بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وله الحمد والمجد نصير، المستضعفين ومبير الظالمين وأطيب وأطهر صلواته وتحياته وبركاته على رحمته الكبرى للعالمين محمد وآله الطيبين الطاهرين.
سلام من الله عليكم إخوتنا، طابت أوقاتكم بكل ما يحبه الله لكم ويرضاه، نرحب بكم في مطلع لقاء جديد يسرنا أن نكون معكم فيه ونحن نتابع فيه معاً إستلهام دروس الحياة الطيبة منأدعية أهل بيت'> أدعية أهل بيت الرحمة المحمدية (عليهم السلام) ومنها دعاء المعرفة الجليل الذي أمرنا إمامنا الحجة المهدي (أرواحنا فداه) بتلاوته في عصر غيبته وخاصة بعد صلاة العصر من أيام الجمعة.
وقد وصلنا أيها الأعزاء إلى فقرة من هذا الدعاء تعلمنا أن ندعو الله عزوجل قائلين: (اللهم وعذب أعدائك وأعداء دينك، وأعداء رسولك صلواتك عليه وآله، بيد وليك، وأيدي عبادك الْمُؤْمِنِينَ).
تأتي هذه الفقرة أعزاءنا المستمعين في سياق مقطع من هذا الدعاء الشريف يبدأ بطلبنا من الله جل جلاله أن يأذن لوليه وخليفته المهدي الموعود (عجل الله فرجه) في إظهار عدله عزوجل في عباده.
ومن مصاديق إظهار عدل الله في العباد، الطلب الذي نطلبه في الفقرة المتقدمة وهو أن يعذب الله جلت قدرته أعداءه وأعداءدينه وأعداء رسوله (صلى الله عليه وآله) هذا أولاً، وثانياً أن يكون إنزال هذا العذاب بيد وليه المهدي (أرواحنا فداه) وأيدي عباده الْمُؤْمِنِينَ.
وهنا نعرض مستمعينا الأفاضل الأسئلة التالية بشأن هذا المقطع من الدعاء الشريف وهي:
أولاً: لماذا استخدم الدعاء تعبير (عذب) ولم يقل مثلاً (إقتص) من أعدائك؟
ثانياً: لماذا طلب الدعاء إنزال العذاب بثلاث طوائف، هم: أعداء الله، وأعداء دين الله وأعداء رسول الله؟ أليس هؤلاء هم طائفة واحدة في الواقع بمعنى أن من يعادي رسول الله (صلى الله عليه وآله) فهو عدو لدين الله وعدو لله عزوجل؟
أما السؤال الثالث فهو: لماذا حدد الدعاء أن يكون إنزال العذاب الإلهي بيد ولي الله المهدي (عليه السلام) وعباده الْمُؤْمِنِينَ؟
نسعى معاً أيها الأعزاء للإجابة عن هذه الأسئلة بعد قليل فتابعونا مشكورين.
بالنسبة للسؤال الأول نقول: إن من المعلوم أن رحمة الله تبارك وتعالى قد سبقت غضبه، ومن مصاديق ذلك أن رحمته إقتضت توفير كل فرصة ممكنة لخلقه حتى أعداءه منهم، عسى أن يتوبوا إلى الله عزوجل، من هنا فإن المحتمل أن يكون في استخدام تعبير إنزال العذاب الذي يشتمل على مصاديق متعددة غير القصاص والإستئصال، إشارة إلى ترحيب هؤلاء الأعداء وإرادتهم قدرة الله عزوجل عسى أن يتوبوا ويكفوا عن معاداته جل جلاله ويؤوبوا إلى صراط العبودية والحياة الطيبة.
وهذا المعنى مستفاد من كثير من الآيات الكريمة نظير التي تحدثت عن إنزال الأنواع التسعة من العذاب بآل فرعون بهدف إرائتهم قدرة الله عز وجل، عسى أن يتخلوا عن معاداة الله وكليمه موسى (عليه السلام)؛ كما تشير لذلك الآيات ۱۳۰ الى ۱۳٦ من سورة الأعراف.
مستمعينا الأفاضل، أما بالنسبة للسؤال الثاني فالذي يبدو لنا - والله العالم- هو أن مقصود هذا الدعاء الشريف التنبيه والتحذير لثلاثة أوجه للإنحراف العدائي لكل منها خصوصية خاصة ينبغي للمؤمنين الحذر منها ومجاهدة من تظهر فيهم.
الوجه الأول: هو الذي يكون العداء فيهم وجهاً لله عزوجل مباشرة، وهو ما يظهر في الطواغيت المستكبرين الذين يدعون لأنفسهم الربوبية باللسان وصراحة كما كان حال فرعون الذي زعم أنه هو (الرب الأعلى)، أو الذين لا يدعون لأنفسهم الربوبية صراحة لكنهم يمارسون ذلك عملياً وهو حال معظم الطواغيت الذين علوا في الأرض واتخذوا الناس عبيداً لهم، وهؤلاء هم أعداء الله مباشرة لأنه ينازعونه – جل جلاله- الربوبية.
أما الوجه الثاني: فهو الذي يكون العداء فيه موجهاً إلى دين الله بالدرجة الأساس وهو ما يظهر في الفاسقين والحكام الجائرين الذين يحاربون القيم الدينية العادلة لأنها تضر بمطامعهم وأهوائهم، كما كان عليه حال معاوية واضرابه من حكام الشرك ومن معهم من أئمة الضلال والإلحاد من الأولين والآخرين.
والوجه الثالث: للإنحراف العدائي هو الذي يكون العداء فيه موجهاً لأولياء الله وعلى رأسهم سيدهم المصطفى محمد (صلى الله عليه وآله) هو ما يظهر بالدرجة الأخطر في الذين استولى الحسد على قلوبهم فحسدوا أولياء الله المقريبن من الأنبياء والأوصياء (عليهم السلام) لأن الله اختارهم واصطفاهم عَلَى الْعَالَمِينَ واجتباهم لكي يكونوا سفراء بينه وبين خلقه.
وهذا العداء أشار إليه القرآن في عديد من آياته الكريمة منها المتحدثة عن قصة رفض الشيطان الرجيم إطاعة أمر الله عزوجل بالسجود لآدم وآيات أخرى تشير إلى حسد البعض للأنبياء والأوصياء الكرام (عليهم السلام).
هذا النمط الخطير من الإنحراف العدائي يظهر في كثير من الجن والإنس حتى من الذين ينتمون للأديان الإلهية ومن أوضح مصاديقه المفسدون المستكبرون من اليهود ومن النواصب بمختلف أقسامهم، أجارنا الله وإياكم منهم ومن فعالهم إنه سميع مجيب.
أعزاءنا مستمعي إذاعة طهران، يبقى السؤال الثالث وهو عن سر تعليم الدعاء لنا نطلب من الله عزوجل أن يعذب هؤلاء الأعداء بيد وليه المهدي (عجل الله فرجه) وأيدي عباده الْمُؤْمِنِينَ، الإجابة عنه تأتيكم إن شاء الله تعالى في الحلقة المقبلة من برنامجكم (ينابيع الرحمة) فإلى حينها نستودعكم الله بكل خير والسلام عليكم ورحمة الله.