البث المباشر

شرح فقرة: "وزد في كرامتك له،..."

الثلاثاء 30 يوليو 2019 - 12:05 بتوقيت طهران

إذاعة طهران - ينابيع الرحمة: شرح فقرة: " وزد في كرامتك له " من أدعية الإمام المهدي عليه السلام.

بسم الله وله الحمد والمجد رب العالمين وارحم الراحمين، وأزكى صلواته على كنوز رحمته وخزائن نعمائه المصطفى الأمين وآله الطاهرين.
السلام عليكم أعزاءنا المستمعين، على بركة الله نلتقيكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج ونحن نستلهم معاً دروس الحياة الكريمة الطيبة من أدعية أهل بيت النبوة والرحمة (عليهم السلام) ومنها الدعاء الجليل الموسوم بدعاء المعرفة أو دعاء عصر الغيبة الذي أمرنا مولانا إمام العصر (أرواحنا فداه) بتلاوته خاصة في عصر الجمعات. و قد ذكر أهل المعرفة أن من أهم آثار المواظبة على تلاوة هذا الدعاء الجليل هو الاستقامة والثبات على الدين الحق والنجاة من الفتن العقائدية والسلوكية.
لنا وقفة في هذا اللقاء مع الفقرة التي يَتوجَّهُ فيها المؤمن الى الله وهو يدعو لإمام زمانه (عليه السلام) قائلاً: (اللهم ومُدَّ في عمرهِ وزد في أجله وأعنه على ما ولـَّيته وإسترعيته، وزد في كرامتك له فإنه الهادي المهدي، القائم المهتدي، الطاهر التقيُّ، الزكيُّ النقي، الرضيُّ المَرضيُّ، الصابر الشكورُ المجتهد، ...). 
في هذه الفقرة يعلمنا دعاء المعرفة المهدوي أن نطلب من الله عزوجل أن يزيد في عمر مولانا إمام العصر ففي ذلك استمرار بركات وجوده (عليه السلام) على الخلق أجمعين، كما يعلمنا أن نطلب من الله أن يُعين بقيته المهديَّ على ما ولاه من تدبير شؤون الخلق وهدايتهم الى الله وكذلك أن يعينه على ما أسترعاه أي ما كلـَّفه به - وباعتباره خليفته في أرضه - من رعاية وإعانة العباد في طي معارج الكمال والقرب من الله عزوجل.
وهذا يعني أن الدعاء للإمام المهدي (أرواحنا فداه) هو في الحقيقة دعاءٌ للخلق أجمعين لأنه يعني حفظ وزيادة نزول البركات والرحمات الإلهية عليهم أجمعين إذ أن الإمام هو خليفة الله المُكلـَّفُ بأيصال فضله وإحسانه وإنعامه وهدايته إليهم، ولذلك فالإمام كجَدِّهِ المصطفى (صلى الله عليه وآله) هو رَحْمَةً الله لِّلْعَالَمِينَ كما صَرَّحَ بذلك القرآن الكريم.
وهذه الحقيقة تصدق على العبارة اللاحقة من هذه الفقرة من دعاء المعرفة حيث يقول الداعي: (وزد في كرامتك له) فهي أيضاً تشمل على طلب الخير للخلق أجمعين ولكن كيف يكون ذلك؟ 
للإجابة عن السؤال المتقدم ينبغي أن نعرف معنى هذا الطلب، أي ما معنى أن يزيد الله في كرامته لإمام العصر (أرواحنا فداه)؟
مستمعينا الأفاضل المستفاد مما ذكره علماء اللغة كما في مجمع البحرين للعلامة الطريحي (رضوان الله عليه) أن الكرامة هي الاسم من التكريم والإكرام، ومعناها التفضيل يقال كرَّمت فلاناً على فلان أي فضَّلته، ولكنَّ هذا التفضيل هنا هو من نوعٍ خاصٍّ تفضيلٌ على أساس كرم المُفضِلِ وجوده ونفعه للخلق؛ وتحليه بالخصال النبيلة والقدرات التي تجذب القلوب إليه فيكون كريماً أي حسناً مرضياً كثيرَ النفع حاوياً لكل ما يُرتضى ويحمد، ولذلك وصف الله عزوجل كتابه المجيد بأنه (قرآن كريم)، وهذا معنى وصف النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله) بمثل هذا الوصف.
وعلى ضوء هذا التوضيح اللغوي نفهم معنى الطلب الوارد في العبارة المتقدمة من دعاء المعرفة المهدوي، أي ان معنى قول الداعي لإمام العصر (اللهم وزد في كرامتك له)، هو طلب زيادة إكرام وتكريم الله عزوجل لحجته المهدي، أي زيادة تفضيله على أساس إظهار كرمه وكثرة نفعه وكل ما يرتضى ويحمد في الأفعال.
وهذا الطلب يعني بالتالي زيادة ما يصدر عنه (عليه السلام) من خيرٍ إلهي ونفعٍ ربانيٍ ورحماتٍ تصِلُ للخلق أجمعين فيكون مرضياً عندهم تتوجَّه إليه القلوب بمودَّةٍ راسخةٍ ويكون مَحموداً لديها.
أيها الأخوة والأخوات، ونجد في تتمة العبارة المتقدمة من هذا الدعاء المهدوي تأكيد على ماتقدم من خلال إشارةٍ لطيفةٍ الى استحقاق إمام العصر (أرواحنا فداه) لهذا التكريم الإلهي المضاعف والخاص حيثُ جاء في التتمة التعليلية لهذا الطلب من الدعاء: (فإنه الهادي المهدي، القائم المهتدي، الطاهر التقيُّ، الزكيُّ النقي، الرضيُّ المَرضيُّ، الصابر الشكورُ المجتهد، ...). 
هنا نلتقي أيها الأعزاء بثلاث عشرة صفة من صفات إمام زماننا (عليه السلام) كل واحدة منها تـُشكـِّلُ دليلاً مستقلاً يَستندُ إليه الداعي في طلبه من الله عزوجل أن يزيد في كرامته له فهو (عليه السلام) الهادي المهدي، وليس أنفع للخلق من الهداية الإلهية النقية التي يحملها (عليه السلام) ذاتياً بحكم كونه مهدياً من الله ويُبَلـِّغُها للخلق بحكم كونه الهادي.
كما أنه (عليه السلام) القائم بأمر الله في تدبير شؤون عباده وتحقيق مشيئته مهتدياً الى كل ما تحتاجه هذه المهمة الإلهية من أشكال الهداية التشريعية أو التكوينية.
وإضافة لذلك فالحجة المهدي مطهرٌ عن كل ما يمنع من إيصاله الفيض والكرم الإلهيَّ للمتقبِّلين له من الخلق، فما هو ببخيلٍ ولاقاسٍ لايُحبُّ الخير للخلق لأنه: (الطاهر التقيُّ، الزكيُّ النقي، الرضيُّ المَرضيُّ) كما يُنبِّهنا لذلك نصُّ الدعاء.
وأكثر من ذلك فهو (عليه السلام) (صابرٌ شكورٌ مجتهدٌ) أي أنه يصبر على كل صعوبات إيصال الخير للخلائق بشكر من يتقبل الرحمة الإلهية منهم ويزيده، مجتهدٌ في السعي لتأهيلهم لتقبلها؛ وهو بالتالي مستحقٌ لأن يزيد الله عزوجل في كرامته له وإظهار تفضيله على الآخرين لأنه أنفع الخلق للخلق. 
مستمعينا الأفاضل، وثمة إستفادة تربوية مهمة مما تقدم نجعلها مسك ختام هذه الحلقة من برنامج (ينابيع الرحمة) وهي أنّ طلب المؤمن من ربه الجليل أن يزيد في كرامته لإمام العصر (أرواحنا فداه) يشتمل على تنبيه للمؤمن نفسه أن يكون طلبه للرحمة الإلهية من منبعها النقي وهو حجة الله المعصوم سواءٌ كان ما يطلبه من أشكال الرحمة الإلهية هداية أو قضاء حوائج أو دفع أذى وغير ذلك. وهذا هو الأساس العقائدي القويم لمفهومي الشفاعة والتوسل الى الله بأوليائه الصادقين صلوات الله عليهم أجمعين.
وبهذا ينتهي أيها الأعزاء لقاء اليوم من برنامج (ينابيع الرحمة) إستمعتم له من إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية'>إذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران. شكراً لكم ودمتم في رعاية الله.

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة