بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام علي خير النيين سيدنا محمد واله الطاهرين والسلام عليكم مستمعينا الكرام اهلاً بكم في حلقة اخري من هذا البرنامج حيث ننور مقلنا بنور القرآن ربيع القلوب ومسلك البصيرة والعرفان.
يقول تعالي في الأية التاسعة والستين بعد المئة من سورة آل عمران:
ولاتحسبن الذين قتلوا في سبيل الله امواتاً بل احياء عند ربهم يرزقون
جاء في كتب التاريخ والسيرة المطهرة ان سبعين من المسلمين قد قتلوا في واقعة احد فأنتهز المنافقون في المدينة هذه الفرصة ولبسوا لباس المحبة الزائفة امام أسر الشهداء وادعوا ان النبي(ص)واصحابه هم السبب في موت هؤلاء النفر من المسلمين وللاسف كان هذا العمل السبب في اضعاف معنويات البعض ومن جانب آخر كان ابو سفيان ابن حرب رأس الكفر والشرك في مكة قد اعلن ان هؤلاء السبعين قتيلاً هم بدل السبعين من الكفار الذين قتلهم المسلمون في واقعة بدر فأنزل الله تبارك وتعالي هذه الآية الكريمة لترد علي اراجيف الكفار والمنافقين تلك وبين معني الشهادة في سبيل الله ورد علي ابي سفيان بان قتلي المسلمين في الجنة وقتلي المشركين في النار ولاريب ان الشهادة درجة رفيعة ينالها المومن. كما يستفاد من بعض الروايات ان فوق كل حسنة حسنة الا الشهادة فليس فوقها شئ ومن هنا نلاحظ كذلك ان الانبياء والاولياء عليهم السلام كانوا علي الدوام يطلبون من الله ان يرزقهم الشهادة في سبيله ونتعلم من هذه الأية المباركة كذلك اموراً منها:
اولاً: من يتصور ان الشهادة هلاك وضرر انما يسلك طريقاً معوجة في التفكير.
ثانياَ: ان الشهادة ليست نهاية الحياة، بل هي بداية الحياة الالهية. فما اكثر الاحياء وما اكثر الاموات الآحياء.
وقد جسد ائمة الهدي (ع) المعني السامي للشهادة وفي مقدمة هؤلاء العظام ابو الاحرار وابي الضيم وسيد شباب اهل الجنة وسيد شهداء العالمين الامام الحسين بن علي عليهما السلام الذي سجل علي ربي الطف في صحراء كربلاء اروع ملحمة للشهادة في سبيل الله والعقيدة والمبدأ.
ويقول تعالي في الايتين السبعين والحادية والسبعين بعد المئة من سورة آل عمران المباركة:
فرحين بما آتاهم الله من فضله ويستبشرون بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم الاخوف علهم ولاهم يحزنون يستبشرون بنعمة من الله وفضل وان الله لايضيع اجر المؤمنين
تبين هاتان الأيتان سرور وحبور الشهداء الذين نالوا هذه الدرجات العالية من القرب الالهي والذي يستفاد من أيي الذكر الحكيم ان للشهداء الابرار حياة هانئة في البرزخ فيها الاستبشار والفرح بهذه العطية الالهية التي لاينالها الاذو حظ عظيم. ان رسالة الشهداء حركة في سبيل الله وفي الشهادة لطف آلهي كيف لا والباري تعالي يجعل للشهداء مكانه الي جانب مكانة الانبياء والمرسلين وحسن اولئك رفيقاً.
ويقول تعالي في الأية الثانية والسبعين بعد المئة من سورة آل عمران:
الذين استجابوا لله والرسول من بعد ما اصابهم القرح للذين احسنوا منهم واتقوا اجر عظيم
في تفسير هذه الاية يذكر المفسرون والمؤرخون ان كفار قريش بعد ان انتصروا في احد وفي طريق عودتهم ال مكة ركبهم الغرور وقرووا مهاجمة المدينة للقضاء علي ما بقي من المسلمين وللقضاء علي الاسلام بالكامل ولما علم النبي (ص) بخبر ذلك امر بالتعبئة العامة بين المسلمين لمواجهة المشركين وطلب (ص) من مجروحي احد الاستعداد للقتال ايضاً.
اما ابو سفيان فانه وبعد ان فهم عزم المسلمين علي الدفاع عن دينهم والذود عن حياضه انصرف الي مكة وجيشه المشرك راجعاً خوفاً من ان يبدل المسلمون فرحه الي حزن وهكذا خاب مسعي هذا اللعين. صحيح ان المشركين لم يهاجموا المدينة انذاك لكن القرآن الكريم اكبرفي المسلمين الجرحي روح الجهاد والتضحية من اجل الدين الحنيف فنية المرء اساس عمله وانما الاعمال بالنيات. جعل الله نياتنا حسنات واعمالنا صالحات ووفقنا للخير والعمل انه ارحم الراحمين.
ويقول تعالي في الاية الثالثة والسبعين بعد المئة من سورة آل عمران:
الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل
من اهم الاخطار التي تهدد المجتمعات الاسلامية لاسيما العوام من الناس والسذج منهم حساب العدو كبيراً والتضائل امامه علي ان مثل هذه الرؤية الخاطئة وفقدان الثقة بالنفس امام العدو من شأنها ان تثبط العزائم وتحول دون التواجد في جبهات القتال لكن وبدلاً من الخوف من العدو لابد من التوكل علي الله تعالي لانه نعم المولي ونعم النصير.
وذكر المفسرون ان كلمة الناس الاولي في الاية اشارة الي شخص واحد هو نعيم بن مسعود الثقفي وكان علي النفاق وهو الذي اوصل خبر نية المشركين لمهاجمة المدينة ولعل تعبير الجمع عن المفرد هنا هو من جوانب الأعجاز اللغوي في القرآن الكريم وله امثلة اخري مثل نساءنا وانفسنا اللتين وردنا في آية المباهلة كما مر علينا اذ الاولي اشارة الي سيدة النساء والثانية اشارة الي سيد العترة سلام الله عليهما.
حضرات المستمعين الأفاضل هكذا انتهت هذه الحلقة من برنامج نهج الحياة حتي لقاء جديد نتمني لكم الخير والسلامة والتوفيق في الدارين والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.