" حيث سنواصل فيها تفسير سورة التغابن المباركة نستهلها بالإستماع الى تلاوة الآيتين السابعة والثامنة منها فتابعونا مشكورين..

زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ{7} فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَالنُّورِ الَّذِي أَنزَلْنَا وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ{8}

كلمة (زعم)، أيها الكرام، تقال للظن والتخمين الذي لا أساس له ولا دليل، وجاءت في القرآن مصاحبة للإنتقاد في كل الموارد. وجاء في الرواية عن الإمام الصادق (ع) مخاطباً سائله: "أما علمت أن كل زعم في القرآن كذب".

والمراد بالنور في الآية الثامنة هو القرآن الكريم، كما نقرأ في سورة إبراهيم (كتاب أنزلناه إليك لتخرج الناس من الظلمات إلى النور). وجاء في الروايات أن النور هم الأئمة المعصومون عليهم السلام لأنهم القرآن الناطق. يقول الإمام الباقر (ع) واصفاً إياهم: "هم الذين ينورون قلوب المؤمنين".

ومن تعاليم هاتين الآيتين الشريفتين أولاً: مع أن الكفار لا يملكون الدليل ويتكلمون بناء على خيالهم وظنهم، إلا أنهم يطلقون الشعارات بكل ثقة.

ثانياً: في التربية والتعليم يجب طرح شعارات الآخرين أولاً ثم الرد عليها.

ثالثاً: يجوز القسم بالله لأجل رفع شك الآخرين وترددهم في المسائل العقدية.

ورابعاً: يجب أن يكون الإيمان مصاحباً للعمل.

أما الآن، إخوة الإيمان، ننصت وإياكم خاشعين الى تلاوة الآيتين التاسعة والعاشرة من سورة التغابن المباركة..

يَوْمَ يَجْمَعُكُمْ لِيَوْمِ الْجَمْعِ ذَلِكَ يَوْمُ التَّغَابُنِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ{9} وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآيَاتِنَا أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ خَالِدِينَ فِيهَا وَبِئْسَ الْمَصِيرُ{10}

كلمة (التغابن) بمعنى إظهار الغبن، أي أنه يوم القيامة يتحسر الكافرون لعدم إيمانهم والفاسقون لعدم قيامهم بالأعمال الصالحة، والمؤمنون يتحسرون لأنه كان بمقدورهم أن يعملوا أكثر مما عملوا في الدنيا، فكل يشعر بنوع من الخسارة والحسرة والغبن؛ وقد تكون بمعنى أنه يوم القيامة يفكر كل شخص كيف بإمكانه أن يلقي بثقل حمله على كاهل الآخرين.

وقد يكون التغابن بمعنى أن القادة الفاسدين يغبنون أتباعهم وأن الأتباع قد أعطوا بطاعتهم العمياء مجالاً أكبر للحكام ليمعنوا في الفساد وبهذا يكونون قد غبنوهم إذ لو لم يطيعوهم لما استطاعوا التمادي في الفساد.

ومما تعلمه إيانا هاتان الآيتان الكريمتان أولاً: دائماً يجب التذكير بيوم القيامة.

ثانياً: الإيمان والعمل الصالح هو طريق النجاة من الغبن.

ثالثاً: قبل الدخول الى الجنة، بداية يجب أن تمحى سيئاتنا.

ورابعاً: العمل الصالح كفارة للأعمال السيئة.

أما الآن، إخوتنا الأفاضل، ندعوكم للإستماع الى تلاوة الآية الحادية عشرة من سورة التغابن المباركة..

مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ{11}

أيها الكرام،، تشير هذه الآية الشريفة إلى أن الإنسان المؤمن، يؤمن بأن الله عليم و حكيم ورحيم، لذا فإنه لن يصيب أحداً بمصيبة من دون حكمة وعدالة، وكل مصيبة هي نتيجة عمل الإنسان نفسه، أو أنها وسيلة للإمتحان ليصل إلى الرشد والكمال.

والإذن في القرآن هو الإذن التكويني الإلهي مثل إخراج النبات من الأرض بإذن من الله حسب قوله عز من قائل (والبلد الطيب يخرج نباته بإذن ربه) وكذلك هو الإذن التشريعي كما في الآية (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا) يعني أعطى الله تعالى للمظلومين الإذن بالدفاع.

ومما نستلهمه من هذه الآية المباركة، أيها الأفاضل، أولاً: تقع كل المصائب داخل مدار الإذن الإلهي، وليست مصادفة، والله لا يمنع تأثير الحوادث.

ثانياً: الإيمان سبب في جلب الرحمة والهداية الإلهية الخاصة في مقابل المصائب.

ثالثاً: يلهم الله تعالى المؤمنين المصابين طريق العلاج والتحمل والتكليف والصبر.

رابعاً: من يؤمن بعلم الله وإرادته، يصبر ويتوكل عند الحوادث ولا يفقد الأمل أبدا.

وخامساً: إلتفات الإنسان إلى أن علم الله محيط بكل شيء، سبب في تحمل المصائب والثبات أمام المشكلات.

إلى هنا، إخوتنا الأفاضل، نصل وإياكم الى ختام هذه الحلقة من برنامجكم القرآني "نهج الحياة" فحتى لقاء آخر تقبلوا تحيات إخوتكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران، دمتم بكل خير وفي أمان الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة