البث المباشر

الشيخ أبو جعفر الطوسي المشهور بشيخ الطائفة

السبت 16 فبراير 2019 - 11:56 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 328

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
ومن رموز الصادقين واعلامهم ومفاخرهم العالم الكبير المرحوم الشيخ ابو جعفر الطوسي قدس الله سره الذي يشتهر بأنه شيخ الطائفة واسمه محمد بن الحسن بن علي وهو احد المحمدين الثلاثة، هناك ثلاثة من المحمدين يشتهرون بالمحمدين الثلاثة، الشيخ الطوسي والشيخ المفيد والشيخ الكليني تغمدهم الله برحمته.
الشيخ ابو جعفر الطوسي اعلى الله مقامه هو اساساً من مدينة طوس وهي مدينة قبر الامام الرضا ثامن الائمة(ع) وهذه المدينة هي من اقدم بلاد فارس وهي من المعاهد العلمية المشهورة اصلها في العالم بحيث لما يذكرها الحموي صاحب معجم البلدان يذكر بشكل عابر وللاسف يذكر بها قبر الامام ويقول فيها قبر علي بن موسى الرضا، والاغرب من هذا انه يذكر اسماء جملة من كبار علمائها ولكنه يتجاهل اسم الشيخ الطوسي وهذا لا غرابة فيه لان الحموي كان منحرفاً عن اهل البيت وتجاهل الشيخ الطوسي لانه من كبار علماء الامامية وهكذا مثله مثل الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد يدون كل شئ عن رجال بغداد وعلمائها ولكنه لا يذكر شيئاً عن الشيخ الطوسي رغم ان الخطيب البغدادي تتلمذ على عدد كبير من علماء الشيعة وتوفي بعد الشيخ الطوسي وكانت وفاته عام 463 هـ لكن هذا لامرعجاب.
الشيخ الطوسي شيخ الطائفة ولد في طوس في شهر رمضان المبارك عام 385 هـ وهاجر الى العراق في بداية العقد الثالث من عمره وكان آنذاك زعيم الشيعة والعلماء هو الشيخ المفيد وكان قد انتشر صيته في العالم الاسلامي فلما وصل الشيخ الطوسي الى بغداد لازم الشيخ المفيد وتلمذ على يده وبقي معه حتى توفي الشيخ المفيد في الثالث من شهر رمضان عام 413 هـ وبعد وفاته انتقلت الزعامة الى السيد المرتضى ابو القاسم، الشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي وهنا ايضاً بقي الشيخ الطوسي ملازماً للسيد المرتضى وارتوى من مناهله كما ان الشريف المرتضى اعلى الله مقامه اعتنى بالشيخ الطوسي عناية فائقة لما رأى في شخصيته الموهوبة، وهنا يرتحل السيد المرتضى الى ربه في الخامس من شهر ربيع الاول عام 436 هـ عن عمر ناهز الثمانين عاماً فأستقل الشيخ الطوسي بعد غياب السيد المرتضى بزعامة التشيع واصبحت داره بالكرخ ببغداد محط العلماء والزوار وكان يدرس ويحضر عنده التلاميذ بالمئات حتى عدَّ فيهم ثلاثمئة مجتهد وكذلك يحضر درسه عدد من علماء المذاهب الاخرى وانذاك عين له حاكم بغداد وهو القائم بأمر الله الخليفة العباسي عين له وخصص له كرسياً للكلام والافادة وطبعاً لم يكن هذا حباً به ولكنه كونه تفوق الكل بعلمه وبأجماع الكل.
في عام 449 هـ وقعت قلاقل وفتن واتسعت دائرة المواجهات فأحرقت وللاسف الكثير من المؤسسات ومن جملتها مكتبة بغداد العظيمة المشهورة التي انشأها سابور بن اردشير وزير بهاء الدولة البويهي، هذه المكتبة كانت تضم عشرات الآلاف من الكتب بما فيها عشرة آلاف مخطوط ففي هذا المسار احرقت دار الشيخ الطوسي ومكتبته المهمة ونهبت آثاثه وبعض مقتنياته وصار الخطر يهدد حياة الشيخ الطوسي فهاجر الى النجف الاشرف واشترى داراً ليسكنها قرب الصحن من خالص ماله، سكن هذه الدار ونقل المدرسة العلمية‌ من بغداد الى النجف الاشرف ونظم امرها وازدهرت ازدهاراً واسعاً وانضم اليها المئات من مختلف جهات الدنيا وشكلت الحلقات المنظمة في الدراسة اما عطاءه على صعيد التراث فقد ترك الشيخ الطوسي سبعة واربعين مؤلفاً في مختلف الفنون لكن ابن شهرآشوب في كتابه معالم العلماء اشار الى حقيقة - وطبعاً هناك قرائن اخرى تؤيد هذا- اشار الى ان مؤلفات الشيخ الطوسي الخطية احرقت في فتن بغداد آنذاك.
من اهم كتبه الاستبصار في الحديث والفقه ومن اهمها كتاب الغيبة وهو من اقدم ما كتب في الامام المهدي(عج) ويتضمن اقوى الحجج والبراهين العقلية والنقلية على وجود الامام المهدي(عج).
توفي شيخ الطائفة الشيخ الطوسي في 22 محرم عام 460 هـ عن عمر دام 75 عاماً قضى منها اربعة عشر عاماً في بغداد واثنى عشر عاماً في النجف الاشرف وخسره العالم الاسلامي اذ فقدوا به عماداً ولا يعوض مكانه، فراغ لم يسده احد.
عندما توفي(رض) وجدت وصيته وفيها اوصى ان يدفن بداره المجاورة لحرم الامام امير المؤمنين الدار التي اشتراها من خالص ماله وسكنها وكان يدرس فيها ووجد في وصيته انه اوصى ان تحول داره الى مسجداً يعرف اليوم بمسجد الطوسي والشارع الذي يمتد من باب الصحن الى وادي السلام يعرف بشارع الطوسي وحينما نخرج من باب الصحن بأتجاه وادي السلام وهي باب الطوسي عن اليسار المسجد الاول ولعله هو المسجد الوحيد علي اليسار في ذلك الشارع الذي ينتهي الى وادي السلام، وفي جوار منزله منزل السيد محمد مهدي آل بحرالعلوم تغمده الله برحمته والتي دفن فيها السيد بحرالعلوم والحقت بالمسجد فوسع المسجد وفيه الآن قبران، قبر السيد بحر العلوم وقبر الشيخ الطوسي.
قد ارخ وفاة الشيخ الطوسي بعض الادباء من النجف الاشرف بأبيات مخطوطة على قبره:

يا مرقد الطوسي فيك قد انطوى

محيي العلوم فكنت اطيب مرقد

بك شيخ طائفة الدعاة الى

الهدى ومجمع الاحكام بعد تبدد

اودى بشهر محرم فأضافه

حزناً بفاجع رزءه المتجدد

وبكى له الشرع الشريف

مؤرخاً ابكى الهدى والدين فقدُ محمد

هذا المسجد من المساجد المباركة والميمونة في النجف الاشرف، الى كم اخرج من المجتهدين وفطاحل العلماء، درس فيه دروس الخارج كثير من المراجع القدامى وآخرهم الشهيد شهيد الاسلام المخلد السيد محمد باقر الصدر اعلى الله مقامه وغيره من المراجع. أسأل الله الرحمة والرضوان للشيخ الطوسي والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة