نتابع حديثنا عن الادعية المباركة ومنه الدعاء الخاص بقراءته بعد زيارة الائمة عليهم السلام حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الان عن مقطع جديد منه وهو الذي جاء فيه (يا سيدي يا مولاي)، هنا يذكر قارئ الدعاء الدعاء الامام المزور،(صلى الله عليك وعلى روحك وبدنك، انت وسيلتي الى الله وذريعتي اليه، ولي حق موالاتي وتأميلي فكن شفيعي الى الله عز وجل في الوقوف على قصتي وصرفي عن موقفي هذا بالنجح بما سئلته كله برحمته وقدرته).
ان هذا المقطع ما قبل الاخير من الدعاء الموسوم بسمة عالي المضامين ينطوي على جملة نكات يحسن بنا ملاحظتها وهذا ما نبدأ به ...
الملاحظة الاولى في المقطع هي التوسل بعبارتي يا سيدي ومولاي وعبارتي روحك وبدنك وعبارتي وسيلتي وذريعتي وعبارتي موالاتي وتأميلي وعبارتي برحمته وقدرته.
ان استخدام عبارتين متجانستين لكل موضوع فضلاً عن انطوائهما على بلاغة فائقة فان المطلوب الان هو الدلالة وليس الشكل الفني ونقف عند دلالتي العبارتين الاوليين وهي سيدي ومولاي فماذا تعنيان؟
مما لا شك فيه ان السيد والمولى كليهما تستخدمان حيناً بمعنى واحد هو مقابل العبد، اي ان للعبد سيداً او مولى متبوعاً ويكون العبد خادماً او تابعاً، ولكن الاستخدام لهاتين العبارتين بمعنى واحد في آن واحد لا يستخدم الامام المعصوم من الخطأ الفني والدلالي لذلك فان استعمالهما بمعنى واحد هو استعمال للبشر العادي غير المعصوم، واذن نتساءل من جديد ما المقصود بكل منهما؟
بالنسبة الى السيد فان الدلالة هي سيادة الشخصية على قومها وبالنسبة الى المولى من يتولى ادارة الامور لرعيته او جماعته لذلك عندما يستخدم الدعاء هاتين الكلمتين فانهما يستخدمان بدلالتين هما على النحو الاتي.
السيد يقصد به الله تعالى من حيث سيادته على الخلق اجمعين واما المولى فمن حيث ادارته لشؤون الخلق وهذا يعني ان الدعاء حيثما يستخدم هاتين العبارتين وهو في صدد مخاطبة الامام(ع) فهذا يعني استخدامه بما يتناسب ومفهوم الامامة، ولذلك فان الامر يختلف هنا في دلالته عن التوجه الى الله تعالى كما يختلف في دلالته عندما يستخدم في المخاطبة العادية بين الشخص ومن له قوامية عليه كالسيد والعبد او الحر والعبد.
والمهم هو ملاحظة ما ينسحب على الامام المزور فماذا نستخلص اذن؟
من الواضح ان الامام المعصوم هو الشخصية التي نصبه النبي(ص) خليفة شرعياً بدءاً من الامام علي(ع) وانتهاء بالامام المهدي(ع) وفي هذا السياق فان مخاطبة الامام(ع) بانه السيد يعني سيادته على هذا القارئ للدعاء وسائر الناس لانه منصوب من النبي(ص)والنبي مأمور من الله تعالى بذلك، وهذا من حيث السيادة اي تبعية الزائر لسيده.
واما بالنسبة الى المولى فان الامر يظل مرتبطاً بتولية الامام(ع) لامور الناس، اي بما انه سيد عليهم حينئذ فانه يتولى امورهم كما هو واضح.
اذن اتضح - ولو عابراً - الفارق بين السيد وبين المولى في هذا السياق والا فانهما في سياق آخر يختلفان عما ذكرناه والمهم هو ان ادب الدعاء يستتبع استخدام هاتين العبارتين كما سنوضح ذلك عندما نصل الى ما يتوسل به قارئ الدعاء من الشفاعة ونحوها.
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا لزيارة ائمتنا عليهم السلام وان يوفقنا لممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******