نحن لانزال مع دعاء العهد، وهو الدعاء المعروف الذي يتلى كل صباح (لا اقل من اربعين صباحاً)، حيث وردت التوصية بقراءته لتعجيل ظهور الامام المهدي عليه،.. وقد سبق ان حدثناك عن احد مقاطعه المتسلسلة، وهو المقطع المتوسل بالله تعالى بان يبعثنا من قبورنا عند ظهور الامام المهدي عليه السلام لنصرته (وذلك في حالة مااذا حال الموت بيننا وبين مناصرته ايام حياتنا) هنا، يجدر بنا ان نعرض ما ورد في المقطع المذكور من توسلات لها دلالالتها في حقل الولاية لامام العصر عليه السلام وحجته،.. يقول المقطع: (فأخرجني من قبري مؤتزراً كفني، شاهراً سيفي، مجرداً قناتي...).
هنا لابد وان نلفت نظرك الى جملة نكات، ترتبط بسلاح قارئ الدعاء..
لاحظت بان مقطع الدعاء يتوسل بالله تعالى ان يخرج قارئ الدعاء من قبره، وهو على الحالة الآتية (مؤتزراً كفني، شاهراً سيفي، مجرداً قناتي).. طبيعياً، هذه الهيئة العسكرية لها: رمزها على المستويين: الموروث والمعاصر.. فبالنسبة الى (الكفن) قد يظل حالة منسجمة على مطلق الاجيال تماماً كما هو مثلاً (حالة السيف بالنسبة الى صلاة الجمعة) حيث يظل رمزاً (وليس سلاحاً فعلياً).. ولكن ماذا بالنسبة الى الحالتين الاخريين (اشهار السيف) ووجود القناة)؟.. واضح ان السيف والقناة اي: الرمح هما من الاسلحة المأثورة في زمن صدور الدعاء، وهما في ازمنتنا المعاصرة، اما ان يرمز بهما الى تنوع السلاح الذي تتطلبه المعارك، واما ان نفترض (تغيراً تقنياً) كأن تستخدم الاسلحة المبيدة بحيث يفنى ثلثا مجتمعاتنا (ومنها: البعد التقني ايضاً)، فيعود البشر الى السلاح الموروث، وان كنا نحتمل قوياً بان تظل العبارات المتقدم (الكفن، السيف، القناة) ادوات رمزية لحالة قارئ الدعاء وهو يتأهب لخوض المعركة ضد الظلم والجور، ثم لبناء العدل والقسط: اي المساهمة في عملية الاصلاح الاجتماعي التي يضطلع بها امام العصر(ع).
واذا واصلنا سائر التوسلات الواردة في هذه الفقرة من مقطع الدعاء، اي: الفقرات التي تتحدث بعد قوله (فأخرجني من قبري مؤتزراً كفني، شاهراً سيفي، مجرداً قناتي) نواجه عبارات من نحو (ملبينا دعوة الداعي في الحاضر والبادي).. ان هذه الفقرة او العبارة او التوسل تتطلب تأملاً ايضاً: ترى ماذا يقصد الدعاء بها؟
ان تلبية الداعي تعني: استعداد قارئ الدعاء بان ينفذ اوامر الامام عليه السلام في توزيعه للادوار العسكرية والمدنية التي توكل اليه..
ولكن ماذا تعني عبارة (في الحاضر والبادي)..؟
ان الحاضر والبادي مصطلحان يستخدمان عادة بالنسبة الى سكان البادية والحاضرة، اي الصحراء ومقابلها الاماكن المأهولة بسكانها الدائمين، مقابل السكان المتنقلين في البادية.. والمهم: هو تعبير عن المجتمع الشامل بكل اقسامه ومستوياته،.. والسؤال من جديد: هل يعني ذلك ان قارئ الدعاء يستهدف الاشارة الى انه سوف يلبي دعوة الداعي سواء اكان الداعي في الحاضرة والبادية، أكان المدعو في الحاضرة والبادية؟.. واياً كان المقصود، فان الدلالة الرمزية لهذه العبارة تعني: ان قارئ الدعاء مستعد كل الاستعداد لتنفيذ اوامر الامام عليه: في الحالات جميعاً، في اية ظروف تتطلبها المعركة.. الخ، وهو - كما نلاحظ - عزم راسخ، على الامتثال والطاعة..
بعد هذا التوسل، نواجه مقطعاً جديداً من دعاء العهد.. حيث كان المقطع الاول من الدعاء تمهيداً عاماً، وكان المقطع الثاني: يتضمن ابلاغ قارئ الدعاء صوته الى الامام المهدي عليه السلام عبر توسله بالله تعالى بان يبلغ مولاه من الصلوات والتحيات زنة عرش الله ومداد كلماته وما احصاه كتابه واحاط به علمه.. الخ، اما المقطع الثالث فقد تضمن تجديد الميثاق والبيعة للامام عليه السلام، وجاء المقطع بعده: ليتوسل بالله تعالى بان يجعله من انصار الامام عليه السلام واعوانه.. الخ، ثم: التوسل الذي حدثناك عنه الآن وهو: في حالة ما اذا حال الموت بينه وبين نصرة الامام عليه السلام، حيث توسل قارئ الدعاء بان يخرجه الله تعالى من قبره حاملاً سلاح.. واما المقطع الذي يلي ذلك، فسنحدثك عنه في لقاء لاحق ان شاء الله تعالى.
*******