الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآل بيته الطيبين الطاهرين.
اللهم اجعلنا من الصادقين، من اكمل مصاديق هذا المعنى هو حذيفة ابن اليمان الصحابي المشهور.
حذيفة بن اليمان وقيل كان اسمه غير هذا، اسمه حسل وبعد ذلك سمي بحذيفة بن اليمان هذا الرجل العظيم كان صاحباً لرسول الله ولم يكن صاحباً فقط وانما يحمل بعض اسرار رسول الله وهذه مزية اكبر بكثير من كونه صحابي، لان النبي(ص) ما كان يبوح بكل اسراره او حتى ببعض اسراره الى عامة اصحابه لان الطباع تختلف والاصالة تختلف وكذلك الوعي والنضج ايضاً يختلف بين اصحابه، ثم مسألة التقوى ولعل اكثر من ذلك امر نفسي.
وطبعاً النبي(ص) ما كان ملزماً ان يجيب على أي استفسار او الاسئلة التي توجه اليه بحيث ان البعض لم يمتلك الشعور ما يهضم ذلك او ينتهي الامر الى ايجاد عقدة او حالة من الارتداد. والعياذ بالله كما الآية تشير الى هذا: «يا ايها الذين آمنوا لا تسألوا عن اشياء ان تبد لكم تسؤكم» اذن من بين صحابة رسول الله كان هناك نفر لعل عددهم لايفوق عدد الاصابع كان رسول الله(ص)يزودهم ببعض الاسرار، ببعض الغيبيات وفي طليعة اولئك هو حذيفة بن اليمان. حذيفة بن اليمان(رض) كان والياً في المدائن، المدائن هي لعلها قرب بغداد الآن وتعرف ولا تزال مشهورة بهذا الاسم «سلمان باك» وطبعاً وجه التسمية هذا الاسم ان فيه قبر سلمان الفارسي(رض) وطبعاً القبر مشترك قبر حذيفة بن اليمان ومعه سلمان الفارسي او كما قال رسول الله سلمان المحمدي وظهرت له او لهذين العظيمين كرامة كبيرة، طبعاً حذيفة بن اليمان احد المقاتلين المشهورين بصلابته مع رسول الله(ص) وايضا هو كان يشتهر بتشخيص المنافقين، كان عنده تفرس من النوع الشديد في تشخيص المنافق كان يحدق بعينيه في الطرف، قلت بأن هؤلاء في لقاءات سابقة ان المنافقين تسللوا واخترقوا الكثير من التجمعات وربما البعض منهم تصدى صبغة صحابي ولكن كان يبطن عكس ما يظهر مثل كعب الاحبار مثل عبد الله بن سلام وما اكثر نظراء هؤلاء، لذلك كان حذيفة بن اليمان يشتهر بفراسته في تشخيص المنافقين يتفرس في وجوههم واكثر من هذا قال اصحاب السير ان الخليفة الثاني ما كان يصلي على اي جنازة لان تعلمون ان الصلاة على الجنازة ومن هو المصلي لعل كان لها ابعاد معنوية وسياسية فما كان الخليفة الثاني يصلي على أي جنازة الا بعد ان يزكيه حذيفة وهذه حالة طبعاً تستلفت النظر، انه اختيار حذيفة ولم تكن هناك صداقة اصيلة بين الرجلين لكن ربما اعتماد الكل على حذيفة(رض) في هذا التشخيص فكان اذا اقره حذيفة يصلي على جنازته الخليفة الثاني طبعاً حذيفة بن اليمان ابوه(رض) احد الشهداء يوم احد. وسبحان الله استشهد بسيف المسلمين انفسهم وهذه من الصدمات الكبيرة التي صدم بها رسول الله او صدم بها تاريخ الاسلام يوم احد لما صارت الفوضى والهرج والمرج وراح المسلمون يطارد بعضهم بعضاً لانهم لما صار الخلط وكان يصعب التشخيص فقتل عدد من المسلمين بسيوف المسلمين انفسهم وكان احد من استشهد بهذه الطريقة هو ابو حذيفة فشاهده رسول الله شاهد حذيفة واقفاً عند جثمان ابيه وكان غلاماً يفعاً وكان يترحم على ابيه ويترحم ويستغفر لقتلة ابيه، طبعاً لم يقتلوه عمداً فلم يجزع ولم يسبهم وكان يردد هذه الكلمة يغفر الله لهم وهو ارحم الراحمين فأكبر النبي فيه هذه الحالة وشكره ودعا له، طبعاً حذيفة بن اليمان عمل والياً على المدائن سنتين ثم انسحب وحل محله سلمان المحمدي(رض) سلمان الفارسي وبعد وفاة سلمان الفارسي عاد حذيفة الى المدائن مرة اخرى وعمل والياً عليها واقره الامام امير المؤمنين(ع) لما ولي الخلافة وهناك صلة خاصه بينه وبين الامام امير المؤمنين(ع) كما كانت هذه الحالة بينه وبين رسول الله، لاحظت المؤرخين جلهم يكتبون ان لما رجع النبي من تبوك عند عودته في العقبة، ليلة العقبة المشهودة هجم رسول الله وطبعاً هجمت ناقته من قبل اناس وللاسف انهم يتصفون بالصحابة هاجموا ناقة النبي في خطة مدروسة لتنفر به ناقته وكانوا يريدون اغتياله لانه لوسقط والمنطقة كانت صعبة منطقة صخور وصخور حادة ولولا سمح الله رسول الله كان قد سقط لربما كان في ذلك نهايته على أي حال فشلت خطتهم وهربوا وكانوا مقنعين فأحد الاشخاص الذين طاردهم ولحق بهم وعرفهم تقريباً هو حذيفة بن اليمان، حتى ان رسول الله سأله بأنك استطعت ادراكهم او تمييزهم قال نعم يا رسول الله والمؤرخون يرددون وحتى ينصون على الاسماء، عرفهم، عرف بعضهم لرسول الله بأسماءهم وطبعاً هذا السؤال سؤل به رسول الله انه لماذا لم يتخذ النبي(ص) منهم موقفاً شديداً وصلباً ويعاقبهم وينزل بهم العقاب فكان أجاب النبي(ص) انا اكره ان يقال ان محمداً قتل اصحابه، هكذا كان النبي(ص) حذراً اذن فحذيفة كان هو الذي شخصهم وغيره كذلك، اما زمالته للامام امير المؤمنين(ع) وبعد ذلك نلاحظ موقفه يوم غدير خم بعدما بيع الامام امير المؤمنين بالخلافة يوم الثامن العشر من شهر ذي الحجة في حجة الوداع طبعاً ضرب النبي خباءاً وكان الناس يباركون للامام علي ويبايعونه بالخلافة لكن هناك بدأت تطفو على السطح بعض الاحقاد الكامنة في النفوس.
فكان حذيفة بن اليمان يقوم بشبه حالة استطاع يقول حذيفة انا في خيمتي واصغيت الى جماعة مجاورين لي ولم يكونوا على علم اني استمع اليهم واذا بأحدهم يقول ان رسول الله لمجنون اذا امر علينا هذا الغلام الثاني قال ان لم يكن مجنون فهو احمق والثالث يقول رد عليهم قال ان كان احمقاً او مجنون والله لاندع الامر يتم لهذا الغلام من بعده وطبعاً هذه كانت بوادر تلك الردة التي حصلت عندهم بسبب تأثرهم بالنزعات فرفع اذيال الخيمة حذيفة ووبخهم وهو يقول هذا ولازلتم في مكانكم وجاء واخبر النبي(ص) بذلك.
طبعاً له كرامات ومن كرامات حذيفة بن اليمان ان في عام 953 وسع نهر دجلة وشملت التوسعة قريباً من قبر حذيفة وسلمان فالجرافات انهار القبر وعثر على جسده وجسد سلمان كما كان على حالته حتى الخضاب في لحية حذيفة كان لم يضمحل لونه وتلك كرامة من الله للشهداء والمجاهدين الذين حفل بجهادهم العامر نسأل الله سبحانه وتعالى له الرحمة، توفي عام 36 هجرية وقبره هناك مشهور ومزار معلوم. رحمة الله عليه والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
*******