أحد القيم الجميلة التي تكرسها الزيارة الأربعينية هي ثقافة العطاء للغير، ومكافحة نزعة الأنا وحب الذات والتملّك، الأمر الذي يترجمه خدمة زوار أبا عبد الله الحسين (ع) والتي تعد من أهم الشعائر الحسينية.
لذا تم إنشاء العديد من المواكب المتواجدة على طول طريق المشاية وصولا إلى كربلاء على اختلاف جنسيات أصحابها، مثلا: على عمود رقم 502 مخيم البقيع الموحد لأهالي القطيف والأحساء والمدينة، على عمود 524 حسينية الحسين (ع) لأهالي ديالى، على عمود رقم 810 موكب مخيم التركمان.. وغيرها. وللبنانيين نصيب من هذا الأمر، فعلى العامود 338 هناك موكب وحسينية الثقلين، وعند عامود 991 موكب فاطمة بنت أسد..
“كل القيم التي وضعها الإنسان لنفسه تسقط أمام عظمة الزائر”، بهذه الكلمات عبر الحاج محمد سلامة أحد القيمين على مضيف “ثار الله” عن شرف خدمة زوار الإمام الحسين (ع)، في حديث خاص مع وكالة “شفقنا”، وقال : ” تأسس المضيف سنة 2013، حيث جاءت الفكرة عند مشاهدة أحد الخدام للمضايف العراقية خلال تواجده في الزيارة وقام بالتطوع لديهم”، وتابع: ” بعد ذلك سأل المعنيين هناك إذا يمكن للبنانيين إنشاء مضيف، وبالفعل تم ذلك”.
وأشار إلى أن مسيرة المضيف في البداية انطلقت على عامود 409 فقط، وكان عدد الخدام المؤسسين خمسة، وفي سنة 2017 – أي بعد أربع سنوات من التأسيس – تم شراء أرض على عامود 510 وبدأ العمل بالمضيف الثاني.
وفيما يتعلق بخدام الموكب قال الحاج سلامة: “في أول سنة كان الخدام خمسة فقط، هذه السنة أصبحنا 180 خادم بين المضيفين، وهم متطوعون كل فرد منهم يأتي على نفقته الخاصة كي لا يحمل المضيف مدفوعات خارجة عن خدمة الزوار ومن أجل أن يتشرف بهذه الخدمة”.
أما الخدمات التي يتم تقديمها للزائرين فقال: “نخدم الزوار بالمأكولات كالمعجنات على أنواعها – الأرز – الشوربة، والمشروبات الساخنة كافة، مع وجود صالة لراحة الزائر استعدادا لمتابعة مسيره، إضافة لوجود المراحيض والمفارز الطبية، والحمد لله هذه السنة تم افتتاح مكان للمنامة”. مؤكدا أن لا صعوبات يتم مواجهتها أو عراقيل.
واشار إلى وجود تنسيق بين المضايف والسلطات العراقية واصفا بأنها جيدة جدا، وقال: “بطبيعة الأمر يجب أن يكون هناك تنسيق، فإنشاء موكب يحتاج إلى رخصة من هيئة المواكب وتسجيله بالوقف الشيعي”، شاكرا الأخوة في العتبات العلوية والحسينية والعباسية على دعم المضايف خاصة الصغيرة المبتدئة.
ورأى الحاج سلامة أن لا إختلاف بين المضايف جميعها أو تمييز، فالجميع خدام زوار الإمام الحسين (ع)، موضحا أنه قد يختلف الأسلوب في تقديم الخدمة بسبب البيئة فقط لا غير.
وحول الإقبال على زيارة الأربعين قال: “في كل سنة ترتفع الأعداد”، مشبها زوار الإمام (ع) بالنهر الذي لا يتوقف.
وفي الختام عبّر الحاج سلامة عن ما قد يشعر به الفرد هناك، فقال: ” قد يحصل مع الإنسان أمور توجيهية لم يكن يوما يتوقع أن يعيشها، كل القيم التي وضعها الإنسان لنفسه تسقط أمام عظمة الزائر وتتجسد في كلمة خادم، فالخادم هنا مهما كانت جنسيته أو منصبه – دكتور أو مهندس – يطبّب أقدام الزوار وينظف الأرض”.
على الرغم من مرور أعوام عدة على الشعائر الحسينية إلا أن عظمتها لا يمكن أن تمحى، أمر فرضه محبو أهل البيت (ع) ورسمته قلوب العاشقين وصولا إلى كربلاء رغم بعض المعاناة، فصدقت مقولة “كل الخدم تنهان شفناها بالعين، بس بكرامة تعيش خدام الحسين”.
وفاء حريري