البث المباشر

شرح فقرة: يا من هو في صنعه حكيم

الأحد 11 أغسطس 2019 - 09:13 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " يا من هو في صنعه حكيم " من دعاء الجوشن الكبير.

 

نتابع حديثنا عن الادعية المباركة، ومنها: الدعاء الموسوم بـ(الجوشن الكبير)، حيث حدثناك عن مقاطع متسلسلة منه، ونحدثك الآن عن أحد مقاطعه، حيث ورد فيه: (يا من هو في صنعه حكيم، يا من هو في حكمته لطيف، يا من هو في لطفه كريم).
إنّ هذه العبارات الثلاث تعدّ من العبارات المتّسمة ببلاغة فائقة من حيث صياغتها صوراً تفريعية، اي: كل عبارة تتفرّع منها عبارة اخرى، حيث تتحدّث الأولى عن أنه تعالى حكيم في الصنعة، والثانية تتحدّث عن أنه تعالى لطيف في حكمته المشار اليها، والثالثة تتحدّث عن أنه تعالى كريم في لطفه المشار إليه.
إذن نحن الآن أمام حكمة، ذات لطف، ولطف ذي كرم، فماذا نستلهم من هذه العبارات البليغة؟
لنقف أولاً عند العبارة الاولى القائلة إنه تعالى (حكيم) في صنعه، اي: أنه تعالى في كل ما صنعه من الوجود من سماء وأرض وجوّ وبحر، ونبات، وحيوان، ومخلوقات أخرى: من ملائكة وجنّ، وأكوان أخرى غير معروفة لدينا، إنه تعالى في كل ذلك (حكيم)، تنطوي صناعته وايجاده لهذه الظواهر على (الحكمة). ولكن ما هي الآثار المقترنة بهذه الحكمة؟
الجواب هو: العبارة الثانية القائلة: (يا من هو في حكمته لطيف). 
إذن اللطيف هو المقترن بهذه الحكمة. ليس هذا فحسب، بل لدينا ما يقترن بهذا (اللطف) ايضاً، فما هو؟
العبارة الثالثة تجيب، فتقول: (يا من في لطفه كريم).
إذن الكرم هو المقترن باللطيف المشار إليه، وفي ضوء هذه الحقائق، ماذا نستخلص؟
بالنسبة الى العبارة الأولى وهي: (يا من هو في صنعه حكيم)، ينبغي أن نقرّ بأننا من حيث محدودية إدراكنا لا نستطيع بأن ندرك وجه الحكمة ولذلك، فإنّ العبارة الثانية وهي: (يا من هو في حكمته لطيف) تقدّم لنا إدراكاً عاماً لما هو حكيم، وهو (اللطف)، فماذا يعني (اللطف)؟
اللطف هو، الرقّة والرفق والمحّبة الخاصة، وهذا يعني أن الله تعالى عندما صنع هذا الوجود، إنما صنعه مقترناً بما هو محبّة، ورفق، ورقّة من حيث انطواؤه على المعطيات المتقدّمة.
إذن وجه الحكمة هو: غاية المحبّة والرفق كما هو منطو عليه من المخلوقات، وهذا وحده يدلّنا على رحمته تعالى في كل ما صنع، كما هو واضح.
هنا، بعد أن ندرك بأنّ الله تعالى هو حكيم في صنعه، وأنّ الحكمة المذكورة هي: محبة ورفق بنا وبسائر ما هو موجود، بعد ذلك: نتّجه الى معرفة مستويات هذا اللطف، وهي تتمثّل في (الكرم) حيث قالت العبارة الثالثة: (يا من هو في لطفه كريم). لقد سبق أن كرّرنا في لقاءاتنا المتنوعة، أنّ الكرم والجود يعنيان تقديم العطاء من الله تعالى، إلا أن (الجود) هو: عطاء مع سؤال العبد او المخلوق، بينما (الكرم) هو: عطاء من دون سؤال.
والآن إذا عدنا الى عبارة: (يا من هو في لطفه كريم) نستخلص ما يأتي، وهو: أن الله تعالى عندما يلطف بعباده وبمخلوقاته، إنما يلطف بهم لا لأنّهم سألوه ذلك، بل هو تعالى ابتداءاً تفضّل علينا بهذه النعم وبهذا العطاء.
إذن كم هي عظمة الله تعالى في رحمته، عندما يهب لنا عطاياه من دون سؤال؟
إذن للمرة الجديدة، أمكننا أن ندرك جملة نكات بلاغية في هذه العبارات التي تتفرّع كلّ واحدة منها عن سابقتها بالشكل الذي أوضحناه.
ختاماً نسأله تعالى أن يغدق علينا نعمه او أن نشكره عليها، وأن يوفّقنا الى طاعته، والتصاعد بها الى النحو المطلوب. 

*******

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة