نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الخاص بقراءته بعد الزيارة الجامعة للأئمة عليهم السلام وقد حدثناك في لقاءات سابقة عن مقاطع متسلسلة منه، وانتهينا الى احد مقاطعه المتوسل بالله تعالى بان يقطع يد كل من اراد المكروه والسوء بقارئ الدعاء، وفي مقدمتهم الشيطان المريد، ثم يقول (او سلطان عنيد، او مخالف في دين او منازع في دنيا، او حاسد علي في نعمة او ظالم او باغ).
ان هذه السلسلة من الاعداء قد توسل مقطع الدعاء بالله تعالى بان يكفي القارئ شرورهم.
ويعنينا ان نعرض لكل نمط من الاعداء المشار اليهم حتى نتبين مدى حرص الشريعة الاسلامية على انقاذ الشخصية المؤمنة من الشرور او المكروه او السوء، اذن لنتحدث عن ذلك.
لقد بدأ مقطع الدعاء بالاشارة اولاً الى الشيطان المريد، حيث حدثناك عن ذلك في لقاء سابق، ثم تبعه بعدو او بجنود للشيطان ومنهم السلطان العنيد والسؤال الان هو ماذا نستخلص من السمات المتصلة بالسلطان حيث وصفه الدعاء بالعنيد بينما وصف الشيطان بانه مريد؟ لقد اوضحنا في لقاء سابق سبب تسمية الشيطان بانه مريد في سياق آذاه للاخرين، اما الان فيجدر بنا ان نحدثك عن النكتة الكامنة وراء الوصف للسلطان بانه عنيد فلماذا؟
لا نحتاج الى مزيد من التأمل حتى ندرك سريعاً بان السلطان غالباً اذا لم يكن اسلامياً بمعناه الحق يتسم بالمكر وبالظلم وباحساس الزهو وبالخوف على ملكه، وهذا يدفعه الى ان يتعالى على الاخرين من جانب وان يحذر من الآخرين خوفاً على سلطته من جانب ثان وان يظلم من دونه من جانب ثالث تأكيد على احساسه بالعلو كما هو واضح بيد ان ما نعتزم توضيحه هو لماذا حذر الدعاء من السلطان اذا كان عنيداً هل يعني ذلك ان البعض من السلاطين لا يتسم بالعناد؟ ربما يكون الامر كذلك.
بيد ان الملاحظ هو ان العناد من حيث كونه يتسم بالاصرار على ممارسة الشر ومعارضة الآخر فحينئذ سيكون ظلمه مضاعفاً، والسبب هو ان الاحساس بالعلو يتوافق مع الاحساس بظلم الاخر، تأكيداً لمعنى الاستعلاء والتميز عن الغير، فاذا اضفنا الى ذلك ان الاحساس بالعلو لا يسمح للشخصية المتعالية بان تتقبل النقد من الاخر، حينئذ فان عدم التقبل المذكور يدفعها الى العناد كما هو واضح، ومن ثم يحملها على ممارسة الظلم بنحو مضاعف تأكيداً لاحساسها المرضي المذكور.
السمة او الصنف الاخر من الاعداء ورد في مقطع الدعاء بعبارة (او مخالف في دين)، وهذه العبارة لها دلالتها المهمة دون شك، حيث ان الدين اذا اخذناه بمعناه العبادي او اخذناه بمعناه الايدلوجي الاعم من وجهة النظر العبادية والعلمانية، نفي الحاليين تتعرض الشخصية الاسلامية المنتسبة الى مذهب الحق، مذهب الله تعالى والنبي(ص) واهل البيت عليهم السلام، حينئذ تتعرض الى عدوين هما: العدو المذهبي والعدو العلماني، وما نلاحظه في سنواتنا المعاصرة من الاذى تجسيد لما قلناه من جانب نجد اعداء المذهب الحق يمارسون التقتيل والتفخيخ والتشريد وقطع الرؤوس كذلك نجد العلمانيين يمارسون العمليات ذاتها حيال المنتسبين لخط اهل البيت عليهم السلام، المهم ان مقطع الدعاء في اشارته الى المخالف في الدين، والتوسل بالله تعالى بان يقبض يده عنا انما يجعلنا نتداعى باذهاننا الى النمطين من الاعداء بالشكل الذي اوضحناه الان.
ختاماً نسأله تعالى ان يقبض عنا ايدي الاعداء جميعاً، وان يوفقنا الى ممارسة وظيفتنا العبادية التي خلقنا من اجلها وان نتصاعد بذلك الى النحو المطلوب.
*******