البث المباشر

شرح فقرة: "وأمكر بمن مكر بعجل الله فرجه وخاصة بعد صلاة العصر من أيام الجمعة، ..."

الأربعاء 31 يوليو 2019 - 13:14 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " وأمكر بمن مكر بعجل الله فرجه وخاصة بعد صلاة العصر من أيام الجمعة " من أدعية الإمام المهدي عليه السلام.

 

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وله الحمد والمجد، أرحم الراحمين، وأطيب صلواته على رحمته العظمى للعالمين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
السلام عليكم ايها الاخوة والاخوات ورحمة الله وبركاته، معكم في لقاء آخر من هذا البرنامج ووقفة تأملية نستلهم فيها سبل الفوز بالرحمات الالهية الخاصة من خلال التدبر في أدعية أهل بيت الرحمة (عليهم السلام) ومنها الدعاء المندوب وبصورة مؤكدة للتوجه الى الله به في عصر الغيبة خليفته المهدي (عجل الله فرجه) وخاصة بعد صلاة العصر من أيام الجمعة. 
نتدبر في هذا اللقاء بفقرة أخري من المقطع التالي من هذا الدعاء الشريف حيث ندعو الله عزوجل قائلين: (اللهم إكف وليك وحجتك في أرضك، هول عدوه وكيد من كاده، وأمكر بمن مكر به، وأجعل دائرة السوء على من أراد به سوءً، واقطع عنهم مادتهم، وأرعب له قلوبهم وزلزل له أقدامهم). 
الفقرة التي إنتهينا إليها هي: (وامكر بمن مكر به)، فما هو معناها؟ 
في الإجابة عن هذا السؤال نشير الي هذه العبارة مقتبسة من القرآن الكريم من نظائر قوله عزوجل في الآية الثلاثين من سورة الأنفال: «وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ، وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ، وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ».
ايها الأفاضل، أصل المكر في اللغة كما يقول الراغب في مفردات القرآن الكريم هو صرف الغير عما أراده وقصده بحيلة، ولذلك قد يكون محموداً ومذموماً، أي بحسب الدافع للمكر، ولذلك نسبه القرآن الكريم الي الله عزوجل ووصفه تبارك وتعالي بأنه خَيْرُ الْمَاكِرِينَ، أي بالمكر المحمود.
ولعل هذا التقسيم للمكر بالمحمود والمذموم مستفاد من القرآن الكريم نفسه حيث يصف مكر الكافرين والمجرمين بأنه (المكرالسيء) ويؤكد أنه لا يحيق إلا بأهله.
وبناء علي هذه التوضيحات يكون معني هذه الفقرة من الدعاء هي أننا نطلب من الله عزوجل أن يحبط مساعي الطواغيت وأعداء دينه الحق ضد وليه وخليفته المهدي (أرواحنا فداه) وجهودهم لمنعه من تحقيق أهدافه الإلهية المقدسة في التمهيد لظهوره وملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً. أي مثلما أحبط تبارك وتعالي مساعي الكافرين للحيلولة دون تحقيق أهداف جده المصطفي (صلي الله عليه وآله)، من خلال مكرهم به لمنعه من تبليغ رسالة ربه وإكمال دينه وإتمام نعمته علي العالمين إلي يوم القيامة.
أيها الإخوة والأخوات، وقبل أن ننتقل إلي الفقرة التالية، نشير إلي فائدة تربوية نستفيدها من الفقرة المتقدمة وهي أنها تنبهنا إلي أن من وسائل الفوز بالرحمات الإلهية الخاصة هو أن يصبح المؤمنون وسيلة من وسائل المكر الإلهي المحمود لإحباط مكر الطواغيت بإمام زمانهم المهدي (عليه السلام) وسعيهم لمنعه من تحقيق أهدافه الإصلاحية الكبري. 
والسبيل لذلك هو أن يحذر المؤمنون بشدة ودقة من مكر الطواغيت المضاد للحركة الإصلاحية المهدوية ويسعوا - بالإستعانة بالله عزوجل - لعدم الإنخداع بهذا المكر ويجتهد في العمل لإحباطه بما استطاعوا، وفي ذلك أوضح مصاديق نصرة ومؤازرة إمام زمانهم (أرواحنا فداه). 
وبعد هذه الإستفادة ننتقل إلي الفقرة اللاحقة وهي: (واجعل دائرة السوء علي من أراد به سوءاً)، فما هو معناها؟ الإجابة تأتيكم بعد قليل فتابعونا مشكورين.
في الإجابة عن السؤال المتقدم: نرجع مرة أخري إلي القرآن الكريم لنجد أن هذه الفقرة مقتبسة منه أيضاً، حيث يقول الله عزوجل في الآية الثامنة والتسعين من سورة البراءة أو التوبة: «وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ، عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْءِ، وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ»، ويقول عز من قائل في الآية السادسة من سورة الفتح: «وَيُعَذِّبَ الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكَاتِ، الظَّانِّينَ بِاللَّهِ ظَنَّ السَّوْءِ، عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ، وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَلَعَنَهُمْ، وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ، وَسَاءتْ مَصِيراً».
استخدام تعبير «دَائِرَةُ السَّوْءِ» يشير - مستمعينا الأفاضل - إلي إحاطة السَّوْءِ ومعني السَّوْءِ هو ما يكره ويستقبح ويسبب الحزن والإحباط لإنسان، وعلى هذا يكون معني هذه الفقرة من الدعاء هو أننا نطلب من الله عزوجل أن يجعل السَّوْءِ محيطاً بمن أراد سوءاً بخليفته المهدي (عليه السلام) مثلما فعل مع من أراد سوءاً بجده رسول الله (صلي الله عليه وآله). فتعود سهام كيدهم ضده (عجل الله فرجه) وضد حركته الإصلاحية إلي نحورهم، فيسيطر عليهم الغيظ والحزن لفشلهم في تحقيق أهدافهم وفي مساعيهم لبعث الحزن فيه (صلوات الله عليه).
وها نحن نصل أيها الأعزاء إلي ختام حلقة أخري من برنامجكم (ينابيع الرحمة)، استمعتم لها من إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران. شكراً لحسن استماعكم ودمتم في رعايته سالمين.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة