بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على منارات هدى الله القرآن الكريم وأهل بيت نبي رحمته صاحب الخلق العظيم صلى الله عليه وآله أعلام صراطه المستقيم.
- السلام عليكم مستمعينا الأطائب طابت أوقاتكم بكل خير ورحمة وبركة.
- تحية الإيمان والولاء نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم من هذا البرنامج.
- أيها الأفاضل، تشير الآيتان ۱۲۰و۱۲۱ من سورة البقرة الى أن الذين يفوزون بولاية الله ونصرته هم الذين يتلون الكتاب حق تلاوته، وتلاوة كتاب حق تلاوته تتحقق بالبراءة من أعداء الله ومن إتباع أهوائهم، قال الله عز من قائل في هاتين الآيتين:
"وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِي جَاءكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ{۱۲۰} الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاَوَتِهِ أُوْلَـئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمن يَكْفُرْ بِهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ{۱۲۱}
- صدق الله العلي العظيم، ويشير هذا النص القرآني – مستمعينا الأكارم – أن ثمرة إتباع الهدى الإلهي الفوز بولاية الله ونصرته لمتبع هداه تبارك وتعالى.
- وهذا أولاً وثانياً فإن في هذا النص القرآني إشارة لطيفة إلى أن إتباع هدى الله يتحقق بتلاوة القرآن حق تلاوته، وهذه التلاوة لا تتحقق إلا إذا تبرأ تالي القرآن من إتباع الأهواء.
- وهذه الحقيقة القرآنية اللطيفة يبينها لنا مولانا الإمام الحسن المجتبى صلوات الله عليه في أحد خطبه الغراء تأتيكم بعض فقراتها بعد قليل فابقوا معنا مشكورين.
- أيها الإخوة والأخوات، روي في كتاب (تحف العقول عن آل الرسول) أن الإمام الحسن المجتبى خطب في المسلمين فكان مما قاله – عليه السلام -:
- أيّها النّاس إنّه من نصح لله وأخذ قوله دليلاً هدى للّتي هي أقوم ووفّقه الله للرّشاد وسدّده للحسنى فإنّ جار الله آمن محفوظ وعدوّه خائف مخذول، فاحترسوا من الله بكثرة الذّكر ، واخشوا الله بالتّقوى ، وتقرّبوا إلى الله بالطّاعة فإنّه قريب مجيب ، قال الله تبارك وتعالى : " ( وَإذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِي إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ )
- فاستجيبوا لله وآمنوا به فإنّه لا ينبغي لمن عرف عظمة الله أن يتعاظم ، فإنّ رِفعة الّذين يعلمون عظمة الله أن يتواضعوا و عز الّذين يعرفون ما جلال الله أن يتذللّوا له، وسلامة الّذين يعلمون ما قدرة الله أن يستسلموا له ، ولا ينكروا أنفسهم بعد المعرفة ، ولا يضلّوا بعد الهدى
- أيها الإخوة والأخوات، نلمح في هذه العبارات الحسنية النيرة إشارات غاية في اللطافة الى سمو مراتب التوحيد الخالص التي يصل إليها المهتدون بالهدى الإلهي، فهم يبلغون جوار الله الذي يفيض بالأمان المطلق فلا خوف ولا قلق بعده ولا حزن ولا هم معه.
- ثم يبين السبط المحمدي الأكبر السبيل العملي لبلوغ هذه المراتب العليا للحياة الطيبة فيقول صلوات الله عليه في تلك الخطبة الغراء:
- واعلموا علماً يقيناً أنّكم لن تعرفوا التّقى حتّى تعرفوا صفة الهدى ، ولن تمسّكوا بميثاق الكتاب حتّى تعرفوا الّذي نبذه ، ولن تتلوا الكتاب حقّ تلاوته حتّى تعرفوا الّذي حرّفه ، فإذا عرفتم ذلك عرفتم البدع والتّكلّف ورأيتم الفرية على الله والتّحريف ورأيتم كيف يهوى من يهوى ، ولايجهلنّكم الّذين لايعلمون.
- ثم يبين الإمام المجتبى خصوصيات عدل الكتاب الذين ينبغي الرجوع إليهم لمعرفة حقائق القرآن وبالتالي تلاوته حق تلاوته – قال عليه السلام -: والتمسوا ذلك عند أهله، فإنهم خاصة نور يستضاء بهم وأئمة يقتدى بهم، بهم عيش العلم وموت الجهل، لا يخالفون الحق ولا يختلفون فيه، وقد خلت لهم من الله سنة ومضى فيهم من الله حكم، إن في ذلك لذكرى للذاكرين.
- وختم الإمام الحسن المجتبى عليه السلام خطبته موصياً بالله في القرآن على ضوء الأحاديث الشريفة لكي يتلونه حق تلاوته، فقال – صلوات الله عليه -: واعقلوا إذا سمعتموه عقل رعاية ولا تعقلوه عقل رواية، فإن رواة الكتاب كثير ورعاته قليل والله المستعان.
- تقبل الله منكم أيها الإخوة والأخوات حسن الإصغاء والمتابعة لحلقة اليوم من برنامجكم من هدى الثقلين
قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران شكراً لكم وفي أمان الله.