المقال: هو نص علمي. الا انه يوشح بشيء من لغة الفن، وقد لحظنا مقالته (عليه السلام) عن التوحيد في حديثنا عن الخواطر المأثورة عنه، حيث قابلنا بين خاطرة له عن القضاء والقدر (مقفاة) ومقال له عن التوحيد غير مقفى،... وكذلك يمكننا تقديم نموذج آخر مثل قوله (عليه السلام) عن الجهاد:
«الجهاد على اربعة أوجه: فجهادان فرض، وجهاد سنة لايقام الا مع فرض، وجهاد سنة. اما احد الفرضين فجهاد الرجل نفسه عن معاصي الله وهو من اعظم الجهاد، ومجاهدة الذين يلونكم من الكفار فرض... الخ»(۸).
ان هذا النموذج يمضي وفق لغة «علمية خالصة» لا ايقاع ولا صور ولا عناصر أخرى يرتكن اليها، وذلك بسبب السياق الذي فرض مثل هذه اللغة، لذلك اعتمد التقسيم المنطقي فحسب، في حين وشح المقال الاسبق وهو عن التوحيد بشيء عابر من الايقاع والصور كما اشرنا في حينه، وهذا مثل: (يوجد المفقود، ويفقد الوجود) (قربه: كرامته، وبعده: اهانته).. الخ.
واذا كان (المقال) لا يتطلب بطبيعته توشيحاً كبيراً بعناصر الصورة والايقاع ولا بعناصر وجدانية، فانه على الضد تماماً من فن آخر يتطلب العنصر الصوري والايقاعي والوجداني، حيث راعى الامام (عليه السلام) هذه الجوانب الفنية تبعاً لما قلناه من أنه (عليه السلام) يصوغ التعبير الفني وفق سياقاته، الا وهو فن:
*******
(۸)تحف العقول: ص ۲٤۷.
*******