البث المباشر

فاطمة عليها السلام (في آية لا تقتلوا انفسكم)

الأحد 29 سبتمبر 2019 - 12:01 بتوقيت طهران

اذاعة طهران - فاطمه في القرآن والسنة: الحلقة 13

 

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين _وافضل الصلاة وازكى السّلام على النّبيّ المصطفى الامين، وعلى اله الميامين.
اخوتنا واعزّتنا المؤمنين...السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته، ما اوصى الاسلام بشئٍ الّا وفيه خيرنا وصلاحنا وهدايتنا وسعادتنا، وكان ممّا اكد عليه في ايات القران الحكيم والحديث الشريف: فهم كتاب الله وتفهّمه، ثمّ العمل به تطبيقا واعتقادا وموقفا، ثمّ بيانه للناس والتعريف بمقاصده... ومن هنا ورد عن رسول الله صلى الله عليه واله قوله: "خياركم من تعلم القران وعلمه" ، وقوله: "القران مادبة الله، فتعلموا مادبته مااستطعتم" . وصحيح ان من تعلم القران وتعليمه ان يحسن المسلم تلاوته وفهم الفاظه على صحة قراءتها، ولكن هذا ليس مبلغ العلم، لان المعول عليه فهم المعاني التي يريدها الله تبارك وتعالى في اياته المباركة.
وفهم المقاصد التي تحدد موقف المسلمين وترشدهم الى الموقف الحق والعقيدة الصالحة والعمل السليم.. وهذا هو المراد الاعلى الذي به ينقذ المسلم ويضعه على طريق الهداية والنور والصلاح، فالى جانب التوصية بتلاوة الكتاب العزيز وكثرة قراءته، جاءت الايات والروايات تؤكد على التدبر فيه، وتطبيقه وتحقيق مواقفه، ومن هنا كان من اخر وصايا اميرالمؤمنين عليه السلام وهو على فراش الشهادة قوله: "الله الله في القران، لايسبقكم بالعمل به غيركم" .. لماذا؟ لان القران شفاء ورحمة، وعلم وهدى، وحق مطلق، يعرف من خلاله اهل الباطل من هم ومن هم اهل الحق، والقران ذكر الهي، ومن خلاله يعرف من كانوا اهل الذكر... نعم... هم اهل البيت عليهم السلام وفيهم فاطمة الزهراء صلوات الله عليها، وفيهم يقول الشاعر:

هم حجج الباري واعلام دينه

واطواده في العالمين الرواسب

ومن بالمعالي العز والفضل والابا

لهم شهدت اعداؤهم والاجانب

ومن طهروا من كل رجس وجربوا

وهم اله الغر الكرام الاطايب

بيوتهم للوحي ماوى ومهبط

وضيف لهم جبريل فيه وصاحب

وهم وكتاب الله شقا يراعة

بغيرهما لا يحسن الخط كاتب

 

*******



اخوتنا الاعزة الاحبة...قال تعالى في محكم تنزيله المجيد: "وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً" . (سورة النساء: الاية التاسعة والعشرون) قال بعض المفسرين ان من الاصول الكلية التي يقوم بها نظام المجتمع الانساني ثلاثة امور، هي: حفظ الاعراض، وحِفظُ الاموال، وحفظ الانفس. وظاهر العبارة القرانية الشريفة انها تدل على النهي عن قتل النفس المحترمة، سواء كان ذلك القتل قتل النفس اوقتل الغير. وانما عبر الله عزوجل بذلك على نحو خطاب الجماعة، للدلالة على وحدة المجتمع، وان انفسهم كنفس واحدة، وللزيادة في الزجر، فان من قتل غيره فكانما قتل نفسه، وبهذه العناية يشمل قتل الانسان نفسه، اي الانتحار! وللاية المباركة مصاديق اخرى، احببنا الوقوف عندها. روى ابن المغازلي الشافعي في مؤلفه (مناقب علي بن ابي طالب)، والحاكم الحسكاني الحنفي المذهب في كتابه (شواهد التنزيل لقواعد التفضيل) في ظل قوله تعالى: "وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيماً" . (سورة النساء: الاية التاسعة والعشرون) قال ابن عباس: اي لاتقتلوا اهل بيت نبيكم. ثم استدل ابن عباس رحمه الله قائلا: ان الله تعالى يقول في كتابه: "فَقُلْ تَعَالَوْاْ نَدْعُ أَبْنَاءنَا وَأَبْنَاءكُمْ وَنِسَاءنَا وَنِسَاءكُمْ وَأَنفُسَنَا وأَنفُسَكُمْ" . (ال عمران: الاية الحادي والستون)
ثم قال ابن عباس رحمه الله: كان ابناء هذه الامة الحسن والحسين، وكان نساءَهم فاطمة، وانفسهم النبي صلى الله عليه واله وعلي عليه السلام.
قال السيد عبد الاعلى السبزواري رحمه الله في تفسيره (مواهب الرحمان): يمكن ان يقال: ان المنصرف من الانفس هي الانفس التي لها موقعية عند الله تبارك وتعالى، وهي منحصرة برسول الله صلى الله عليه واله واهل بيته عليهم السلام ومنهم الصديقة فاطمة الزهراءعليها السلام الذين هم حملة القران وشراحه.. ثم قال السيد السبزواري في بحثه العرفاني حول الاية: ان المراد من قوله تعالى: "وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ" هوالقتل بغير الحق.

*******



وهكذا نقف – ايها الاخوة الاكارم – على امور اعمق مما كنا عرفناه من ظاهرة الاية الشريفة الناهية عن قتل النفس، فان اهل البيت، النبي واله، صلوات الله عليه وعليهم، هم نفس نورانية واحدة، وقد جاء النهي عن قتلهم، لامرين: الاول – تحذيرا من هذه الجريمة العظمى التي تعني قتل الدين وقتل الامة، اوتعني الانتحار والهلاك! والامر الثاني – تنبيها الى ان هناك في الامة من يجرؤَ على قتل رسول الله واهل بيته عليه وعليهم السلام، ولذا وضع القران هذا الاحتمال تقريبا للاذهان، فقال فيه تعالى: "وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ" . (ال عمران: الاية المئة والرابعة والاربعون)
كذلك روي عن النبي الاكرم صلى الله عليه واله وسلم قوله في نفسه واهل بيته ومنهم الصديقة الزهراء فاطمة عليهم الصلاة والسلام: "ما منا الا مقتول اومسموم" .

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة