إن المستفاد من النصوص الشريفة قرآناً وسنة أن مودة محمد وآله الطيبين هم من أجل النعم التي أنعم الله بها على عباده وهداهم لها، وشكر كل نعمة هو بأستثمارها فيما يقرب العبد من كماله المطلوب وربه المحبوب، فشكر نعمة هذه المودة القدسية يكون بتقوية التمسك بولايتهم والتخلق بأخلاقهم (عليهم السلام) قال:
حنان بن سدير: حدثني أبي قال: كنت عند جعفر بن محمد الصادق (عليهما السلام) فقدم إلينا طعاماً ما أكلت طعاماً مثله قط، فقال لي: يا سدير، كيف رأيت طعامنا هذا؟
قلت: بأبي أنت وأمي يا بن رسول الله، ما أكلت مثله قط، ولا أظن آكل أبدا مثله.
ثم إن عيني تغرغرت فبكيت، فقال: يا سدير، ما يبكيك؟
قلت: يا بن رسول الله، ذكرت آية في كتاب الله تعالي.
قال: وما هي؟
قلت: قول الله في كتابه: «ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ» فخفت أن يكون هذا الطعام [من النَّعِيمِ] الذي يسألنا الله عنه.
فضحك حتي بدت نواجذه، ثم قال: يا سدير، لا تُسأل عن طعام طيب، ولا ثوب لين، ولا رائحة طيبة، بل لنا خلق وله خلقنا، ولنعمل فيه بالطاعة.
قلت له: بأبي أنت وأمي يا بن رسول الله، فما النعيم؟
قال: حب علي وعترته، يسألهم الله يوم القيامة: كيف كان شكركم لي حين أنعمت عليكم بحب علي وعترته.
الحقائق المتقدمة نجدها متجلية في المروي عن مولانا الإمام علي (عليه السلام) قال: أما إنه ليس عبد من عباد الله ممن امتحن الله قلبه للإيمان إلا وهو يجد مودتنا علي قلبه، فهو يحبنا. وليس عبد من عباد الله ممن سخط الله عليه إلا وهو يجد بغضنا علي قلبه، فهو يبغضنا. فأصبح محبنا ينتظر الرحمة، وكأن أبواب الرحمة قد فتحت له. وأصبح مبغضنا علي شفا جرف هار فأنهار به في نار جهنم، فهنيئاً لأهل الرحمة رحمتهم، وتعسا لأهل النار مثواهم.
وروي عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: من أبغض عليا فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله، يا علي لا يحبك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا كافر أو منافق.
ومن سيرة النبي الأكرم (صلي الله عليه وآله) نقرأً حادثة مؤثرة في محبة وصيه المرتضي له صلي الله عليهما وآلهما، فقد روي ابن عباس قال: أصاب نبي الله (صلي الله عليه وآله) خصاصة - يعني من جوع - فبلغ ذلك عليا (عليه السلام)، فخرج يلتمس عملا ليصيب منه شيئاً يبعث به إلي نبي الله (صلي الله عليه وآله)، فأتي بستانا لرجل من اليهود، فاستقي له سبعة عشر دلوا كل دلو بتمرة، فخيره اليهودي من تمره سبع عشرة تمرة عجوة، فجاء بها إلي نبي الله (صلي الله عليه وآله) فقال: من أين هذا يا أبا الحسن؟
قال: بلغني ما بك من الخصاصة يا نبي الله فخرجت ألتمس عملا لأصيب لك طعاماً.
قال: فحملك علي هذا حب الله ورسوله؟
قال علي: نعم يا نبي الله.
وفي الفقرة الختامية ننقل لكم وصيتين من كنوز الوصايا المحمدية، فقد روي عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: أدبوا أولادكم علي ثلاث خصال: حب نبيكم، وحب أهل بيته، وقراءة القرآن، فإن حملة القرآن في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله مع أنبيائه وأصفيائه.
وقال أبو الزبير المكي قال: رأيت جابراً الأنصاري متوكئا علي عصاه وهو يدور في سكك الأنصار ومجالسهم وهو يقول: ... يا معشر الأنصار، أدبوا أولادكم علي حب علي.