مع أن الامام الحسين (عليه السلام)، خبر حياة خاصة، شحنت بأحداث سياسية، انتهت باستشهاده بالنحو المعروف، الا انه يظل امتداداً لجده وأبيه وأخيه من حيث «المعرفة» وكذلك الاقتدار الفني في التعبير.
فمن حيث المعرفة، نجد أن احد خصومه وهو نافع بن الأزرق، فيما يعده المؤرخون خطيب الخوارج ومتكلمهم، قد اضطر الى الاشادة به كما اضطر الحسن البصري في الاشادة بأخيه الحسن (عليه السلام) بنحو ما لحظنا ذلك في فصل سابق، حيث خاطبه قائلاً: (لقد كنتم منار الاسلام ونجوم الأحكام)، وخاطبه ايضاً: (قد أنبأ الله تعالى عنكم أنكم خصمون) وقال له: (ما أحسن كلامك) حينما طلب نافع من الحسين (عليه السلام) أن يصف الله تعالى.
واما من حيث الاقتدار الفني في التعبير، فيكفي أن خصمه معاوية قد علق على كلام له (عليه السلام) بقوله: (ولكنها ألسنة بني هاشم التي تفلق الصخر وتغرف من البحر)، كما أن أحد قتلته وهو ابن سعد، علق على خطبة للامام (عليه السلام) قالها يوم كربلاء: (كلموه فانه ابن أبيه، ولو وقف فيكم هكذا يوماً جديداً لما انقطع ولما حصر)، وحتى في أشد المواقف في يوم كربلاء، قال المؤرخون بأنه لم يسمع متكلم قط قبله ولا بعده ابلغ في منطقه من الحسين (عليه السلام)..
طبيعياً، أن المعرفة والفن قد خص الله بهما اهل البيت (عليهم السلام) بنحو لا ترديد فيه، الا اننا أشرنا الى اقوال الخصوم انفسهم لتوضيح الحقيقة التي قد يجهلها من لا حظ له من المعرفة... واياً كان، يعنينا ان نقدم نماذج من النصوص المأثورة عنه (عليه السلام)، وهي نصوص تتفاوت - كما هو نتاج الغالبية لدى أهل البيت (عليهم السلام)- بين الخطب والرسائل والخواطر والادعية والمقابلات والاحاديث.. الخ. ونقف اولاً مع:
*******