البث المباشر

خباب ابن ارت(س) الصحابي البدري

الأحد 10 فبراير 2019 - 11:24 بتوقيت طهران

إذاعة طهران- مع الصادقين: الحلقة 161

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
من هضبات الصادقين ومن الشهداء الصالحين، الصحابي، الصحابي البدري خباب بن الارت رحمة الله تعالى عليه.
هو من احب الصحابة البدريين، وهو من المهاجرين الاولين والسابقون الاولون من المهاجرين.
خباب بن الارت كان عبداً مملوكاً بمكة واعتق، كان غلاماً لامرأة في مكة تسمى ام انمار وكانت مترفة جداً بالنسبة الى الرسول الله(ص) وضد الرسول فلما علمت بميل هذا الغلام لرسول الله طردته، قيل ضربته.
خباب بن الارت شهد بدراً مع الرسول(ص) وشهد مشاهد اخرى وقد اناط اليه الرسول عدة مهام فأداها بأحسن ما يرام وهو من الذين انتقاهم رسول الله(ص) ليعلم الناس القرآن لان لم تكن مسئلة نقل القرآن كأعظم رساله الهية واعظم مصدر للتشريع، لم يكن امراً سهلاً لو لم يكن له موقع خاص عند النبي، والنبي ينظؤ اليه بأعتماد قوي ما اناط اليه بهذه المهمة، فكان يعلم الناس القرآن وهو الذي علم القرآن سعيد بن زيد وزوجته وهي بنت الخطاب اخت الخليفة الثاني، هذا الاسد هذا الصحابي الجليل عذب في الله بمكة وصبر على دينه، تقول السير بأن قريشاً او قدت ناراً وسحبوا عليها خباباً بن الارت حتى اصفأ وأد ظهره لهيب النار وكانت هذه الممارسات القمعية واثارها بادية على جسده حتى يروى ان الخليفة الثاني يوم من الايام شاهد بعض اثار التعذيب في بدن خباب فتأثر وقال ما رأيتك اليوم كظهر رجل مثل خباب.
صاحب اسد الغابة يروي ان قريشاً البسوه دروعاً حديدية وصهروه في الشمس حتى بلغ منه الجهد مبلغاً ولم ينبطح امام الكفار بل كان صامداً وهذا صنف من صنوف الجهاد الرائعة وهو صنف وقوة الرفض التي تشكل صاعقة كبرى على الكفار.
ذهب بعض المفسرين او سبب نزول هذه الاية "ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه" قال المفسرون بأنها نزلت في سلمان وابي ذر وعمار وخباب بن الارت.
ورأيت ما ذكره صاحب "اعلام الورى" عن خباب (ينقل عن خباب) قال: اتيت رسول الله(ص) وهو متوسد برده في ظل الكعبة وكنا انذاك قد لقينا من المشركين عذاباً شديداً، فقلت: يا رسول الله ادعو لنا بالفرج، فجلس النبي محمر الوجه متأثراً وقال: لقد كان من كان قبلكم ليمشط احدهم بأمشاط الحديد وطبعاً النبي يشرح وضعيت العاملين المجاهدون لله ولدين الله كالانبياء والاوصياء وكيف عانوا ليمشط بأمشاط الحديد وما دون لحمه من لحم او عصب فلم يصرفهم ذلك عن دينهم ويوضع المنشار على مفرق رأسه ويقسم نصفين فلم يصرفه عن دينه وليتمنّ الله هذا الامر حتى ليسير الراكب من صنعاء الى حضر موت لا يخاف احداً الاّ الله.
طبعاً النبي يربي عندهم الروح المعنوية العالية، يعني المسلم يجب ان لا يكون هزّاماً ضعيفاً يجب ان يكون مستبسلاً، قوياً اما اذا كان ضعيفاً وهزّاماً كان عالة على الاسلام.
خباب(رض) ممن كان الامام امير المؤمنين دائماً يذكره ولما يذكره يقول: "رحم الله خباب بن الارت، فلقد اسلم راغباً وهاجر طائعاً وقنع بالكفاف ورضي الله عنه وعاش مجاهداً وابتلي في جسمه (اشارة الى التعذيب) ولن يضيع الله اجر من احسن عملاً".
في الواقع اثار التعذيب شاهد ودليل ومستمسك، كم وكم المؤمنين يعذبهم الطغاة بألوان التعذيب وتبقى اثارها شاهد على مظلومية هؤلاء وشاهد على تفرعن الطغاة، وشاهد يوم القيامة يزيد عذابهم وحسابهم، والله ينتقم من الظالمين وينصر المظلومين.
هذا الرجل ايضاً كان الامام يترحم عليه ولم ينحصر جهاده مع الرسول(ص) فقط، ابن ابي الحديد يذكر ان خباب جاهد بضراوة مع الامام امير المؤمنين(ع) يوم النهروان وكان من خيرة محبيه وانصاره.
سكن خباب الكوفة في دار بسيطة ومات في الكوفة عام 39 للهجرة ودفن هناك وهو اول من دفن بظهر الكوفة من الصحابة وصار دفنه سبباً بأن تصبح عادة لان الناس تعودوا يدفنوا امواتهم في بيوتهم او في افنيتهم او عند ابواب بيوتهم، لكن وصية خباب كانت ان يدفن في مقبرة خاصة فلذلك لما نمر بالسير، تقول السير هو اول صحابي دفن بظهر الكوفة وكان تأكيد الرسول واهل البيت ان مقابر الصحابة كمقابر الصلحاء تبقى رمز جهادي وتاريخي، يقرأ الناس من خلاله دور هؤلاء المتفاني والتضحوي. فكان اهل البيت يزورون هذه المقابر ويترحمون على الصحابة، النبي كان يزور مقابر احد وغيرها وقرأنا في السير ان الامام امير المؤمنين في الكوفة وخصوصاً قبر خباب بن الارت، زاره امير المؤمنين اول مرة، وان الانبياء والائمة لما يزورون قبور الصالحين وقبور الانبياء اشارة بمواقفهم ومن اجل ابقاءهم على الاذهان وليحركوا التاريخ، فلما وصل الامام امير المؤمنين(ع) قبره قرأ هذه الزيارة وهذه الجمل وفي الواقع تحكي دورهم: السلام عليكم يا اهل الديار من المؤمنين.
وكان الامام انذاك راجعاً من صفين و موجع الفؤاد وكان معه عبد الرحمن بن جندب ويقول عبد الرحمن: مررنا بحملة بني عوف في الكوفة وشاهد الامام قبر على خلاف العادة السائدة، لان الموتى كانوا يدفنون متفرقين، فالامام استوقفه المنظر فسأل هذا القبر لمن؟ فقيل له: يا ابا الحسن هذا قبر جناب بن الارت فوقف الامام متأثراً وهو يقول: "السلام عليكم يا اهل الديار من المؤمنين والمسلمين، انتم لنا سلف فارط ونحن لكم عما قليل تبع لاحق، اللهم اغفرلنا ولهم وتجاوز بعفوك عنا وعنهم، طوبى لمن ذكر المعاد" (الامام كان دؤوباً ان يجعل من كل كلمة مدرسة للانسان الآخر) طوبى لمن ذكر المعاد وعمل للحساب وقنع بالكفاف وارضى الله عزوجل ولا يفوتني ان انوه ان معاوية كان من سياساته الجائرة تخريب هذه الاثار والقبور والتشويش عليها.
رحم الله خباب بن الارت وتغمده الله بواسع رحمته. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة