البث المباشر

أكثر الناس شرا في كلام رسول الله (ص)

السبت 8 أكتوبر 2022 - 13:34 بتوقيت طهران
أكثر الناس شرا في كلام رسول الله (ص)

في الحديث عن أبي جعفر محمد الباقر (ع)، قال: "خطب رسول الله (ص) في الناس فقال: ألا أخبركم بشراركم؟"، لأنَّ المجتمع فيه شرار وفيه خيّرون، "قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الَّذي يمنع رفده"، أي يمنع عطاءه،

حيث رزقه الله سبحانه وتعالى مالاً يحتاج النَّاس إليه، وكلّفه أن ينفق من ماله على السَّائل والمحروم، ولكنَّه يحتفظ بالمال لنفسه ويبخل به على الآخرين.

"ويضرب عبده"، حيث كان هناك عبيد وإماء، وكان هناك أناس يملكون الناس مما لم يعد قائماً في عالمنا اليوم، لأنَّ الإسلام في طريقته العملية التنظيمية، استطاع أن يحارب العبودية، ويدفع بالوسائل التي تحرِّر الناس، حتى لم يبق في العالم الإسلامي أيّ عبدٍ وأيّ أمةٍ من دون القيام بثورة لتحرير العبيد.

وعلى كلّ حال، عندما نقرأ "ويضرب عبده"، نستوحي من كلمة العبد أنَّ المراد بها كلّ إنسان يخضع، بحسب موقعه، لهذا الشَّخص، كما هو شأن العمَّال في المصانع أو في الوظائف ممن يخضعون للشَّخص المسؤول عن العمل أو المصنع أو المزرعة، ذلك الشخص الذي قد يضغط عليهم مستغلاً حاجتهم إليه، وقد يضربهم بدون حقّ، وقد يطردهم من دون حقّ، وما إلى ذلك.

"ويتزوّد وحده"، فلا يحبّ أن يأكل إلا وحده، لأنه لا يريد لأحد أن يشاركه طعامه. وربما يعيش حالة نفسيَّة، بحيث إنه يبتعد عن الناس حتى لا ينظروا إليه وهو يأكل، لئلا يطلبوا منه أن يشاركوه في طعامه. "فظنّوا أنَّ الله لم يخلق خلقاً هو شرّ من هذا".

ولكنَّ النبيّ (ص) يقول بعد ذلك: "ألا أخبركم بمن هو شرٌّ من ذلك؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: الَّذي لا يُرجى خيره، ولا يؤمن شرُّه"، أي الإنسان الذي لا يعيش القيم الروحيَّة والأخلاقيَّة والإنسانيَّة، فذلك عندما يعيش في المجتمع، فإنّه لا يفكّر في الخير لأيّ إنسان، سواء كان قريباً أو بعيداً، ولكنه في الوقت نفسه، لا يؤمن شرّه على الناس، لأنه يملك طبعاً عقربياً يؤذي الناس كما تلسع العقرب، لأن طبيعته هي طبيعة شرّيرة وسيّئة. "فظنوا أن الله لم يخلق خلقاً هو شرّ من هذا".

"ثم قال: ألا أخبركم بمن هو شرٌ من ذلك؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: المتفحش اللعَّان"، هذا الذي يتكلَّم بكلمات الفحش ضدّ الناس الآخرين، سواء مع زوجته أو مع أولاده أو مع جيرانه أو مع عمَّاله أو مع كل الناس الذين يعيشون معه، بحيث لا تصدر عنه أيّ كلمة مهذَّبة في هذا المجال، بل يستخدم الكلمات الفاحشة التي قد تخدش للإنسان حياءه، وقد تُسقط له كرامته، "الذي إذا ذُكر عنده المؤمنون لعنهم، وإذا ذكروه لعنوه" ، لأنهم يعرفون أنه رجل لا يتمتَّع بأيّ أخلاق، ولا يتمتَّع بأيّ سمة إنسانيَّة في حياته.

 

* من كتاب "النَّدوة"، ج 18.

السيد محمد حسين فضل الله

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة