وأوضح الباحث السوري المتخصص بالجيوبوليتيك والدراسات الإستراتيجية حسن أحمد حسن في تصريحه لوكالة فارس للأنباء اثر رؤية الإمام الخميني في الصحوة الإسلامية والتطورات في العالم الإسلامي، وقال: بالتحليل الموضوعي يمكن القول باطمئنان كبير إن توقيت انطلاقة الثورة الاسلامية وانتصارها ليس مجرد صدفة اجتمعت بموجبها العوامل والبيئة المطلوبة لولادة هذه الثورة المباركة، بل إن العناية الإلهية واضحة في هذا الحدث المفصلي لمن يريد الاحتكام إلى البصيرة.
وتابع بالقول: لتقدير الدور الذي اضطلعت به الثورة إقليمياً ودولياً من المفيد التذكير بأنها أتت عشية خروج مصر من ساحة المواجهة مع العدو الصهيوني وانطلاق مسيرة التطبيع التي هي تتبيع رسمي وعلني لدول المنطقة ووسمها بالدوران في الفلك الصهيوأمريكي، فجاءت الثورة لتشكل البديل الموضوعي الأكثر فائدة وقدرة لإعادة التوازن إلى طرفي معادلة الصراع كمرحلة أولى تفضي إلى رجحان كفة محور المقاومة، وتبلور معالم النصر الحتمي والناجز والقريب إن شاء لله.
كما أشار حسن أحمد إلى قفزات زمنية غير مسبوقة حققتها إيران الثورة، وبين: ان الأمر الآخر الخاص بالتوقيت وأهميته يظهر من خلال أفول نجم الاتحاد السوفييتي وانتصار الغرب الأطلسي في الحرب الباردة، وتشاء العناية الإلهية أن تولد الثورة قبل ذلك الزلزال الذي أصاب العلاقات الدولية، فأي نظام عالمي كنا نعيشه لو انهار الاتحاد السوفيتي، ولم يكن في إيران ثورة منتصرة استطاعت أن تفرض زخمها واحترامها على الجميع أصدقاء وأعداء؟ وما الذي يستطيع فعله أنصار قوى الاستكبار العالمي إلا ضرب أخماس بأسداس وابتلاع مرارة الهزيمة، وهم ينظرون إلى التقدم العلمي والاقتصادي والعسكري والسياسي و... الخ الذي تحققه إيران الثورة بقفزات زمنية غير مسبوقة، وكلما زادوا من ضغوطهم وشدة عقوباتهم وحظرهم كلما استطاعت الثورة تخطي ذلك وتحويل التحديات إلى فرص، ومنعها من التحول إلى تهديدات.
واعتبر الباحث السوري الثورة الإسلامية في ايران بقيادة الإمام الخميني بشق عصا الطاعة التي يفرضها الغرب على الدول والشعوب وقال: مما تقدم يتضح أن الثورة الاسلامية تحولت إلى ملهم لبقية الشعوب المضطهدة لرفع الصوت وشق عصا الطاعة التي تمكن الغرب الأطلسي من فرضها على الغالبية العظمى من الدول والشعوب.
وعن اسقاط أهداف قوى الكبرى وعملائها في البلدان الإسلامية التي تتمثل في بث الفرقة بين المسلمين رأي الباحث السوري المتخصص بالجيوبوليتيك والدراسات الإستراتيجية أن الفكر العلمي الصحيح، والتفكير الموضوعي السليم وفق المعايير الإستراتيجية ينطلق في أي قرار يعتمد من حساب عوامل القوة والضعف لدى الصديق والعدو، إضافة إلى ثنائية التكلفة والمردودية، وهذا ما طبقته الثورة الاسلامية من دون انغماس بالعلمانية، ولا تلوث بالفكر الغربي المستورد، بل بالحفاظ على الهوية الإسلامية النقية المبرأة من كل رجس وعيب.
واستمر في رأيه موضحا: وقد أدرك سماحة الإمام الخميني قدس سره الشريف أن الفرقة والتشرذم والانقسام تشكل نقطة الضعف الأكثر تأثيراً على المسلمين، كما تشكل نقطة القوة الأهم لدى معسكر الاستكبار العالمي، فكان العمل لتجاوز هذا الواقع الشاذ منذ الأيام الأولى لانطلاقة الثورة، وما إغلاق السفارة الإسرائيلية في طهران وتسليمها للسلطة الفلسطينية إلا الشاهد الأوضح على العمل الجاد لرأب لصدع وتوحيد صفوف المسلمين بغض النظر عن المذهبية والطائفية التي تزيد واقع الفرقة والانقسام مأساوية وتداعيات سلبية تتراكم عبر الزمن.
عن سبب النجاح الثورة الإمام الخميني وما زاد إلى توفيقاتها، شدد حسن أحمد حسن على أن مدَّ يد العون والمساعدة لجميع المظلومين في العالم قد ساهم في توضيح طبيعة الخير التي تحملها الثورة للبشرية جمعاء، وما ساعد الثورة الخمينية على النجاح في هذا المضمار هو الوفاء الذي تميز به أنصار الثورة، ومن انتدبتهم العناية الإلهية ليشغلوا المناصب العليا في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وفي مقدمة أولئك جميعا سماحة القائد الإمام السيد علي الخامنئي دام ظله الوارف، ومعه جميع المقاومين المتمسكين بنهج الثورة وثقافة المقاومة، ولا يستطيع أي منصف هنا إلا أن يذكر بكل القداسة والإجلال سيد شهداء محور المقاومة الحاج قاسم سليماني وجهده الدؤوب لردع أي صدع، وضمان إمداد المقاومة في فلسطين ولبنان والعراق وسورية واليمن ما يمكن أنصار المقاومة من قول كلمتهم بثقة ويقين بأنهم يتكاملون مع بقية أقطاب المحور، وأنهم جميعاً حلقات متصلة في عقد المقاومة الذي يثبت جدارته يوماً بعد يوم، فيقوى بتكامل أداء أطرافه كل من موقعه وحسب ما يستطيع تنفيذه من مهام مقدسة في مواجهة قوى العدوان والاستكبار العالمي.
وبشأن سعي الغرب وأذنابه منع نشر فكر الإمام الخميني وحتى انهم يعتبرونه جرما قال الناشط السوري: أمام الواقع الجديد الذي فرضته الثورة في إيران على كل ما له علاقة بتعامل القوى المتنفذة إقليمياً ودولياً كان من المتوقع أن تسعى تلك القوى إلى التآمر على الثورة، والحقد على أنصارها ومحبيها، فالغطرسة الأمريكية تهاوت أمام الحكمة الإيرانية، والمسؤولون الصهاينة أصبحوا يعانون الأرق والهوس مما أسموه "إيران فوبيا" بعد أن ثبت للقاصي والداني أن الثورة الإسلامية في إيران قد انتقلت بالدولة والمجتمع من حال إلى حال، وأن محاولات الانقضاض على الثورة لم تزد قادتها إلا تمسكا بقيهما وأفكار قائدها الخميني قدس سره، وهكذا استطاعت إيران تجاوز مطب الحرب التي شنها صدام حسين ضدها دولة وثورة وشعباً ، وكان لوقوف سوريا حافظ الأسد مع إيران الثورة دور مهم في تصليب عود المقاومة أكثر فأكثر إلى أن قويت وعادت شوكة في عيون الاستكبار العالمي وخنجرا في حلوق أتباع المستكبرين والظالمين.
وأكد حسن أحمد: وها هي إيران الثورة اليوم تكمل دورها الريادي المشرف بقيادة سماحة الإمام الخامنئي دام ظله، وتثبت للعالم أجمع أن أمريكا وكل من معها ليس قدراً، بل بإمكان أصحاب الإرادة والكرامة التمسك بحقوقهم والدفاع عنها، وإلحاق الهزيمة بمشاريع الهيمنة والنفوذ والتشظية والتقسيم، ولنا من صمود سوريا في مواجهة أقذر حرب عرفتها البشرية وانتصارها بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد على الإرهاب التكفيري المسلح ورعاته وداعميه خير شاهد على أهمية الدور الذي تضطلع به إيران الثورة في دعم المقاومة في العراق ولبنان وفلسطين واليمن وأماكن أخرى، وبالتالي قد يكون السؤال الأكثر صحة: لماذا لا يسعى الغرب وأذنابه إلى منع انتشار فكر الإمام الخميني قدس سره؟ ... الأمر الطبيعي أن يسعى أولئك إلى هدم كل ما يمنع استمرارية تفردهم بالقرار الدولي، والأمر الطبيعي أن يضع أولئك على رأس لائحة الاستهداف مَنْ كَسَّرَ أنيابهم المسمومة ومخالبهم القذرة، واستطاع أن يفرض هيبته واحترامه إقليمياً ودوليا.. مَنْ حَّوَل إيران إلى قوة علمية واقتصادية ودبلوماسية وعسكرية تدخل النادي النووي والفضائي ونادي الصناعات الحربية الثقيلة.. مَنْ تَمَكَّنَ بتفرد وإبداع من تصدير تقنية تصنيع الصواريخ والطائرات المسيرة وإيصالها إلى بقية أقطاب محور المقاومة.. من تحدى عقوبات وحصار قوى البغي والعدوان مهما تعددت وتغيرت أشكالها ومسمياتها، واستطاع تفريغها من مضمونها.
وختم الباحث المتخصص بالجيوبوليتيك والدراسات الإستراتيجية حديثه بالقول: من الطبيعي أن يسعى أعداء الثورة إلى محاربتها والتضييق عليها، ولكن الأهم معرفة كيف نستطيع نحن أنصار نهج المقاومة أن نفعل ما يزيدنا قوة وفاعلية رغم أنوفهم، وهذا ما يجسده الأوفياء أنصار هذه الثورة المباركة بالقول والعمل، وهم على يقين أن النصر قاب قوسين أو أدنى، ومهما حاول أعداء الثورة منع انتشار أفكار الإمام الخميني، ومهما سعوا لإلصاق التهم الباطلة بهذه الثورة فجهودهم ستذهب أدرج الرياح، ولعل خير ما أختم به جوابي على هذا السؤال المهم الاستشهاد بقوله تعالى في الآية 32 من سورة التوبة: (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ). صدق الله العلي العظيم.
أجرى الحوار: معصومة فروزان