بسم الله والحمد لله وأفضل صلوات الله وتحياته وبركاته على كنوز رحمته محمد وآله الطاهرين صلوات الله عليهم أجمعين.
السلام عليكم أيها الإخوة والأخوات ورحمة الله وبركاته، معكم في لقاء اليوم من برنامجكم هذا ووقفةٍ تأمليةٍ أخرى في المقطع التالي من دعاء عصر الغيبة المندوب بصورة مؤكدة لتلاوته في عصر أيام الجمعات، حيث نقول بعد طلب تعجيل ظهور خليفة الله المهدي الموعود (عجل الله فرجه): (اللهم فصل عليه وعلى آبائه الأئمة الطاهرين، وعلى شيعته المنتجبين وبلغهم من آمالهم أفضل ما يأملون، واجعل ذلك منا خالصاً من كل شكٍ وشبهةٍ ورياءٍ وسمعةٍ، حتى لا نريد به غيرك ولا نطلب به إلا وجهك يا أرحم الراحمين).
عرفنا في الحلقة السابقة من البرنامج أنّ طلبنا من الله عزوجل أن يصلي على إمامنا المهدي وعلى آبائه الطاهرين (صلوات الله عليهم أجمعين) يعني - فيما يعني - زيادة نشر أنوارهم وبركاتهم في العالمين وتعريف الخلق بكونهم الوسيلة إلى الله عزوجل وأبواب رحمته وأعلام هدايته. ومما لا شك فيه مستمعينا الأفاضل أن نشر وتعميق المعرفة ببقية الله المهدي وآبائه الطاهرين ونهجهم القويم هو من المقدمات المهمة للظهور المهدوي لأنه يفتح القلوب على محبتهم وولايتهم وبالتالي يساهم في تحقيق الإستجابة المطلوبة لدعوة الإصلاح العالمي لخاتمهم وقائمهم المهدي الموعود (عجل الله فرجه) من قبل عموم المجتمع الإنساني. هذا بالنسبة لطلب الصلاة على المهدي وآبائه الطاهرين (عليهم السلام). وفي العبارة التالية نطلب من الله عزوجل أن يصلي أيضاً على شيعة خليفته المهدي المنتجبين، فما هو المقصود بهذا الطلب؟
معنى (النجيب) في اللغة هو الفاضل والنفيس، والمنتجب هو المختار الذي يصطفى لنجابته وفضله وقيمته. وعليه يكون معنىشيعة المهدي المنتجبين هم أنصاره الفضلاء الذين اصطفاهم الله عزوجل لنصرة خليفته المهدي سواء في تحقيق ما يريده ويرضاه في غيبته أو في ظهوره (عجل الله فرجه). وهنا نسأل ما هو معنى أن نطلب من الله عزوجل أن يصلي على هذه الصفوة منالشيعة الصَّادِقِينَ جعلنا الله وإياكم منهم؟
في الإجابة عن هذا السؤال: نرجع معاً مستمعينا الأحبة إلى كتاب الله المجيد حيث يقول عز من قائل في الآيات الحادية والأربعين إلى الرابعة والأربعين من سورة الأحزاب: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً، وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً، هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً، تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْراً كَرِيماً».
وقد ذكر المفسرون أنّ صلاة الله على الْمُؤْمِنِينَ هي إحاطتهم بخاصّة رحمته، والإعتناء الإلهيُّ الخالص بصلاح أمرهم وإظهار شرفهم ورفع درجاتهم، أما صلاة الملائكة عليهم فهي بالإستغفار لهم والإهتمام بما يصلح أمورهم.
وروي في كتاب أصول الكافي مسنداً عن الإمام الصادق (عليه السلام) قال: (من صلى على محمد وآل محمد عشراً صلى الله عليه وملائكته مائة مرةٍ ومن يصلي على محمد وآل محمد مائة مرةٍ صلى الله عليه وملائكته ألفا، أما تسمع قول الله عزوجل: هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً) .
مستمعينا الأفاضل، الذي نفهمه من التدبُّر في الآيات الكريمة المتقدمة وحديث مولانا الإمام الصادق (عليه السلام) إنّ الله عزوجل يحيط برحماته الخالصة ويُسدِّدُ برعايته الْمُؤْمِنِينَ الذين يذكرونه كثيراً ويصلون على محمد وآله (صلوات الله عليهم أجمعين) مستمطرين سحائب رحماته بالتوسل إليه بمحمد وآله الطاهرين، فيرفع درجاتهم ويعلي شأنهم ويصلح أمورهم ويعدُّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا، وبعد هذه التوضيحات نرجع إلى دعائنا المتقدم بأن يصلي عزوجل على شيعة مولانا المهدي المنتجبين، لنعرف أنّ معنى هذا الدعاء هو أننا نطلب من الله جلت رحمته أن يتفضل على هؤلاء الشيعة المخلصين الصَّادِقِينَ بمزيدٍ من الرحمات والبركات الخالصة ويظهر للناس شرفهم ومنزلتهم ورضاه عنهم وصدق التزامهم بدينه الْحَقِّ من خلال توليهم لخليفته المهدي وتوسلهم إلى الله عزوجل به (عليه السلام).
وكذلك أن يتفضل عليهم بإصلاح أمورهم كما تؤكد ذلك العبارة التالية من الدعاء حيث نطلب من الله عزوجل ليس أن يبلغهم آمالهم على الإطلاق بل أن يبلغهم من هذه الآمال أفضل ما يأملونه. حيث نقول في الدعاء: (وبلغهم من آمالهم أفضل ما يأملون)فهذا التعبير – مستمعينا الأفاضل – يفيد أعلى مراتب إصلاح أمورهم بتزكية آمالهم وتبليغهم لأفضلها.
وبهذا ينتهي أعزائنا مستمعي إذاعة طهران صوت الجمهورية الإسلامية في إيران لقاء اليوم من برنامجكم (ينابيع الرحمة) نشكر لكم جميل المتابعة ودمتم بكل خير.