البث المباشر

شرح فقرة: يا من لا تحويه الفكر

الأربعاء 4 سبتمبر 2019 - 09:07 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا من لا تحويه الفكر " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها دعاء (الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن أحد مقاطعه الذي ورد فيه: (يا من لا تحويه الفكر، يا من لا يدركه بصر، ...). 
هاتان الصفتان او العبارتان متجانستان دلالياً وايقاعياً وعظمة، انهما تتحدثان عن جانب من عظمة الله تعالي، وهو: عدم امكانية أن يلم الانسان بكنه عظمة الله تعالي، لا من حيث المهارة الذهنية ولا من حيث الحس وهو: البصر أو النظر، والنكتة في الموقف هي: 
اولاً: ان الفكر - وهو مضاد للبصر - من حيث سعة مساحته مقابل محدودية البصر - لا يمكنه ان يدرك حقيقة الله تعالي، مع انالفكر مشفوعاً بالقدرة التخيلية يظل من السعة بمكان كبير. 
مقابل ذلك، فان البصر - وهو النظر الي الشيء لا يمكنه - بطريق اولي - ان يلم بكنه الله تعالي بمعني عدم امكانية الرؤية الحسية، حيث انه تعالي منزه عن الحدوث: 
والسؤال: ما هي النكات الكامنة وراء انتخاب الفكر والبصر (أو اتي) معرفة تعجزان عن الالمام بعظمة الله؟ 
وثمة سؤال آخر: ما هي النكات الكامنة وراء التعبير عن الفكر بعبارة (يا من لا تحويه الفكر) والنكات الكامنة وراء التعبيرعنالبصر بعبارة (يا من لا يدركه)، اي ان النص استخدم (تحويه) مقابل (تدركه)، فما سر ذلك؟ 
في تصورنا بما ان الفكر - كما اشرنا يتسم بالسعة الكبيرة حيث لا حدود لخيال الانسان، حينئذ فان سعة الفكر او التخيل تتناسب مع احتواء الشيء لان الاحتواء معناه (استيعاب الشيء من حيث الحجم) وبما ان النص يستهدف الاشارة الي ان عظمة الله تعالي لا يمكن ان تتحدد في سعة فكرية او تخيلية: حينئذ ناسب الموقف بان يقول النص بان الله تعالي لا يمكن، ان تحويه او تحيط به او تلم به اية مهارة ذهنية مهما بلغت سعتها. 
واما بالنسبة الي تناسب (لا يدركه بصر) مع عملية الابصار، فلان الادراك البصري للشيء انما يتم بواسطة النظر اليه أو فيه، فاذا كان البصر عاجزاً او قاصراً: حينئذ يناسبه عدم الادراك للشيء: كما لو كان الشيء بعيداً عن المساحة البصرية لأداة العين. 
بعد ذلك نواجه عبارة (يا من لا يخفي عليه أثر)، فماذا نستلهم منها؟ 
الجواب: المقصود من الأثر هو: اي شيء حسي أو معنوي من السلوك أو الدلالات أو المظاهر، حيث تهدف العبارة الي ان الله تعالي لا يخفي عليه اي أمر أو ظاهرة في الوجود، والنكتة هي: ان هذه العبارة (يا من لا يخفي عليه اثر)، جواب لما سبق ان لاحظناه بان الفكر والبصر لا يمكنهما ان يعرفا كنه الله تعالي، حيث يستهدف الدعاء الاشارة الي ان الله تعالي عكس الانسان، يلم بكل شيء صغيره وكبيره قبالة الانسان القاصر: كما اوضحناه.

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة