يا نفس يانفس، كيف يفرح بصحبة الدنيا صدرك، وكيف يلتئم في غمراتها أمرك، وقد دعاك باقتراب الاجل قبرك.
وخفقت فوق رأسك اجنحة الموت ورمقتك من قريب أعين الفوت؟
يا نفس طال تمسكي
بعرى المنى حيناً فحينا
يا نفس إن لم تصلحي
فتشبهي بالصالحينا
وتفكري فيما أقول
لعل قلبك أن يلينا
أين الاولى جمعوا وكانوا
للحوادث آمنينا؟
يا نفس يا نفس؛ أما تعلمين ان الموت ميعادك وتراب القبر وسادك والفزع الاكبر بين يديك؟ فمالذي قدمتيه للنجاة من الفزع والفوز بالامان؟
يا نفس حتّام الى الدعة والغفلة سكونك؟ وحتامّ الدنيا وزخرفها ركونك؟
يا نفس هذا الذي تأتينه عجب
علم وعقل ولانسك ولا ادب
حب المتاع وحب الجاه فانتبهي
من قبل تطوى عليك الصحف والكتب
وتصبحين بقبر لا انيس به
الاهل والصحب لما الحدوا ذهبوا
وخلفوك وما اسلفت من عمل
فالمال مستأخر والكسب مصطحب
يا نفس يا نفس، مالي اراك تعملين عمل من يظن أنه خالد في دار الفناء؟ أما اعتبرت بمن مضى من المعارف والاصدقاء؟
ووارته الارض من أخلائك ومن فجعت به اخوانك ونقلوه الى دار البقاء من اقرانك:
فهم في بطون الارض بعد ظهورها
محاسنهم فيها بوال دواثر
خلت دورهم منهم وبارت عراصهم
وساقتهم نحو المنايا المقادر
رحلوا عن الدنيا وما جمعوا لها
وضمتهم تحت التراب الحفائر
يا نفس، فكيف انت في هذه الحالة وانت صائرة الها لا محالة؟
فاستعدي لها بالتقوى وهي خير الزاد.