السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، نواصل حديثنا عن الأدعية المباركة، ومنها دعاء الإمام المهدي (عجل الله فرجه) في قنوت الصلاة، حيث جري الحديث عن مقاطع متسلسلة منه وانتهينا الى مقطع جديد يتوسل بالله تعالى بأن يعجل فرج مولانا صاحب العصر والزمان (عجل الله فرجه).
يقول هذا النص الشريف: (فإنك اللهم قلت وقولك الحق، حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها، أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً، فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس، كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون، ...).
واضح من هذا النص القرآني الكريم - مستمعينا الافاضل- أن الإمام (عجل الله فرجه) قد جعله مقدمة للمرحلة التي ينتظرها أولياء الله تعالى، حيث أن تصورات المنحرفين الذين خيل إليهم أنهم عمروا الأرض وبلغوا ما يشتهون سوف تتلاشى بين عشية وضحاها، وأن المنحرفين تنتظرهم النهاية الكسيحة، حيث قال النص بعد ذلك وقلت: «فَلَمَّا آسَفُونَا انتَقَمْنَا مِنْهُمْ»، إذن إن الأرض التي ملئت جوراً وظلماً في طرقها الى التلاشي، ثم ماذا بعد ذلك؟
يقول النص: (إن الغاية عندنا قد تناهت، وإنا لغضبك غاضبون، وإنا على نصر الحق متعاصبون، وإلى ورود أمرك مشتاقون، ولإنجاز وعدك مرتقبون، ولحلول وعيدك بأعداك متوقعون).
هذه العبارات المنسوجة بشكل فني وأخاذ تجسد كلاماً يتدرج في عرض الدلالات بنحو يأخذ كل قسم منه برباط الآخر. إنه يصور لنا بشكل مدهش مسالك الإنتظار لما سيحدث قريباً ما دامت الأرض قد أخذت زخرفها.
والآن الى العبارات المتقدمة وأولها يتجه الى الله تعالى بعبارة: (إن الغاية عندنا قد تناهت، ...) إنها عبارة متشوقة لحدوث الوعد الإلهي، حيث أن الغاية قد تناهت ما دامت الأرض - كما نرى - قد ازينت وظن أهلها قادرون عليها وما دام الأمر كذلك فماذا نتوقع من ردود الأفعال عند أولياء الله تعالى؟
إن الإستجابة أو رد الفعل لدى أولياء الله تعالى لدى المنتظرين للظهور هي العبارة القائلة: (وإنا لغضبك غاضبون) ترى ماذا تعني هذه العبارة؟
إنها تقول نحن نغضب لغضبك، إنه الغضب الذي سيطيح بالمنحرفين، إنه غضب السماء وها نحن الذين ننتظر المرحلة على أتم الإستعداد لنصرة الإمام المهدي (عجل الله فرجه).
في ضوء ذلك فإن الغضب المذكور سوف يتحقق عملياً من خلال التعاون فيما بيننا ورسم الخطط أو استلامها من قائد الظهور، وهذا ما عبرت عنه فقرة: (وإنا على نصر الحق متعاصبون) أي، نتواصى ونلتزم ونقرر ونطبق ما ينبغي فعله، ثم ماذا؟
(والى ورود أمرك مشتاقون، ولإنجاز وعدك مرتقبون، ولحلول وعدك بأعدائك متوقعون، ...).
هذه العبارات الثلاث يختم بها المقطع الجديد وهذا يقتادنا الى ملاحظاتها بعد لحظات.
إن استعداد المناصرين للإمام (عجل الله فرجه) يختمه هؤلاء أولاً بقوله: (إلى ورود أمرك مشتاقون، ...) وهذا يفصح عن منتهى الإستعداد للنهوض عند استلام الأمر من الله تعالى.
ثم ثانياً: (ولإنجاز وعدك مرتقبون، ...) وهذا أن مرحلة ما بعد الشوق هي انتظار الأمر وتسلمه، حيث إن من يشتاق إلى الشيء يرتقبه دون أدنى شك.
ثم المرحلة الثالثة: (ولحلول وعيدك بأعدائك متوقعون، ...)، إن هذه المرحلة تفصح عن اليقين التام لأولياء الله تعالى بأن الظهور المرتقب سوف يحقق الوعد الإلهي بزوال الإنحراف واستخلاف الأرض كما هو واضح.
إذن أمكننا أن نتبين بوضوح ما ورد في مقطع الدعاء من نكات ودلالات في غاية الأهمية والطرافة والعمق سائلين الله تعالى أن يجعلنا ممن يوفق إلى مساندة الظهور وأعوان الإمام (عجل الله فرجه الشريف). أسألكم الدعاء مستمعين الافاضل حياكم الله والى اللقاء.