بسم الله والحمد لله السلام الذي منه السلام وإليه يعود السلام.
- والصلاة والسلام على خيرة الأنام نبي الرحمة والهدى محمد المصطفى وآله مصابيح التقى.
- السلام عليكم مستمعينا الأطائب ورحمة الله.
- تحية من الله مباركة طيبة يسرنا أن نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج.
- أيها الأفاضل، السلامة من جميع العوامل التي تنغص على الإنسان الحياة الطيبة هي من أعظم ثمار إتباع الهدى الإلهي المكنون في كتاب الله المبين وحبله المتين.
- هذه هي البشارة التي تنعش قلوب المؤمنين الآيتان الكريمتان ۱٥و۱٦ من سورة المائدة حيث يقول أصدق القائلين تبارك وتعالى:
"يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِّمَّا كُنتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتَابِ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ{۱٥} يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ{۱٦}
- صدق الله العلي العظيم، أيها الأطائب، نستفيد من هاتين الآيتين الكريمتين عدة من الحقائق التي تنير لنا درب بلوغ أعلى مراتب الحياة الطيبة في الدنيا والآخرة.
- الحقيقة الأولى هي أن الله تبارك وتعالى يهدي بالقرآن "من اتبع رضوانه" سبل السلام من كل خوف وفقر وضعف وسائر ما ينغص على الإنسان طيب العيش.
- وهذا يعني أن اتباع رضوان الله هو السبيل العملي للإستهداء بالقرآن والإنتفاع بحقائقه النورانية؛ فما المقصود من إتباع رضوان الله؟
- نتلمس الإجابة عن هذا السؤال المهم من هدايات عدل القرآن الكريم وثاني الثقلين عترة سيد النبيين صلى الله عليه وآله الطاهرين، إبقوا معنا مشكورين.
- أيها الإخوة والأخوات، نقرأ في كتاب "إرشاد القلوب" للعلامة الزاهد الشيخ الديلمي رضوان الله عليه كلاماً للإمام الحسن المجتبى صلوات الله عليه يتضمن الإجابة على السؤال المتقدم.
- جاء في كلام السبط المحمدي الأكبر قوله عليه السلام موصياً المؤمنين: ما بقي في الدنيا بقية غير القرآن، فاتخذوه إماماً يدلكم على هداكم، واعلموا أن أحق الناس بالقرآن من عمل به وإن لم يحفظه، وأبعدهم منه من لم يعمل به وإن كان يقرأه.
- ثم قال الإمام المجتبى عليه السلام: إن هذا القرآن يجيء يوم القيامة قائداً وسائقاً، يقود قوماً الى الجنة فقد أحلوا حلاله وحرموا حرامه وآمنوا بمتشابهه. ويسوق قوماً الى النار، فقد ضيعوا حدوده وأحكامه واستحلوا محارمه.
- إخوة الإيمان، يتضح من كلمات الإمام الحسن المجتبى عليه السلام الإجابة عن سؤالنا المتقدم بشأن معنى إتباع رضوان الله للفوز بهدايته القرآنية.
- فالواضح من هذه الكلمات النيرة أن العمل بكل وصية قرآنية يثمر الفوز بهداية قرآنية أعلى يفتحها الله على قلب المؤمن فيصل بها الى مرتبة أعلى من السلامة والطمأنينة والحياة الطيبة أي يبلغ به الله الى سبيل أسمى من سبل السلام.
- والنتيجة العملية التي نستفيدها مما تقدم هي أن المؤمن يكون أحق بالهدى القرآني إذا عمل بما يدعوه له القرآن الكريم، أي إتباع رضوان الله فإن الله عزوجل يرضى لعباده الصلاح والعمل بما يوصلهم إليه.
- وجميع الأوامر والنواهي القرآنية إنما تريد الإنسان الأخذ بالواجبات التي فيها صلاحه وسعادته واجتناب المحرمات لأن فيها ضرره وشقاءه.
- إخوة الإيمان، ونبقى مع كلمات السبط المحمدي الأكبر وهو يبين طريق الفوز بالهدايات القرآنية الى سبل السلام.
- فبعد بيان أن العمل بأحكام القرآن وقيمه وابتغاء مرضاة الله ورضوانه في ذلك، يهدينا صلوات الله عليه الى السبيل العملي للفوز بالهدايات القرآنية الخاصة، ففي كلام له نقله العلامة الأربلي في كشف الغمة في معرفة الأئمة يقول عليه السلام:
- إن هذا القرآن فيه مصابيح النور وشفاء الصدور، فليجل جال بضوئه وليلجم الصفة قلبه، فإن التفكير حياة قلب البصير كما يمشي المستنير في الظلمات بالنور.
- إذن يهدينا الإمام الحسن المجتبى عليه السلام الى سبيلين عملياً للفوز بأنوار الهداية القرآنية في مراتبها الخاصة والعامة.
- السبيل الأول هو النظر الى الأشياء بضوء القرآن، أي أن يقيم كل قول أو عمل على أساس المعايير القرآنية فيؤخذ ما يوافقها ويتورع عما يعارضها.
- السبيل الثاني أن يهذب نفسه بالصفات والأخلاق القرآنية فيتحلى بها ويصوغ قلبه بصبغتها فيكون قرآني الأخلاق مثلما هو قرآني الفعال.
- وبذلك يفوز بالهدايات الإلهية الخاصة فيحيا قلبه بحياة القرآن وينجو بالنور القرآني من كل الظلمات.
- نشكركم مستمعينا الأفاضل على طيب المتابعة لحلقة اليوم من برنامج من هدى الثقلين.
- إستمعتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
- دمتم في أمان الله.