البث المباشر

تفسير موجز للآيات 31 الى 38 من سورة الصافات

السبت 17 أغسطس 2024 - 13:24 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- نهج الحياة: الحلقة 818-2

 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله محمد وآله الطاهرين؛ السلام عليكم مستمعينا الكرام ورحمة الله وبركاته وأهلا بكم إلى نهج الحياة مع تأمل آخر عند آيات مباركات من سورة الصافات.

 

دعونا أيها الأحبة لنستمع إلى تلاوة مرتلة للآيات 31 حتى 33 من سورة الصافات المباركة:

 

فَحَقَّ عَلَيْنَا قَوْلُ رَبِّنَا ۖ إِنَّا لَذَائِقُونَ ﴿٣١﴾

فَأَغْوَيْنَاكُمْ إِنَّا كُنَّا غَاوِينَ ﴿٣٢﴾

فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ﴿٣٣﴾

 

في الحلقة الماضية بلغ بنا الحديث عن تبرئة كل من الضالين والمضلين من نتيجة العاقبة التي حصل عليها كل منهم وهي تضمّنت إشارات ذات مغزى عن التخاصم الذي يقع بين الأتباع والمتبوعين يوم القيامة وفي جهنّم. وهذا تحذير مفيد لكلّ من يضع عقله ودينه تحت تصرّف أئمّة الضلال. بحيث يحاول كل من منهم في يوم القيامة أن يحمّل الطرف الاخر مسؤولية الانحراف الذي سلكوه في الدنيا ولكن الجدال فيما بينهم لا يجدي نفعا ولا يؤدّي إلى نتيجة، ولا يستطيع أي واحد منهم إثبات براءته. وهنا يعترف أئمّة الضلال بهذه الحقيقة، ويقولون: بهذا الدليل ثبت أمر الله علينا، وصدر حكم العذاب بحقّ الجميع، وسينالنا جميعاً عذاب الله (فحقّ علينا قول ربّنا إنّا لذائقون). وهذا هو مصير الطغاة، الضالّين المضلّين فقد ضلوا الطريق في البداية ثم قاموا بإضلال الاخرين (فأغويناكم إنّا كنّا غاوين).

 

ترشدنا الآيات إلى دروس حياتية مهمة منها:

 

  • سيقر المجرمون بالمواعيد التي وعد بها الله لهم على لسان انبيائه في الدنيا ولكن الاقرار في يوم القيامة لا يجدي نفعها.
  • إن التواصل والرفقة مع الضالين تمهد أرضية الضلال لدى الانسان إلى يوم القيامة.
  • إن اتخاذ الفسقة باعتبارهم قادة في المجتمع الاسلامي يمهد الطريق لتشجيع الظالمين المنحرفين وبالتالي مشاركة الناس في ازدياد عذابهم الاخروي.

 

أما الآن ايها الأحبة نستمع إلى تلاوة الايات34 و35 من سورة الصافات المباركة:

 

إِنَّا كَذَٰلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ ﴿٣٤﴾

إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا اللَّـهُ يَسْتَكْبِرُونَ ﴿٣٥﴾

 

هذه الآيات تشير إلى السنة الإلهية المستمدّة من قانون العدالة في مواجهة المذنبين المجرمين ثمّ توضّح السبب الرئيس الكامن وراء تعاسة اُولئك، وتقول: (إنّهم كانوا إذا قيل لهم لا إله إلاّ الله يستكبرون). إنّ التكبّر والغرور، وعدم الانصياع للحقّ، والعمل بالعادات الخاطئة والتقاليد الباطلة بإصرار ولجاجة، والنظر إلى كلّ شيء باستخفاف واستحقار، تؤدّي جميعاً إلى انحراف الإنسان. إن روح الاستكبار يقابلها الخضوع والاستسلام للحقّ والذي هو الإسلام الحقيقي، الاستكبار الذي هو أساس الظلام، فيما أنّ الخضوع والاستسلام هو أساس السعادة.

 

نتعلم من الآيات المباركات دروسا ومواعظ منها:

 

  • إن وعد الله حق محقق في الدنيا والاخرة ولا يمكن تصور عدم تحققه.
  • إن أصول الذنوب والانتهاكات والانحرافات تعود إلى عدم الرضوخ لتوحيد الله تعالى - لم يكن الانبياء يدعون الناس إلى أنفسهم بل كانت رسالتهم جميعا الدعوة إلى الله تعالى. ولم يجنوا من هذه الدعوة منافع مادية بل واجهوا أقسى أنواع الأذى والتهمة.

 

وهذه تلاوة الآيات 36 حتى 38 من سورة الصافات نستمع إليها:

 

وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ ﴿٣٦﴾

بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ ﴿٣٧﴾

إِنَّكُمْ لَذَائِقُو الْعَذَابِ الْأَلِيمِ ﴿٣٨﴾

 

تشير هذه الآيات إلى أحد التبريرات التي أثاروها المشركون لمواجهة دعوة النبي إلى الله تعالى حيث اتهموه بالشاعر لأنّ كلامه كان ينفذ إلى قلوبهم ويحرّك عواطفهم، وكانوا يعتبرونه (مجنوناً) لكونه وقف موقفاً صلباً أمام العقائد الخرافية التي يعتقد بها المجتمع المتعصّب حينذاك، الموقف الذي اعتبره المجتمع الضالّ في ذاك الوقت نوع من الانتحار الجنوني، في الوقت الذي كان أكبر فخر لرسول الله (ص)، هو عدم استسلامه للوضع السائد حينذاك. هنا تدخل القرآن لردّ ادّعاءاتهم التافهة والدفاع عن مقام الوحي ورسالة النّبي (ص)، عندما قال: (بل جاء بالحقّ وصدّق المرسلين). فمحتوى كتابه من جهة، وتوافق دعوته مع دعوات الأنبياء السابقين من جهة اُخرى، هي خير دليل على صدق حديثه. أمّا المستكبرون الضالّون، فسيذوقون العذاب الإلهي الأليم (إنّكم لذائقوا العذاب الأليم).

 

نستلهم من الآيات معاني منها:

 

  • إن العصبية والإصرار على التقاليد والعقائد المنحرفة يمنع من الرضوخ أما الحق.
  • إن كيل التهم والاستهزاء أدوات يستخدمها أعداء الدين والمذهب لمنع تنمية رقعة الاسلام إن جميع تعاليم الانبياء كلها على مستوى واحد إذ تدعو جميعا إلى التوحيد وعبادة رب العزة والشهادة.

 

إلى هنا وقد انتهت حلقة أخرى من برنامج نهج الحياة نشكركم على حسن المتابعة والى اللقاء.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة