نبدأ اللقاء أعزاءنا بهذا الحديث المحمدي الشريف البليغ في بيان محورية مودة أهل البيت عليهم السلام وولايتهم في حياة المؤمن، فقد روي عن رسول الله (صلي الله عليه وآله) أنه قال - لعلي بن أبي طالب (عليه السلام) -: مثلكم يا علي مثل بيت الله الحرام، من دخله كان آمنا، فمن أحبكم ووالاكم كان آمنا من عذاب النار، ومن أبغضكم القي في النار. يا علي «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً» ومن كان له عذر فله عذره، ومن كان فقيراً فله عذره، ومن كان مريضاً فله عذره، وإن الله لاي عذر غنياً ولا فقيراً، ولا مريضاً ولا صحيحاً، ولا أعمي ولا بصيراً في تفريطه في موالاتكم ومحبتكم.
ويتضح من الحديث النبوي المتقدم أهمية معرفة أهل البيت عليهم السلام وهي مقدمة مولاتهم ومحبتهم كما أنها الطريق الي معرفة الله الذي تجلت أخلاقه فيهم قال مولانا الأمام الصادق (عليه السلام): خرج الحسين بن علي (عليهما السلام) علي أصحابة فقال: أيها الناس، إن الله جل ذكره ما خلق العباد الأ ليعرفوه، فإذا عرفوه عبدوه، فإذا عبدوه أستغنوا بعبادته عن عبادة من سواه.
فقال له الرجل: يابن رسول الله، بأبي أنت وأمي، فما معرفة الله؟
قال: معرفة أهل كل زمان إمامهم الذي يجب عليهم طاعته.
وقال الأمام الباقر (عليه السلام): إنما يعرف الله عزوجل ويعبده من عرف الله وعرف إمامه منا أهل البيت وقال مولانا الأمام علي (عليه السلام): أسعد الناس من عرف فضلنا، وتقرب الي الله بنا، وأخلص حبنا، وعمل بما اليه ندبنا، وأنتهي عما عنه نهينا، فذاك منا، وهو في دار المقامة معنا.
ونبقي مع أمير المؤمنين (عليه السلام) ونفحة من خلقه المحمدي نستشمها في الرواية التالية: فقد روي عن الأمام الباقر ( عليه السلام ): قال أن رسول الله ( صلي الله عليه وآله) جالس ذات يوم وأصحابه جلوس حوله، فجاء علي (عليه السلام) وعليه سمل ثوب منخرق عن بعض جسده، فجلس قريبا من رسول الله ( صلي الله عليه وآله)، فنظر اليه ساعة ثم قرأ: «وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ».
ثم قال رسول الله (صلي الله عليه وآله) لعلي (عليه السلام): أما إنك رأس الذين نزلت فيهم هذه الأية وسيدهم وإمامهم.
ثم قال رسول الله (صلي الله عليه وآله) لعلي: أين حلتك التي كسوتكها يا علي؟
فقال: يا رسول الله، أن بعض أصحابك أتاني يشكو عريه وعري أهل بيته، فرحمته وآثرته بها علي نفسي، وعرفت أن الله سيكسوني خيراً منها.
فقال رسول الله (صلي الله عليه وآله): صدقت، أما إن جبرائيل قد أتاني يحدثني أن الله [قد] اتخذ لك مكانها في الجنة حلة خضراء من إستبرق، وصبغتها من ياقوت وزبرجد، فنعم الجواز جواز ربك بسخاوة نفسك، وصبرك علي سملتك هذه المنخرقة، فأبشر يا علي. فانصرف علي (عليه السلام) فرحاً مستبشراً بما أخبره به رسول الله (صلي الله عليه وآله).
ومن وصايا أهل البيت عليهم السلام نقرأ لكم ماروي عن إمامنا جعفر الصادق (عليه السلام) أنه قال عند وداع جماعة من شيعته أتوه من الكوفة: أوصيكم بتقوي الله، والعمل بطاعته، واجتناب معاصيه، وأداء الأمانة لمن أئتمنكم، وحسن الصحابة لمن صحبتموه، وأن تكونوا لنا دعاة صامتين.
فقالوا: يابن رسول الله، وكيف ندعوا اليكم ونحن صموت؟
قال: تعملون بما أمرناكم به من العمل بطاعة الله، وتتناهون عما نهيناكم عنه من أرتكاب محارم الله، وتعاملون الناس بالصدق والعدل، وتؤدون الأمانة، وتأمرون بالمعروف، وتنهون عن المنكر، ولا يطلع الناس منكم الا علي خير، فإذا رأوا ما أنتم عليه قالوا: هؤلاء الفلانية، رحم الله فلانا، ماكان أحسن ما يؤدب أصحابه، وعلموا فضل ما كان عندنا، فسارعوا اليه. أشهد علي أبي محمد بن علي رضوان الله عليه ورحمته وبركاته.
لقد سمعته يقول: كان أولياؤنا وشيعتنا فيما مضي خير من كانوا فيه، إن كان إمام مسجد في الحي كان منهم، وإن كان مؤذن في القبيلة كان منهم، وإن كان صاحب وديعة كان منهم، وإن كان صاحب أمانة كان منهم، وإن كان عالم من الناس يقصدونه لدينهم ومصالح أمورهم كان منهم، فكونوا أنتم كذلك، حببونا الي الناس، ولا تبغضونا اليهم.