إن من حقائق الإمامة الكبري هي أن الأئمة الأثني عشر من أهل البيت (عليهم السلام) هم حلقة الوصل بين المسلمين من مختلف الأجيال والي يوم القيامة برسول الله )صلي الله عليه وآله) وبقيمه ومعارفه الإلهية التقية، روي أنه كان محمد بن الحنيفة يقول: حدثني ابي أمير المؤمنين (عليه السلام) أن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) يوم القيامة آخذ بحجزة الله، ونحن آخذون بحجزة نبينا، وشيعتنا آخذون بحجزتنا، قلت: يا أمير المؤمنين وما الحجزة؟
قال: الله أعظم من أن يوصف بالحجزة أو غير ذلك، ولكن رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) آخذ بأمر الله تعالى، ونحن آل محمد آخذون بأمرنبينا وشيعتنا آخذون بأمرنا.
ننقلكم الي انوار الأخلاق المحمدية الزاكية التي يكمن فيها كل خير وسعادة، روي في آداب رسول الله أنه (صلي الله عليه وآله): كان لا يجلس إليه أحد وهو يصلي إلا خفف صلاته وأقبل عليه، وقال: ألك حاجة؟
ومن كريم الأخلاق المحمدية ما رواه جابر الأنصاري قال: كان رسول الله (صلي الله عليه وآله) يتخلف في المسير، فيزجي الضعيف ويردفه ويدعو لهم وروي أبو أمامة سهل بن حنيف الأنصاري عن بعض أصحاب النبي (صلي الله عليه وآله): إن رسول الله كان يعود مرضي مساكين المسلمين وضعفائهم، ويتبع جنائزهم، ولا يصلي عليهم أحد غيره، وإن امرأة مسكينة من أهل العوالي أي المزارع الواقعة خارج المدينة المنورة طال سقمها فكان رسول الله (صلي الله عليه وآله) يسأل عنها من حضرها من جيرانها، وأمرهم أن لا يدفنوها إن حدث بها حدث فيصلي عليها، فتوفيت تلك المرأة ليلاً واحتملوها فأتوا بها الي موضع الجنائز- عند مسجد رسول الله (صلي الله عليه وآله) ليصلي عليها رسول الله كما أمرهم، فوجدوه قد نام بعد صلاة العشاء فكرهوا أن يوقظوه (صلي الله عليه وآله) من نومه، فصلوا عليها ثم انطلقوا بها ودفنوها، فلما أصبح رسول الله (صلي الله عليه وآله) سأل عنها من حضره من جيرانها، فأخبروه خبرها فقال لهم رسول الله (صلي الله عليه وآله): ولم فعلتم؟ انطلقوا، فانطلقوا مع رسول الله (صلي الله عليه وآله) فصفوا وراء رسول الله (صلي الله عليه وآله) كما يصف للصلاة علي الجنائز، فصلي عليها رسول الله (صلي الله عليه وآله).
أما الفقرة الخاصة بوصايا أهل بيت النبوة (عليهم السلام) للمؤمنين، فنخصصها في هذه الحلقة لوصية رضوية بشأن حفظ أواصرالإيمان، فقد روي عن الإمام الرضا (عليه السلام) أنه قال لعبد العظيم الحسني: يا عبد العظيم، أبلغ عني أوليائي السلام، وقل لهم أن لا يجعلوا للشيطان علي أنفسهم سبيلاً، ومرهم بالصدق في الحديث وأداء الأمانة، ومرهم بالسكوت، وترك الجدال فيما لا يعنيهم، وإقبال بعضهم علي بعض، والمزاورة، فإن ذلك قربة إلي. ولا يشتغلوا أنفسهم بتمزيق بعضهم بعضا، فإني آليت علي نفسي أنه من فعل ذلك وأسخط وليا من أوليائي دعوت الله ليعذبه في الدنيا أشد العذاب وكان في الآخرة من الخاسرين. وعرفهم أن الله قد غفر لمحسنهم وتجاوز عن مسيئهم، إلا من أشرك به أو آذي وليا من أوليائي أو أضمر له سوءاً، فإن الله لا يغفرله حتي يرجع عنه، فإن رجع وإلا نزع روح الإيمان عن قلبه وخرج عن ولايتي، ولم يكن له نصيباً في ولايتنا، وأعوذ بالله من ذلك.