بسم الله والحمد لله وأنمى صلوات الله على حبيبنا وسيدنا الهادي الى الله وآله الهداة بأمر الله.
- السلام عليكم مستمعينا الأحباء ورحمة الله.
- تحية الإيمان وهي أزكى تحيات الله نهديها لكم في مطلع لقاء اليوم مع هدايات ثقلي الرحمة للفلاح والنجاح والحياة الطيبة في الدنيا والآخرة.
- فأهلاً بكم مرحباً في هذا اللقاء الذي نخصصه بعون الله للحديث عن دور الإعتقاد اليقيني بالدار الآخرة في تثبيت الإيمان بالله وبلوغ الصورة الفضلى في إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة وسائر صالحات الأعمال والعبادات.
- وهذا ما نستهدي للتعرف إليه بما إجتنيناه لهذا اللقاء من يبادر النصوص الشريفة تابعونا على بركة الله.
- أيها الأفاضل، عرفنا في الحلقة السابقة من هذا البرنامج أن الله تبارك وتعالى جعل آيات قرآنه المبين هدى وبشرى للمؤمنين الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويوقنون بالآخرة.
- وهذا يعني في الواقع أن يكون القرآن حافظاً لحركة هؤلاء المؤمنين الموقنين بدار الآخرة وحسابها ومنازلها على الصراط المستقيم والإلتزام بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة.
- كما أن القرآن يكون بشرى لهؤلاء المؤمنين الموقنين بالدار الآخرة، أي يبشرهم بما أعده الله لهم من حياة طيبة خالدة في الآخرة يجنون فيها الثمار اليانعة المباركة لصالحات أعمالهم في الحياة الدنيا فيفوزوا بالنفس المطمئنة لفضل الله.
- وهذا هو ما يقودنا إليه من معارف الهداية في الآيات الثلاث الأول في سورة النمل المباركة حيث يقول عز من قائل:
" طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ{۱} هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ{۲} الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ{۳}
- صدق الله العلي العظيم، وكما تلاحظون مستمعينا الأفاضل فإن هذه الآيات الكريمة تختم ذكر صفات المؤمنين الذين يكون لهم القرآن الكريم هدى وبشرى بمدح إتصافهم باليقين في اعتقادهم بالآخرة وفي ذلك إشارة إلى أن عباداتهم البدنية كإقامة الصلاة وكذلك عباداتهم المالية كإيتاء الزكاة والإنفاق إنما تتم وتبلغ صورتها الفضلى بفضل إيقانهم بالدار الآخرة.
- وهذا ما تهدينا إليه مستمعينا الأفاضل، عديد من الأحاديث الشريفة المروية عن أهل بيت النبوة عليهم السلام؛ فبعضها يصرح بأن الإعتقاد اليقيني هو أعلى مراتب الإيمان، فهو الإيمان الذين لا يخالطه شك وبه تكون إستقامة وثبات المؤمن.
- روي في كتاب غرر الحكم عن مولانا الإمام علي عليه السلام قال: (أفضل الإيمان حسن الإيقان)، وقال عليه السلام (أفضل الدين اليقين وثبات الدين بقوة اليقين).
- وأشار عليه السلام إلى أثر الإعتقاد اليقيني بالدار الآخرة خاصة في التحرر من أسر الدنيا المانع عن العبادة والطاعة فقال (من أيقن بالآخرة سلا [أي أعرض] عن الدنيا، ومن لم يوقن قلبه لم يطعه عمله، ولا يعمل بالعلم إلا من أيقن بفضل الأجر فيه).
- وقال صلوات الله عليه في بيان أثر هذا اليقين في رفع العمل الصالح والعبادة الى المراتب العالية من إقبال المؤمن عليها وقبول الله لها؛ قال: (باليقين تتم العبادة، والمؤمن يرى يقينه في عمله، ومن حسن يقينه حسنت عبادته).
- كما أن هذا اليقين هو الذي يولد في قلب المؤمن الورع والتقوى فيلتزم بعهوده مع الله عزوجل ويتجنب كل ما لا يرضاه، قال أميرالمؤمنين – عليه السلام -: (ما أيقن بالله من لم يرع عهوده وذممه، وما عذر من أيقن المرجع – أي المعاد -).
- وقال صلوات الله عليه: (لا إيمان لمن لا يقين لهن ويستدل على اليقين بقصر الأمل وإخلاص العمل والزهد في الدنيا، فما أعظم سعادة من بوشر قلبه باليقين).
- أيها الإخوة والأخوات، ويحدثنا مولانا الإمام جعفر الصادق عليه السلام برواية مؤثرة يبين فيها جده النبي الأكرم صلى الله عليه وآله مصداقاً مباركاً لأثر اليقين في ظهور حقائق الإيمان، فقد روى ثقة الإسلام الكليني في كتاب الكافي بسنده عنه عليه السلام قال:
- استقبل رسول الله صلى الله عليه وآله حارثة بن مالك بن النعمان الأنصاري فقال له كيف أنت يا حارثة بن مالك؟
- فقال يا رسول الله مؤمن حقاً
- فقال له رسول الله (صلى الله عليه وآله) لكل شيء حقيقة فما حقيقة قولك؟
- فقال يا رسول الله عزفت نفسي عن الدنيا فأسهرت ليلي وأظمأت هواجري وكأني أنظر إلى عرش ربي قد وضع للحساب وكأني أنظر إلى أهل الجنة يتزاورون في الجنة وكأني أسمع عواء أهل النار في النار.
- فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله عبد نور الله قلبه، أبصرت فاثبت.
- فقال يا رسول الله ادع الله لي أن يرزقني الشهادة معك.
- فقال: اللهم ارزق حارثة الشهادة.
- قال الإمام الصادق عليه السلام: فلم يلبث إلا أياماً حتى بعث رسول الله صلى الله عليه وآله سرية فبعثه فيها فقاتل فقتل تسعة أو ثمانية ثم وفي رواية أخرى قال استشهد مع جعفر بن أبي طالب بعد تسعة نفر وكان هو العاشر- رضوان الله عليه.
- وبهذا نصل أيها الأعزاء الى ختام حلقة اليوم من برنامج من هدى الثقلين قدمناها لكم من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في ايران.
- تقبل الله منكم حسن الإصغاء والمتابعة ودمتم في رعايته سالمين والحمد لله رب العالمين.