يا نفس يا نفس، أما سمعت في حكم مصابيح الهدى ومنقذي الورى من التهلكة والعمى أن من كانت الدنيا همه كثر في الآخرة غمه؟
يا نفس فالدنيا والآخرة ضرتان وهما ككفتي ميزان، فإن رجحت إحداهما خفت الاخرى فإنظري الاولى بك والاحرى.
يا نفس وإعلمي أن الدنيا دار ممر، والآخرة دار مقر، والناس في الدنيا إثنان: رجل باع نفسه فأوبقها ورجل ابتاع نفسه فأعتقها فالاول صار عبد الدنيا والثاني صار مالك الدنيا:
الا يا نفس ما أرجو بدار
أرى من حلها قلق القرار
بدار إنما اللذات فيها
معلقة بايام قصار
ترى الاموال أرباباً علينا
وما هي بيننا الا عوار
كأني قد أخذت من المنايا
أماناًَ في رواحي وابتكاري
إذا ما المرء لم يقنع بعيش
تقنع بالمذلة والصغار
يا نفس يا نفس، حذاري حبيبتي من ان تكوني اسيرة الاماني والمنى فهي بضائع اهل الغرور والحمقى، وحذاري من تأجيل عمل الخير والصلاح، فالمبادرة الى الخيرت مفتاح النجاة والفرص تمر مر السحاب.
المرء مرتهن بسوف وليتني
وهلاكه بالليت والتسويف
يا نفس يا نفس، فديتك، لتكن همتك ناظرة الى الآفاق العالية والذرى السامية فلا ترضى بالدنا ولا تستبدل الذي هو خير بالذي هو ادنى، واستنيري لطريق النجاة بقول سيد الهداة حيث قال (صلى الله عليه وآله): القلب على ثلاثة انواع: قلب مشغول بالدنيا، وقلب مشغول بالعقبى، وقلب مشغول بالمولى.
اما القلب المشغول بالدنيا فله الشدة والبلاء.
وأما القلب المشغول بالعقبى فله الدرجات العلى.
واما القلب المشغول بالمولى فله الدنيا والعقبى والمولى.