نأمل أن تقضوا وقتاً مباركاً مع هذه الحلقة من برنامج مصابيح الهدي ونحن نتجول في المصادر المعتبرة سعياً للفوز بمعرفة أعمق بمحمدٍ وآله الطاهرين وبأخلاقهم ووصاياهم (عليهم السلام) كمقدمة للتحلي بخصال شيعتهم الصادقين ونبدأ اللقاء بما روي عن:
رسول الله (صلي الله عليه وآله) قال: أول ما يسأل عنه العبد حبنا أهل البيت، وفي حديث آخر عنه (صلي الله عليه وآله): لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتي يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن ماله فيما أنفقه ومن أين كسبه، وعن حبنا أهل البيت.
وعن بركات محبة أهل البيت النبوي (عليهم السلام) في الدنيا والآخرة نقرأ لكم ما روي عن علي بن محمد بن بشر: كنت عند محمد بن علي جالسا إذ جاء راكب أناخ بعيره فقال: جعلني الله فداك، إنه من أراد الدنيا والآخرة فهو عندكم أهل البيت.
قال (عليه السلام): ما شاء الله، أما إنه من أحبنا في الله نفعه الله بحبنا، ومن أحبنا لغير الله فإن الله يقضي في الأمور ما يشاء. إنما حبنا أهل البيت شيء يكتبه الله في قلب العبد، فمن كتبه الله في قلبه لم يستطع أحد [أن] يمحوه. أما سمعت الله يقول: «أُوْلَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الإِيمَانَ وَأَيَّدَهُم بِرُوحٍ مِّنْهُ»، فحبنا أهل البيت [من أصل] الإيمان.
ومن أخلاق أهل بيت النبوة (عليهم السلام) صدق مواساتهم للناس في جميع الأحوال ومن نماذج هذه المواساة ما روي عن حماد بن عثمان: أصاب أهل المدينة غلاء وقحط، حتي أقبل الرجل الموسر يخلط الحنطة بالشعير ويأكله ويشتري ببعض الطعام. وكان عند أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) طعام جيد قد اشتراه أول السنة، فقال لبعض مواليه: اشتر لنا شعيراً فاخلط بهذا الطعام أو بعه، فإنا نكره أن نأكل جيداً ويأكل الناس رديا.
ونبقي مع تجليات الأخلاق المحمدية في مولانا الإمام الصادق (عليه السلام) فنقرأ لكم ما روي أنه نزل علي أبي عبد الله الصادق (عليه السلام) قوم من جهينة فأضافهم، فلما أرادوا الرحلة زودهم ووصلهم وأعطاهم، ثم قال لغلمانه: تنحوا لا تعينوهم، فلما فرغوا جاؤوا ليودعوه، فقالوا له: يا بن رسول الله، لقد أضفت فأحسنت الضيافة وأعطيت فأجزلت العطية! ثم أمرت غلمانك أن لا يعينونا علي الرحلة!
فقال (عليه السلام): إنا أهل بيت لا نعين أضيافنا علي الرحلة من عندنا.
نتابع أعزاءنا تقديم هذه الحلقة من برنامج مصابيح الهدي بقراءة حديثين شريفين في الإرتباط الوثيق بين صدق الموالاة لأولياء الله والبراءة من أعدائهم أعداء الله جل جلاله فقد روي أبو الجارود عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) في قوله تعالي: «مَّا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِّن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ».
قال: قال علي بن أبي طالب (عليه السلام): لا يجتمع حبنا وحب عدونا في جوف انسان. إن الله لم يجعل لرجل من قلبين في جوفه فيحب هذا ويبغض هذا، فأما محبنا فيخلص الحب لنا كما يخلص الذهب بالنار لا كدر فيه، فمن أراد أن يعلم حبنا فليمتحن قلبه، فإن شاركه في حبنا حب عدونا فليس منا ولسنا منه، والله عدوهم وجبرئيل وميكائيل، والله عدو للكافرين.
وقال الإمام الصادق (عليه السلام) لمن قال له: إن فلانا يواليكم إلا أنه يضعف عن البراءة من عدوكم: هيهات، كذب من ادعي محبتنا ولم يتبرأ من عدونا.
ومسك ختام هذا اللقاء وصية رضوية رواها عبد السلام بن صالح الهروي قال: سمعت أبا الحسن الرضا (عليه السلام) يقول: رحم الله عبداً أحيا أمرنا.
فقلت له: وكيف يحيي أمركم؟
قال: يتعلم علومنا ويعلمها للناس، فإن الناس لو علموا محاسن كلامنا لأتبعونا.