حدث هذا من دون مقاومة عربية واسلامية رسمية او شعبية في وقت استغل فيه الكيان الصهيوني الغاصب هذا الخمود لانشاء مستوطنات غير شرعية في الضفة الغربية امتد نطاقها الي مناطق في اغوار الاردن على مرأى العالم ومسمعه.
اميركا التي تعيث فسادا في المنطقة تجاوزت مرحلة التغاضي عن ممارسات اسرائيل التوسعية الى مرحلة تاييد هذه السلوكيات العدوانية وايجاد الذرائع والمبررات لها لتؤكد بذلك على انها راعية للارهاب الصهيوني المتخذ اشكالا عديدة منذ اكثر من سبعين عاما.
ان تصريحات السفير الاميركي لدى الاحتلال ديفيد فريدمان بان الولايات المتحدة مستعدة للاعتراف بسيادة الصهاينة على غور الاردن ومستوطنات الضفة الغربية خلال الاسابيع المقبلة حال اعلنت "اسرائيل" فرض سيادتها عليها، جاءت لتبين عمق التحالف البغيض الذي لم يعد يعبأ بأية ضوابط وقوانين دولية تمنع مثل هذا الاجراءات الاحتلالية.
وامام ما يجري من اغتصاب تعسفي للاراضي والحقوق الفلسطينية لا نجد مناصا من تحميل الانظمة العربية المسوغة للتطبيع مع العدو الصهيوني سياسيا واقتصاديا وثقافيا، مسؤولية هذا الاذعان المشرب بالعار والخسة، سيما وان هذا التوجه بات يكتم انفاس الشعب الفلسطيني ويجعله ينفجر بين فترة واخرى احتجاجا على الظلم الاستكباري الصهيواميركي وما يستتبع ذلك من تضحيات كثيرة يقدمها المنتفضون الشباب وهم يتحدون العلو الاسرائيلي الكريه واجراءات الاستحواذ على بلداتهم واراضيهم ومزارعهم.
في غضون ذلك دعت القوى الوطنية والاسلامية الفلسطينية امس الاربعاء في قطاع غزة الى رفض التطبيع بكافة اشكاله الاقتصادية والثقافية باعتباره (جريمة يجب رفضها ومجابهتها بكل السبل المتاحة). كما دعا المجتمعون في غزة الى اعتبار يوم غد الجمعة يوما لمناهضة التطبيع ومقاومته).
من الواضح اننا امام مسؤولية مصيرية الان تحتم على الجميع التصدي لمجمل التحديات التي تسعى الى تضييق الخناق على الامة الاسلامية والعربية، لان ما يجري حاليا على الارض يفوق مخاطرها عن مجريات الاعوام القليلة الماضية.
ان واقع التطبيع ينطوي على تهديد مصيري يرتبط بمبدأ (ان نكون او لا نكون)، وهو منحى يجب ان يعزز القلق فينا مخافة ان تنقاد شعوبنا اختياريا الى هاوية ابادة نفسها بنفسها ابادة تامة من حيث تشعر او لا تشعر.
ومن المهم الاشارة الى ان منطقة غرب آسيا تعيش اليوم كالمرجل وذلك بلحاظ التحركات العسكرية الاميركية الاستفزازية في العراق وشمال سوريا والسلوكيات العدوانية الصهيونية في فلسطين وضد سوريا ولبنان بالاضافة الى دخول تركيا على خط الفتنة التكفيرية دفاعا عن التنظيمات الارهابية واحتلالها لمعظم محافظة ادلب، وظهور عصابات داعش من جديد في مناطق صلاح الدين وديالى والموصل بالعراق.
الى جانب ما ذكر فان شعوب المنطقة تجد نفسها في بؤس واحباط شديدين نتيجة الظروف الاجتماعية والمعاشية التي باتت تكبل قدراتها اللازمة لمكافحة البغي والعدوان.
وازاء ذلك فان المطلوب الان صحوة ثورية شاملة تحرر الامة من التاثيرات القاتلة للتطبيع العربي ـ الصهيوني، وعندئذ لن يجد المسلمون صعوبة في مقارعة المؤامرة الاميركية ـ الصهيونية، وتحطيمها على صخرة التلاحم والوحدة والتضامن حفاظا على حقوقهم وكرامتهم و عزتهم.
بقلم الكاتب والاعلامي
حميد حلمي البغدادي