ثمة حديث نبوي مهم روته المصادر المعتبرة يبين الآثار المباركة للتمسك بولاية كلٍ من أئمة العترة المحمدية الطاهرة (عليهم السلام) والحديث مسندٌ عن مولانا الإمام علي بن موسي الرضا (عليه السلام) قال: قال لي أبي عن آبائه، عن علي أمير المؤمنين (عليه السلام) قال:
قال لي أخي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم): من سره أن يلقي الله عزوجل، وهومقبل عليه، غيرمعرض عنه، فليتول علياً. ومن سره أن يلقي الله عزوجل، وهوراض عنه، فليتول الحسن (عليه السلام). ومن سره أن يلقي الله عزوجل، وقد محص ذنوبه، فليتول الحسين (عليه السلام). ومن أحب أن يلقي الله عزوجل، وهو راض عنه، فليتول علي بن الحسين. ومن أحب أن يلقي الله عزوجل وهوراض عنه، فليتول علي بن الحسين. ومن أحب أن يلقي الله عزوجل وهو راض عنه قرير العين، فليتول محمد بن علي الباقر. ومن أحب أن يلقي الله عزوجل، وكتابه بيمينه، فليتول جعفربن محمد الصادق. ومن أحب أن يلقي الله عزوجل طاهراً مطهراً، فليتول موسي بن جعفرالكاظم. ومن أحب أن يلقي الله عزوجل، ضاحكاً مستبشراً، فليتول علي بن موسي الرضا. ومن أحب أن يلقي الله وقد رفعت درجاته، وبدلت سيئاته حسنات، فليتول محمد بن علي الجواد. ومن أحب أن يلقي الله عزوجل، ويحاسب حساباً يسيراً، فليتول علي بن محمد الزكي. ومن أحب أن يلقي الله عزوجل، وهو من الفائزين، فليتول الحسن العسكري ومن أحب أن يلقي الله وقد كمل إيمانه، وحسن إسلامه، فليتول الخلف الحجة بن الحسن صاحب الزمان المنتظر، فهؤلاء مصابيح الدجي، وأئمة التقي، وأعلام الهدي، ومن أحبهم وتولاهم، كنت ضامناً له الفوز بالجنة.
وفي الفقرة الثانية ننور قلوبنا ببعض الروايات المبينة لبعض محاسن الأخلاق المحمدية الزاكية، ونبدأ بما روي عن أنس بن مالك قال: كان رسول الله (صلي الله عليه وآله) من أشد الناس لطفاً بالناس، فوالله ما كان يمتنع في غداة باردة من عبد ولا أمة ولا صبي أن يأتيه بالماء فيغسل وجهه وذراعيه، وما سأله سائل قط إلا أصغي إليه، فلم ينصرف حتي يكون هو الذي ينصرف عنه، وما تناول أحد بيده قط إلا ناولها إياه، فلم ينزع حتي يكون هو الذي ينزعها منه.
وقد ورث أئمة العترة المحمدية هذه الأخلاق السامية عن جدهم رسول الله (صلي الله عليه وآله) فمثلاً روي عن هشام بن سالم، قال: كان علي بن الحسين (عليه السلام) يعجبه العنب، فكان ذات يوم صائماً فلما أفطر كان أول ما جاءت به العنب، أتته أم ولد له بعنقود، فوضعته بين يديه، فجاء سائل فدفعه إليه فدست إليه (أعني إلي السائل) فاشترته ثم أتته، فوضعته بين يديه، فجاء سائل آخر فأعطاه، ففعلت أم الولد مثل ذلك حتي فعل ثلاث مرات، فلما كان في الرابعة أكله.
ومن درر وصايا أهل بيت النبوة (عليهم السلام) ننقل لكم فقرات من الوصية الجامعة التي كتبها مولانا الإمام الصادق (عليه السلام) لأصحابه وأمرهم بمدارستها والنظر فيها وتعاهدها والعمل بها، فكانوا يضعونها في مساجد بيوتهم، فإذا فرغوا من الصلاة نظروا فيها ومن فقراتها قوله (عليه السلام): أما بعد، فاسألوا ربكم العافية، وعليكم بالدعة والوقار والسكينة، وعليكم بالحياء والتنزه عما تنزه عنه الصالحون قبلكم وإياكم أن تزلقوا ألسنتكم بقول الزور والبهتان والإثم والعدوان، فإنكم إن كففتم ألسنتكم عما يكرهه الله مما نهاكم عنه كان خيراً لكم عند ربكم من أن تزلقوا ألسنتكم به، فإن زلق اللسان فيما يكره الله وما ينهي عنه مرداة للعبد عند الله ومقت من الله وصم وعمي وبكم يورثه الله إياه يوم القيامة فتصيروا كما قال الله: «صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ» يعني لا ينطقون «وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ». وإياكم وما نهاكم الله عنه أن تركبوه، وعليكم بالصمت إلا فيما ينفعكم الله به من أمرآخرتكم ويأجركم عليه. وأكثروا من التهليل والتقديس والتسبيح والثناء علي الله والتضرع إليه والرغبة فيما عنده من الخير الذي لا يقدر قدره ولا يبلغ كنهه أحد، فاشغلوا ألسنتكم بذلك عما نهي الله عنه من أقاويل الباطل التي تعقب أهلها خلوداً في النار، من مات عليها ولم يتب إلي الله ولم ينزع عنها.