البث المباشر

الصحابي الجليل سلمان الفارسي

الأحد 17 فبراير 2019 - 09:20 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 346

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن امراء الصادقين وقادتهم الصحابي الجليل سلمان الفارسي او سلمان المحمدي(ع)، لم يثبت التاريخ سنة ولادته الا ان وفاته كانت عام 37 هـ على الارجح وذكر المؤرخون ان اسمه بهبود وهو اساساً كما قال ابن ابي الحديد من مدينة رامهرمز في جنوب ايران، قالوا انه من المعمرين وذكروا انه عاش ثلاثمئة وخمسين سنة وكان ادرك وصي عيسى بل ذهب بعضهم الى انه من الاوصياء القدامى وصارت لسلمان بعد اعتناقه الاسلام منزلة خاصة عند النبي الى درجة ان النبي(ص) من فمه تمرة كان سلمان قد تناولها من طبق فيه تمر من الصدقات اخرج وخاطبه يا سلمان يحرم عليك ما يحرم علينا اهل البيت وان الله قد حرم الصدقة على النبي وآله وذريته وفي هذا يقول الشيخ عبدالواحد مظفر رحمه الله:

قيل لي هل مدحت سلمان يوماً

قلت مدح النبي يغنيه عنا

هل يزيد المديح من قال فيه

سيد المرسلين سلمان منا

وقد اكد النبي مراراً على سحقه التعامل بالعرقيات والعصبيات القبلية بقوله لاتقولي سلمان الفارسي ولكن قولوا سلمان المحمدي كان سلمان يكنى بأبي عبد الله فاذا سأل واحياناً يسأله بعض الفضوليين او بعض اللئام ابن من انت؟ فيقول انا سلمان بن الاسلام انا من بني آدم. لسلمان المحمدي موقف هام وذلك بعيد وفاة رسول الله(ص) بثلاثة ايام وذلك في خضم تلك الفتن، خطب سلمان قائلاً: «ايها الناس اسمعوا مني حديثي واعقلوه عني الا واني اوتيت علماً كثيراً فلو حدثتكم بكل ما اعلم من فضائل امير المؤمنين لقال طائفة منكم ان هذا مجنون اي ان الناس لا يستوعبون، ايها الناس الا ان لكم منايا تتبعها بلايا الا وان عند علي بن ابي طالب علوم المنايا والبلايا وميراث الوصايا» وفصل الخطاب واستمر سلمان يتحدث عن شخصية امير المؤمنين(ع) هذا وقد روي عن رسول الله بأشكال متعددة انه قال لو كان الدين في الثريا لناله سلمان وتقول عائشة زوجة الرسول كان لسلمان مجلس من رسول الله ينفرد به ويقول ابن شهر آشوب في وصف سلمان انه اول من صنف في الاسلام وعن بريدة ان النبي(ص) قال ان الله امرني بحب اربعة علي والمقداد وابوذر وسلمان اما في اسد الغاية مستنداً الى انس بن مالك ان النبي قال ان الجنة تشتاق الى ثلاثة علي وعمار وسلمان هذا وتقول السير ان سلمان في البداية ‌لم يكن طليق اللسان حتى دعا له رسول الله قائلاً اللهم اطلق لسان سلمان ولو على بيتين فأنطلق سلمان على الفور قائلاً: 

مالي لسان قأقول شعرا

أسأل ربي قوة ‌ونصرا

اما علاقة‌ سلمان بأهل البيت فمشهودة ‌وكان الامام علي(ع) والزهراء والحسنان ينادونه ياعم وقد جاء في مهج الدعوات ان النبي قال له يا عم سلمان ائت منزل فاطمة فأنها مشتاقة تريد ان تتحفك بتحفة وقد اتحفت بها من الجنة فغدا اليها سلمان فعلمته الزهراء(ع) دعاء النور وهكذا ورد ان الزهراء‌(ع) لما زفت لامير المؤمنين اتى النبي ببغلته الشهباء وثنى عليها قطيفة وقال لفاطمة بنية اركبي وامر النبي سلمان ان يقودها وكان النبي هو يسوقها. 
ووقف سلمان(رض) موقفاً متشدداً من نصرة امير المؤمنين بعد وفاة الرسول مما تسبب سخط القوى الفاعلة آنذاك وهكذا توالت الاحداث وهو متمسك بموقفه من الامام علي وحينما توفيت مولاتنا الزهراء استدعاه الامام وقال له يا عم يا سلمان اقرأ قليلاً من القرآن عند رأس فاطمة كما انه احد الذين اجيز لهم الحضور لتشييع الزهراء فكان هو الرابع فقط ولما انتهى الامام بجثمان الزهراء امرهم بالتفرق ثم التفت الى‌ سلمان قائلاً ياعم خذ بولدي الحسنين واذهب بهما الى‌ الدار هذا كله ينم عن موقعه الخاص عند رسول الله عند الزهراء(ع) عند امير المؤمنين وعند اهل البيت(ع) ورد في تواضع سلمان انه لما كان في المدائن يخرج بملابس عادية فلا يميز بينه وبين سائر الناس فمر ذات يوم رجل سفيه يبحث عن حمال وتصور ان سلمان هو حمال فصاح ايها العلج هلم واحمل هذا فتقدم سلمان وحمل ذلك واوصله الى الباب فلما دفع له الكرى رفض وقال له اذا اردت احداً ان يعاونك فناديه بتأدب لا ياايها العلج ومرة صاح به احد الشباب الضائع فقال له مخاطباً سلمان وهو لا يعرفه يا شيخ الحيتك اطول ام ذنب الكلب وكان يريد اثارته الا ان سلماناً وبهدوء قال له يا بني ان ادخلتني لحيتي الجنة فهي افضل وان ادخلتني النار فذنب الكلب افضل فلما ابتعد الشاب احس بالندم وسأل عنه فقالوا انه سلمان فعاد ادباره يسأل عنه واذا به يصلي في المسجد ولما اعتذر اليه اخبره اني ما دخلت المسجد الا بالدعاء لك بالهداية. 
توفي سلمان الفارسي المحمدي في المدائن عام 37 هـ وحضر تجهيزه امير المؤمنين بطريق الاعجاز كما هو الحال للامام السجاد حينما حضر مواراة ابيه الحسين وحضور الامام علي لتجهيز سلمان يرمز انه من الاوصياء لان امثال هؤلاء والوصي لا يجهزه الا وصي مثله يخاطب الشاعر امير المؤمنين:

وبليلة نحو المدائن قاصداً

فيها لسلمان اتيت مغسلاً

أسأل الله لهذا البطل والصديق الوفي لآل البيت الرحمة والرضوان والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة