والكتاب دراسة أكاديمية وتطبيقية حول السياسة الخارجية الإيرانية من شخصية باحثة وأكاديمية عايشت الثورة الإسلامية الإيرانية منذ انطلاقتها ورافقتها من داخل مؤسساتها طيلة العقود الأربعة الماضية ومن هنا أهمية هذه الدراسة كونها تجمع بين الجانب النظري والأكاديمي والتطبيقي.
ويتضمن الكتاب شرحا مفصلا للأسس والمنطلقات النظرية للسياسة الخارجية الإيرانية وكذلك مرتكزات النظام السياسي الايراني وما هي المنطلقات والثوابت التي حددها الدستور الايراني للسياسة الخارجية.ومن ثم يستعرض الكتاب آليات اتخاذ القرار في الجمهورية الإسلامية الإيرانية ودور مختلف المؤسسات الدستورية والسياسية ومراكز الدراسات والبحوث في صنع القرار حول السياسة الخارجية.
وبعد ذلك يتحدث الدكتور خامه يار وهو المستشار الثقافي للجمهورية الاسلامية الايرانية في بيروت عن كيفية تطور السياسة الخارجية الإيرانية طيلة المرحلة الممتدة منذ انتصار الثورة وحتى العام ١٩٩١ اي بعد انتهاء الحرب الإيرانية - العراقية وكل التطورات التي شهدتها إيران طيلة تلك الفترة وكذلك التطورات الإقليمية والدولية التي أثرت على السياسة الخارجية الإيرانية.
رؤية واضحة وشاملة لكيفية تطور السياسة الخارجية الإيرانية
والكتاب رغم كونه يتناول مرحلة سابقة من تاريخ إيران لكنه يقدم رؤية واضحة وشاملة لكيفية تطور السياسة الخارجية الإيرانية وآليات اتخاذ القرار والأسس والمنطلقات التي تحكمها وكل ذلك يساعد الباحث اليوم في فهم السياسة الخارجية الإيرانية ومواقفها من مختلف التطورات الإقليمية والدولية.
يتحدث الكاتب في مقدمة كتابه و يقول : إن الثورة الشعبية التي انتصرت في شباط (فبراير) عام 1979، هي أعظم ثورة في تاريخ إيران الطويل منذ 2500 عام. فهي حدثٌ نادرٌ هزَّ المجتمعات الإسلامية وترك أثره على مجمل العلاقات الدولية؛ إذ أنهى نظاماً إمبراطورياً عريقاً عُرف بانحيازه المطلق إلى الغرب، وأقام نظاماً جمهوريّاً يتمتّع بسماتٍ خاصة تمتاز بإسلامية المنطلق وشعبية الممارسة مع دورٍ بارزٍ لعلماء الدين. وأثبتت هذه الثورة بعد مرور أكثر من عقدين (من تاريخ هذه الدراسة) رسوخَ أقدامها في المجتمع الإيراني وقدرتها على مواجهة التحديات الخارجية.
لا شكَّ في أنَّ الثورة الإسلامية في إيران، من وجهة نظر الأنصار والخصوم حدثٌ استثنائيٌ وسط أحداث عصرنا الراهن، ولعلها أهم حدث شهده العالم الإسلامي في مرحلة ما بعد سقوط الخلافة العثمانية، وهي «ليست منعطفاً مهمّاً في التاريخ الإسلامي فحسب... وإنما كانت أيضاً أهم علامة لما يطلق عليه (ظاهرة الإحياء الإسلامي) في سبعينات وثمانينات القرن الماضي؛ بل ربما كانت هي الواقعة الأساس التي سوغت الحديث عن تلك الظاهرة ودفعت بها إلى مجال الدراسة والاهتمام».
ويضيف الكاتب : وهذه الدراسة محاولة للبحث في هذه الظاهرة الجديدة؛ تحديداً خلال العقد الأول من انتصار الثورة الإسلامية؛ إذ تعدّ الجمهورية الإسلامية الإيرانية أول دولة دينيّة في هذا العصر، من خلال تسليط الضوء على مبادئ السياسة الخارجية الإيرانية ونظريّاتها خلال هذه الحقبة؛ أي من عام 1979م إلى عام 1991م، والدور الإيديولوجي البارز في صنع القرار لدى القيادة في هذا المجال؛ إذ تعبّر سياسة إيران الخارجية في هذه الفترة عن طريق انخراط إيران في العلاقات الدولية، وهي بالتالي أداة رئيسة لتحقيق الأهداف التي حددتها القيادة الإيرانية ونظراً إلى ما تمثله السياسة الخارجية من موقع مركزي في السياسة العامة لاعتبارات عدّة. أما المراحل اللاحقة بعد انتصار الثورة فنترك الحكم بشأنها للقارئ والباحث للإجابة عن سؤال ديمومة هذا النظام وثباته بعد مضيّ أربعةعقودٍ على انتصار الثورة، لا سيما في ظلّ التطورات وأمام التحديات والعقوبات الراهنة. ولمّا كان كلّ نظام يحتاج في ديمومته واستمراره وثباته إلى مبادئ واضحة حتى يتخذ شكلاً مؤسساتيّاً.
وزير خارجية لبنان الاسبق: يتناول الكتاب موضوعاً حسّاساً يتعلق بالسياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية، منذ عام 1979 وحتى التسعينيات من القرن الماضي
ويقدم للكتاب وزير خارجية لبنان الاسبق الاستاذ عدنان منصور الذي يقول : يتوقّف القارئ ملياً أمام كتاب الدكتور عباس خامهيار المعنون بـ «السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية في إيران: دراسة في المبادئ والنظريات (1979-1990م) والذي يتناول فيه موضوعاً حسّاساً يتعلق بالسياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية، منذ قيامها عام 1979 وحتى التسعينيات من القرن الماضي. وهي سياسة ترتبط مباشرة بثوابت الثورة ومبادئها والركائز المستقبلية للنظام والدولة والمؤسسات.
و يرى عدنان منصور : الدكتور عباس خامه يار، سلط الضوء بشكل لا لبس فيه، على مسار إيران قبل الثورة عام 1979، وما عانته من قوى التسلط والهيمنة، على مدى أكثر من قرنين من الزمن، مروراً بالسنوات الأولى للثورة والحرب المفروضة المدمِّرة، والعلاقات الإيرانية الأمريكية، والإيرانية الأوروبية، والإيرانية العربية، ووقوفها بجانب الأنظمة الوطنية.
كتاب الدكتور عباس خامهيار، جديرٌ بأن يتوقّف القارئ أمامه، نظراً لغزارة المعلومات، ودقّة المراجع، وأهمية الموضوع وهو السياسة الخارجية الإيرانية، لدولة لها مكانتها الإقليمية والدولية، مالئة الدنيا وشاغلة الناس.
فهذا الكتاب يأخذنا به الكاتب في رحلة طويلة ممتعة تغوص في عمق تاريخ إيران حتى وقتنا الحاضر، كتاب حمل في ثناياه حضارة وثقافة وعمراناً وفكراً وإشعاعاً وسياسة ما زالت آثارها تسطع حتى اليوم.