نواصل حديثنا عن الادعية المباركة ومنها الدعاء الخاص بقراءته بعد زيارة الائمة عليهم السلام حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، وانتهينا من ذلك الى مقطع آخر هو (اللهم صل على محمد وآل محمد واغفر لي ولوالدي ولاخواني واخواتي، واعمامي وعماتي، واخوالي وخالاتي واجدادي وجداتي، واولادهم وذراريهم، وازواجي وذرياتي، واقربائي، واصدقائي، وجيراني واخواني فيك من اهل الشرق والغرب، ولجميع اهل مودتي من المؤمنين والمؤمنات الاحياء منهم والاموات ولجميع من علمني خيراً او تعلم مني علماً اللهم اشركهم في صالح دعائي وزيارتي لمشهد حجتك ووليك واشركني في صالح ادعيتهم، برحمتك يا ارحم الراحمين، وبلغ وليك منهم السلام، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته).
استشهد بهذا المقطع الطويل خلافاً لما دأبنا عليه في احاديثنا وذلك نظراً لارتباط موضوعاته بعضاً مع الاخر، وهو ما يتصل بآداب الدعاء الخاص باشراك المقربين والمؤمنين في زيارة قارئ الدعاء للائمة عليهم السلام وهم اي الاشخاص والطوائف الاجتماعية بحسب تسلسلهم في القرب منه مما يحملنا على القول بان الشريعة الاسلامية تعنى كل العناية بتعميق الروابط الاجتماعية بين الناس، سواء أكانوا من الجماعات المواجهة لبعضم اي الذين يلتقيهم الشخص وجهاً لوجه او كانوا من الجماعة الثانوية التي لا يلتقيهم بقدر ما يشترك واياهم في صلات روحية كالمؤمنين بنحو عام.
المهم ان مقطع الدعاء يعنى بهذا الجانب من السلوك الاجتماعي للفرد وهو ما يحتاج الى القاء الانارة عليه.
لقد بدأ مقطع الدعاء بعد صلواته على محمد وآله عليهم السلام بالتوسل بالله تعالى بان يغفر له ثم لمن يرتبط به من عائلته واقربائه وجيرانه، حيث يستهدف ان يشركهم في دعائه وزيارته وسلامهم للائمة عليهم السلام.
وهذا النمط من الاشراك لزيارته ودعائه للجماعات والافراد المذكورين يسهم في تدريب شخصية قارئ الدعاء على تعلم السلوك السوي الذي نطمح اليه جميعاً حيث ان غالبية البشر مع الاسف الكبير يعانون من وطأة الامراض النفسية او وطأة السلوك الشاذ القائم على الاهتمام بالذات الفردية بدلاً من الذات الاجتماعية التي تجعل من الفرد عنصراً فعالاً في الحياة الاجتماعية المتمثلة في الاهتمام بالاخر بدلاً من الاهتمام بالذات او ما يطلق عليه مصطلح الانانية.
المهم ان تلاوة هذا المقطع من الدعاء تجعل الشخصية منتبهة على اهمية السلوك الغيري اي المعني بالآخر وهو قمة السلوك السوي كما اشرنا ويعنينا الان ان نعرض للافراد او الطبقات الاجتماعية التي وردت في هذا المقطع من الدعاء وهذا ما نبدأ به ...
يلاحظ ان مقطع الدعاء قد بدأ بتسلسل للجماعات الاتية بعد ان بدأ بقارئ الدعاء حيث سنوضح سبب البدء بشخصية قارئ الدعاء قبل سواه.
المهم اخضع الدعاء الجماعات الاتية الى تسلسل على هذا النحو الوالدين، الاخوة والاخوات، الاعمام والاخوال واناثهم، والاجداد واناثهم، والاولاد والذراري وازواجه وذرياتهم، والاقرباء والاصدقاء والجيران، ثم الاشخاص او الجماعات التي يرتبط بهم لوجه الله تعالى ثم اهل مودته مطلقاً امواتهم واحيائهم، واخيراً الاشخاص الذين علموه الخير من المبادئ.
ان هذا النمط من التسلسل للجماعات المار ذكرهم له دلالته في العلاقات الاجتماعية التي يحرص الاسلام على تعميقها وغرس المودة لديها والاهتمام - كما قلنا - بها تعبيراً عن الايثار في محبته اياهم، وهو منتهى السلوك السوي كما قلنا.
هنا لاتجدنا بحاجة الى التذكير جديداً باهمية هذا التسلسل الاجتماعي للطبقات المذكورة بقدر ما يعنينا ان نحث القارئ لهذا الدعاء بان يدرب ذاته على الاهتمام بشؤون الاخر، من زوجة واولاد واقرباء وجيران واصدقاء وجماعات الايمان، حيث ان الدعاء حتى لمن لا يرتبط بقارئ الدعاء نسباً او قرباً يسهم في تدريب الشخص على ايثار الغير كما كررنا.
ختاماً نسأله تعالى ان يوفقنا الى ذلك وان يوفقنا قبل كل شيء الى ممارسة الطاعة والتصاعد بها الى النحو المطلوب.
*******