بسم الله وله الحمد والثناء والصلاة والسلام على سيد الأنبياء وآله الأصفياء.
- السلام عليكم مستمعينا الأعزاء ورحمة الله.
- تحية الإيمان والولاء نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج.
- لنا في هذا اللقاء أيها الأكارم وقفة عند الآيات الأولى من سورة "المؤمنون" نستكمل فيها الحديث عن صفات الفائزين بالحياة الطيبة وسعادات الدنيا والآخرة.
- ونبدأ أيها الأطائب بالإنصات خاشعين لتلاوتها:
"قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ{۱} الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ{۲} وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ{۳} وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ{٤} وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ{٥} إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ{٦} فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ{۷} وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ{۸} وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ{۹} أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ{۱۰} الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{۱۱}
- صدق الله العلي العظيم، تلاحظون مستمعينا الأفاضل، أن صفات المفلحين من المؤمنين تنطلق من جميل توحيدهم الخالص لله عزوجل المتمثل بالخشوع في الصلاة بكل ما يحمله الخشوع من تواضع لله وإقبال عليه عزوجل.
- وهذا الإقبال القلبي في العبادات على جمال الله وجلاله وبهائه يرقى بروح المؤمن الى الأفق الأعلى الذي يجعله يعرض عن كل ما لا فائدة منه من اللغو بمصاديقه المختلفة ومنها ما روي في كتاب الإرشاد عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال: (كل قول ليس فيه ذكر فهو لغو).
- وكذلك المصداق الآخر للإعراض عن اللغو الذي هدانا إليه مولانا الإمام الصادق عليه السلام حيث قال في معنى اللغو ضمن حديث مروي عنه في تفسير مجمع البيان قال: (أن يتقول الرجل عليك بالباطل أو يأتيك [أي يتهمك] بما ليس فيه فتعرض عنه لله).
- مستمعينا الأفاضل، والمصداق الذي ذكره الإمام الصادق عليه السلام يبين حرص المفلحين من المؤمنين على اجتناب إلحاق الأذى بالآخرين والإعراض عن إساءاتهم لهم ويردوا الإساءة بالإحسان.
- ولذلك نجد أن النص القرآني يصفهم بالإقبال الشديد على الزكاة والإنفاق المالي فهم يحبون إيصال رحمات الله وعطائه الى خلقه لكي يسعدوهم، لأنهم قد استشعروا وجدانياً من خلال إقبالهم على الله حبه عزوجل لإيصال رحماته للعالمين، فاجتهدوا للتخلق بأخلاقه تبارك وتعالى.
- والمفلحون من المؤمنين الذين يعيشون الحياة الطيبة هم الذين يعيشون في رحاب العفة والإعتدال في الإنتفاع من النعم الإلهية دون إفراط وتفريط، وهذه العفة وهذا الإعتدال هما علامة تحرر المؤمنين من أسر إتباع الشهوات والأهواء.
- ولا يخفى عليكم مستمعينا الأفاضل أن إتباع الشعوات والأهواء هو الذي يؤدي الى تضييع الصلوات والوقوع بالتالي في مهاوي الشقاء في الدنيا والآخرة؛ وخيانة الأمانات التي أودعها الله فيهم من صحة وسلامة ونظائرها.
- في حين أن المفلحين من المؤمنين هم الذين وصفتهم تلك الآيات الكريمة بمراعاة أماناتهم وعهودهم، وهذه المراعاة من السبل المهمة للفوز والفلاح، والتوضيح يأتيكم بعد قليل فابقوا معنا..
- أيها الإخوة والأخوات، قال العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان: (الرعاية الحفظ، والآية تصف المؤمنين بحفظ الأمانات من أن تخان والعهود من ان تنقض، ومن حق الإيمان أن يدعو الى ذلك..)
- وأشار رضوان الله عليه إلى مصاديق الإمانات فقال (.. ولعل الجمع في الآية للدلالة على أقسام الأمانات الدائرة بين الناس.. وما أؤتمن عليه من أعضائه وجوارحه وقواه [فيحفظها] بأن يستعملها فيما فيه رضا الله).
- وتأكيد لمحورية إرتباط المؤمن بالله عزوجل في بلوغه مراتب الفلاح وسعادات الحياة الطيبة، فقد ختمت الآيات الأولى من سورة المؤمنون ذكر صفات المفلحين بصفة محافظتهم على الصلوات.
- وهم يحافظون على الصلوات بإقامتها في أول أوقاتها وحفظ حدودها كما ورد في تفسير علي بن إبراهيم، والمراد حفظ شروطها بأن تقام بالصورة التي يرتضيها الله عزوجل.
- وهؤلاء هم الذين يرثون الفردوس وهي أعلى مراتب الجنان، أي أن من يتحلون بهذه الصفات يكونون رفاقاً للأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين وحسن اولئك رفيقاً.
نشكركم مستمعينا الأفاضل على كرم المتابعة لحلقة اليوم من برنامج (من هدى الثقلين) قدمناه لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.