درج العالم على سماع أخبار الاعتقالات بين اوساط القادة السعوديين السياسيين والعسكرين تحت مبررات الفساد ، يتضح لاحقا تعدد اسباب هذه الاعتقالات بين توطيد مكانة ولي العهد محمد بن سلمان ، او البحث عن اموال لسد عجز الخزينة السعودية التي تستنزفها بشكل كبير الميدان اليمني دون نتائج تساوي ذلك الانفاق ويقول معهد واشنطن لدراسات الشرق الأوسط انه يقترب من 6 مليارات دولار شهريا وليس معلوما ايجار الفرقاطات والاقمار الصناعية والصرفيات غير المباشرة المرتبطة بالحرب.
ووفقًا لمعهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام ومرصد المساعدة الأمنية الأمريكية، فإن السعودية أنفقت على صفقات شراء السلاح من أمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا ما يصل إلى 82 مليار دولار، تشمل شراء أسلحة وذخائر وتدريب عسكريين سعوديين.
منذ فبراير 2020م ومع بدء عمليات البنيان المرصوص العسكرية والتي استرجع الجيش واللجان الشعبية اليمنية فيها مساحات استراتيجية وشاسعة من الاراضي ، وقلبت صنعاء من خلالها مجريات الميدان اليمني المتأرجح على خاله طيلة 4 سنوات باستثناء اختراق بسيط هنا او هناك.
مثلت عملية البنيان المرصوص بأيامها العشرة انجازا مذهلا لكل جنرالات ومخططي الحروب .
ولاريب ان قرار استبدال الفريق الركن تركي بن فهد قد اتخذ في هذه الاثناء بين ابريل ومارس مع توسع العملية العسكرية الى مأرب وسقوط الجوف وتهديد معقل السعودية الاخير في شمال اليمن.
في الساحل الغربي الحضور الاماراتي هو الطاغي ، وربما كان هذا مقصودا لتمهيد تحرك العنصر الاسرائيلي بأريحية عقب توقيع الامارت والكيان الصهيوني اتفاقية سلام وتعاون علنية ،يغلب عليها الطابع الامني بالنظر الى تكرار زيارة المسئولين الامنيين الصهاينة الى ابو ظبي منذ الساعات الاولى اعلان الاتفاق امثال رئيس جهاز الموساد الصهيوني ، ورئيس الامن القومي الصهيوني مائير شباط رفقة جاريد كوشنر مستشار الرئيس الامريكي وصهره ، واتصالات جرى تبادلها بين وزيري الدفاع الاماراتي والصهيوني.
ومؤخرا سقط قائد قوات التحالف في اليمن اللواء عبد الحميد المزيني في ضربة صاروخية بمأرب تكتمت عنها الرياض وخسر خلالها التحالف عدد من ضباطه وعشرات الضباط اليمنيين المرتزقة، واظهرت الصور لمكان القصف أن صنعاء استخدمت صاروخا دقيقا وذو تقنية عالية طال مكان الاجتماع بهامش خطأ يكاد يكون صفري.
ويبدوا ان الصاروخ الذي لم تعلن صنعاء عن اسمه او خصائصه ، وصل بتأثيره الى القيادة العليا للتحالف للرياض واطاحت بقيادة عاصفة الحزم ، وأيا يكن سقوطا بصاروخ او بإقالة فالنتيجة تحتسب لصالح صنعاء.
هاهو العام الفين وعشرين يلفظ أشهره الاخيرة بسقوط قادة كبار في عاصفة الحزم التي انطلقت عشية ال26 من مارس 2015م .
لا يمكن الحديث عن عام 2020م الا بوصفه عاما سيئا للغاية للرياض وتحالفها بعد خمس سنوات ونصف من الغرق في المستنقع اليمني ، والخسائر الكبيرة في صفوف الحلفاء ، واخر هؤلاء خسارة تنظيمي داعش والقاعدة لمعاقلهما التاريخية في قيفة ويكلا في صورة دراماتيكية وسريعة وثقيلة جدا على التحالف والجانب الامريكي الذي وضع الكثير من اوراقه في جعبة التنظيمين لزرع الرعب في الجبهة الداخلية والقتال الشرس في مواجهة خصوم الولايات المتحدة.
يستحق الامير تركي بن فهد ماناله فهو قارىء غير حصيف وهذا أولا لتبدل اوراق الحرب واحجار الميدان ، نهاية عام 2019م نجح الجيش واللجان الشعبية في اسقاط وحصار 5 الوية تتبع السلفية المتشددة وهذه كانت على ارتباط مباشر بقيادة العمليات السعودية وادارة الامير تركي تحديدا كان بمثابة رسالة الى قائد التحالف وقيادته في الرياض.
مشاهد الأسر الهوليودية لكنها على ارض الواقع لكتائب باكملها من منتسبي الوية الفتح في كتاف الحدودية مع السعودية - وصل العدد الى نحو 2500 عنصر - كانت مؤشرا وجرس انذار على هذا التحول وضرورة تغيير تكتيكات القتال او انهائه في ظل استنفاذ الرياض وتحالفها كل الخطط العسكرية التي عرفتها البشرية في الميدان اليمني.
القيادة اليمنية حاولت بكل السبل دفع السعودية الى الاقرار بعقم الحل العسكري مرارا وهذا ثانيا عبر عمليات عسكرية نوعية ومحدودة، عمليات كتاف كانت احداها فقط وظهرت مشاهدها الى الاعلام ، البقية تتحدث مصادر مطلعة انها تتعدى المناطق الحدودية الى العمق السعودي ويحتفظ الجانب اليمني بتوثيق كامل لمجريات تلك العمليات أملا في ان تنصاع الرياض لدعوات العقل والحكمة بوقف القتال ورفع الحصار.
اعتقال الرياض لقائد القوات المشتركة يراه خبراء ضرورة معنوية لرفع معنويات الجيش السعودي وحلفائه الذيت يفتقدون روح الانتماء للأرض، امام سلسلة الهزائم الاخيرة التي يتعرض لها التحالف ومرتزقته خاصة في شمال اليمن ، واتاحة الفرصة للقائد الجديد الفريق الركن/ مطلق بن سالم الازيمع في التحرك بشكل اكبر لمحاولة انقاذ مأرب معقل التحالف واهم انجازاته في الميدان اليمني ، والتي توشك على السقوط ، وتجهد الرياض ومعها بريطانيا لمنع حدوث ذلك بجهد عسكري وضغط اقتصادي وسياسي لم يستثن قطع المساعدات الانسانية واستمرار منع سفن النفط من دخول ميناء الحديدة يضاف الى قطع الرواتب واشكال الحرب الاقتصادية لخنق الاقتصاد اليمني الصامد نسبيا .
ومن المبكر الان قياس مدى التخلخل الذي سيحدثه اعتقال قائد القوات المشتركة تركي بن فهد في صفوف حلفائه ، خاصة ان يتمتع بولاء خاص وتربطه روابط وثيقه بالجنرال العجوز على محسن ، حيث تولى انقاذ الاخير وتهريبه عقب ثورة 21 سبتمبر 2014م بمروحية الى جيزان ، لكن المعلوم ان لعنات الاف الضحايا من النساء والاطفال والمدنيين في اليمن شيعت مجرم الحرب هذا الى زنزانته.
المصدر: المسيرة نت * ابراهيم الوادعي*