يا نفس يا نفس، ما بالك تسوفين في العمل، وانت لا تعلمين متى يحين الاجل، لعله قد دنا فيخطتفك من غير مهل، فاتركي فديتك طول الامل واستعيني بالله على المبادرة الى صالح العمل. اعملي بأخراك عمل من ايقن ان ايوم آخر عمره ومنتهى دهره، وغالب الشهوة الحرام قبل ضراوتها، فاذا إستقوت لم يقدر على منعها صاحبها، فالشهوة كالشجرة النابتة التي تزيدها طول المدة قوة وثباتاً وتزيد أسيرها ضعفاً وشتاتاً.
يا نفس يا نفس، لقد فتح ربك الرؤوف الرحيم باب التوبة والعودة الى صراطه المستقيم ونهجه القويم، فلاتغفلي عن طرق هذا الباب وأكثري م الاستغفار فالله يحب التوابين، كوني من الذين مدحهم الله جل جلاله فقال: «وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ، أُوْلَئِكَ جَزَاؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ» (آل عمران، ۱۳٥ـ۱۳٦).
فسارعي يا نفس ـ عند كل خطيئة ـ الى مغفرة الغفور الرحيم بالتوبة والاستغفار، وحذار حذار من الاصرار فالاصرار على الذنوب موت القلوب.
يا نفس يا نفس، وحذار من اليأس من مغفرة الرب المجيب؛ فاليأس من رحمة الله اعظم الذنوب وأشد حبائل الشيطان؛ لا تنسي الاستغفار فهو من ذكر الله القهار، تأملي فيما قاله مولانا الصادق عليه السلام عن آية الاستغفار حيث قال: لما نزلت هذه الآية صرخ ابليس بأعلى صوته بعفاريته فأجتمعوا اليه، قال: نزلت هذه الآية فمن لها [يعني من يحرم الخلق من دخول باب الاستغفار الذي فتحه الله لهم فيها].
فقال الوسواس الخناس: أنا لها، أعدهم وأمنيهم حتى يواقعوا الخطيئة فاذا واقعوا الخطيئة أنسيتهم الاستغفار، فقال ابليس: أنت لها فوكله بها الى يوم القيامة.
فاستعيذي يا نفس بربك إِلَهِ النَّاسِ، مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ والهجي بالاستغفار.