ولهذا السبب وبعد أنّ عَلِمَ آل سعود أنّهم لن يتمكنوا من الوصول له، بدأوا بكيل سيلٍ من الشتائم والتهديدات التي وإنّ كانت جوفاء، فإنّه يجب أخذها بعين الاعتبار؛ فهم قومٌ خَبِروا طرق القتل جيّدًا ويُتخوّف من تنفيذهم لتهديداتهم تلك.
تساؤلٌ مشروع ذلك الذي طرحه الريّان حول ما إذا كان آن الأوان لتغيير اسم المملكة العربية السعودية وعلمها، وكتب ريّان في تغريدته التي جلبت له التهديد بالقتل: "أما آن الأوان إلى تغيير اسم المملكة العربية السعودية والعلم السعودي إلى المملكة العربية السلمانية، وحذف عبارة لا إله إلّا الله محمد رسول الله والسيف من العلم الحالي، نظر لتغير الاعتبارات السياسية والدينية والعائلية التي قامت على أساسها مملكة آل سعود؟".
لا ريب أنّ من شبَّ على شيءٍ شاب عليه، وأنّ الطبع غلب التطبع، وهذا هو ديدنهم لآل سعود ومرتزقتهم من الذباب الإلكتروني، والتهديد بقتل الريان وإن اعتبره البعض ليس أكثر من تهديدات جوفاء هدفها إخافته وثنيه عن متابعة تغريداته التي يُتابعها أكثر من مليون وسبع مائة ألف مُتابع؛ إلّا أنّها تحمل من الحقيقة والجديدة الكثير، ومقتل الصحفي جمال الخاشقجي في قنصلية بلاده خيرُ دليلٍ على ذلك.
ومن سيرة حياة عائلة آل سعود، نستطيع الخروج بأنّ هذه العائلة لا تتوانى عن فعل كافة الموبقات في سبيل البقاء على عرش الجزيرة العربية، وهي ثوابت يتوارثها آل سعود جيلًا بعد آخر، وخير مثال على ذلك فيصل الدويش الذي سُجن وقتل في سجنه عبرةٌ لأولي الألباب من الذين رافقوا تشكيل الدولة السعودية الثالثة.
فالدويش الذي كان المساعد الأبرز لعبد العزيز آل سعود، ويده التي يبطش بها غير أنّه وبعد انتهاء دوره "الوظيفي" أودعه السجن ليُقتل هناك، وهو الحال ذاته الذي انتهى إليه الخاشقجي وهو المعروف بأنه أحد أعمدة الصحافة السعودية والمستشار الإعلامي لرئيس الاستخبارات السعودية الأمير تركي الفيصل.
فالريان وإن كان بعيدًا عن العمل مع السعوديين؛ لكنّه لن يكون بعيدًا أبدًا عن مقاصلهم التي اعتادت قطع رأس أيَّ مناوئٍ لهم من كان وأينما كان في سبيل إسكات أيَّ لسان من شأنه التعرض لحكم هذه العائلة، ومن هنا يمكننا التأكيد أنّ تهديدات آل سعود وذبابهم الإلكتروني يجب أخذها على محمل الجد، فهؤلاء قومٌ اعتادوا القتل للوصول إلى مآربهم، فالغاية عندهم تبرر الوسيلة.
لماذا الآن؟
سابقًا؛ وبعد كلُّ تغريدة كان يطلقها الريّان ينهال عليه سيلًا من السباب والشتائم القذرة التي يأنف الإنسان عن ذكرها، تلك الشتائم كانت تطال والدته حينًا، ووالده أحيانًا أُخر وتتهمه بالعمالة للاحتلال الإسرائيلي، لكن الشعرة التي قصمت ظهر البعير كانت التغريدة التي أطلقها مؤخرًا والتي ذكر فيها أسباب فقدان السعودية ثقة الأمة الإسلامية، حيث كتب الريّان: "لماذا فقدت السعودية ثقة الأمة الإسلامية؟ لأنها تآمرت على الربيع العربي وعلى فلسطين وعلى سوريا واليمن ودعمت الانقلاب في مصر لأنها حاصرت قطر، لأنها قتلت خاشقجي في القنصلية، لأنها بددت أموال المسلمين، لأنها سيست الحج والعمرة لأنها نشرت الرذيلة في بلاد الحرمين".
بعد هذه التغريدة بدأت الماكينة الإعلامية التابعة للسعودية باستهداف الريّان تحاول النيل منه ومن تاريخ عائلته وخلق أكاذيب من شأنها تشويه سمعة الرجل، وبناء قصص ما أنزل الله بها من سلطان من خلال تزوير الوثائق التاريخية بهدف استغلالها ضدّ الريّان وإظهارها إعلاميًّا والتركيز عليها، والهدف من ذلك هو إشغال الرأي العام العربي والإسلامي بتلك الوثائق وإبعاده عن التفكير بما يكتبه الريّان هذا من جهة، ومن جهةٍ أخرى إسقاط الريّان كقائد للرأي العالم في العالم العربي وإسباغ صفة الخيانة على عائلته حتى يسقط اعتباره بين الناس.
اليوم؛ وبعد أن تفرّق دم الخاشقجي بين القبائل، وبُرِّء القاتل الحقيقي، هل يستطيع المذيع الفلسطيني جمال ريّان الحفاظ على حياته بعيدًا عن منشار ابن سلمان، وهل يذهب الريّان إلى محكمةٍ دولية حاملًا كلّ تلك التهديدات علّه يجد من يُنصفه في تلك المحاكم بعد أن شهدنا جميعًا الحالة المُزرية التي وصلت إليها محاكم آل سعود من خلال تبرئة عدد من قتلى الخاشقجي (أحمد عسيري وسعود القحطاني) وعدم اتهام القاتل الحقيقي وهو محمد بن سلمان؟
موقع الوقت