نفتتح هذا اللقاء من البرنامج بطائفة من الأحاديث الشريفة التي روتها المصادر المعتبرة بشأن ثواب التفاعل الوجداني مع مظلومية أهل بيت النبوة سلام الله عليها، فقد قال الإمام الصادق (عليه السلام): من دمعت عينه دمعة لدم سفك لنا، أو حق لنا انقصناه، أو عرض انتهك لنا أو لأحد من شيعتنا بوأه الله تعالي بها في الجنة حقباً. وروي بكر بن محمد الأزدي عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنه قال له: تجلسون وتتحدثون؟
قال: جعلت فداك، نعم وقال (عليه السلام): «إن تلك المجالس أحبها فأحيوا أمرنا، إنه من ذكرنا أو ذكرنا عنده فخرج من عينيه مثل جناح الذباب غفر الله له ذنوبه ولو كانت أكثر من زبد البرح».
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): من ذكرنا عنده ففاضت عيناه حرم الله وجهه علي النار.
وقال (عليه السلام): نفس المهموم لظلمنا تسبيح، وهمه لنا عبادة، وكتمان سرنا جهاد في سبيل الله.
ثم قال أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): يجب ان يكتب هذا الحديث بالذهب.
ومصابيح الهدي المحمدي (عليهم السلام) هم الأسوة الحسنة وقد أمرنا أن نقتفي آثارهم ومن أخلاقهم الإخلاص لله جل جلاله في العبادة فقد كان من مناجاة الإمام علي (عليه السلام) قوله: إلهي ما عبدتك طمعاً في جنتك، ولا خوفاً من نارك، ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك.
وعنه (عليه السلام) قال: إن قوماً عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار، وإن قوماً عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد، وإن قوماً عبدوا الله شكراً فتلك عبادة الأحرار.
وقال الإمام الصادق (عليه السلام): [إن] العباد ثلاثة: قوم عبدوا الله عزوجل خوفا فتلك عبادة العبيد، وقوم عبدوا الله تبارك وتعالي طلب الثواب فتلك عبادة الأجراء، وقوم عبدوا الله عزوجل حبا له فتلك عبادة الأحرار، وهي أفضل العبادة.
ومن الإخلاص في العبادة الي التواضع وإجتناب العلو في الأرض في سيرة أمير المؤمنين (عليه السلام) فقد روي عن بعض أصحابه قال: رأيت علي بن أبي طالب يمسك الشسوع بيده، يمر في الأسواق فيناول الرجل الشسع ويرشد الضال ويعين الحمال علي الحمولة، وهو يقرأ هذه الآية: «تِلْكَ الدَّارُ الآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ».
ثم يقول: هذه الآية أنزلت في الولاة وذوي القدرة من الناس وقال الإمام الصادق (عليه السلام): خرج أمير المؤمنين (عليه السلام) وهو راكب، فمشوا معه فقال: ألكم حاجة؟
قالوا: لا، ولكنا نحب أن نمشي معك.
فقال لهم: انصرفوا، فإن مشي الماشي مع الراكب مفسدة للراكب ومذلة للماشي.
ومن الوصايا الجامعة التي وجهها سيد الأوصياء (عليه السلام) للمؤمنين قوله: يا معشر شيعتنا، اسمعوا وافهموا وصايانا وعهدنا إلي أوليائنا، أصدقوا في قولكم، وبروا في أيمانكم لأوليائكم وأعدائكم، وتواسوا بأموالكم وتحابوا بقلوبكم، وتصدقوا علي فقرائكم، واجتمعوا علي أمركم، ولا تدخلوا غشا ولا خيانة علي أحد، ولا تشكوا بعد اليقين، ولا ترجعوا بعد الإقدام جبنا، ولا يول أحد منكم أهل مودته قفاه، ولا تكونن شهوتكم في مودة غيركم، ولا مودتكم فيما سواكم، ولا عملكم لغير ربكم، ولا إيمانكم وقصدكم لغير نبيكم، واستعينوا بالله واصبروا، «إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ» وإن الأرض لله يورثها عباده الصالحين.
ثم قال (عليه السلام): إن أولياء الله وأولياء رسوله من شيعتنا: من إذا قال صدق، وإذا وعد وفي، وإذا ائتمن أدي، وإذا حمل في الحق احتمل، وإذا سئل الواجب أعطي، وإذا أمر بالحق فعل. شيعتنا من لا يعدو علمه سمعه، شيعتنا من لا يمدح لنا معيباً، ولا يواصل لنا مبغضاً، ولا يجالس لنا قالياًٌ، إن لقي مؤمناً أكرمه وإن لقي جاهلاً هجره. شيعتنا من لا يهر هرير الكلب، ولا يطمع طمع الغراب، ولا يسأل أحداً إلا من إخوانه وإن مات جوعاً. شيعتنا من قال بقولنا وفارق أحبته فينا، وأدني البعداء في حبنا، وأبعد القرباء في بغضنا.