السلام عليكم إخوة الإيمان، طبتم وطابت أوقاتم بكل خير. أهلاً بكم في حلقة أخرى من هذا البرنامج نستضيء فيها بالفقرة الأولى من دعاء عصر الغيبة الذي أمرنا مولانا إمام العصر (أرواحنا فداه) بتلاوته وأكدت وصايا أهل المعرفة ضرورة اهتمام المؤمنين بالمواضبة عليه لكثرة بركاته. في الفقرة الأولى من الدعاء يقول الداعي: (اللهم عرفني نفسك، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرفك ولم اعرف رسولك، اللهم عرفني رسولك، فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك، فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني، ...).
مستمعينا الافاضل، قبل الدخول في تفصيلات هذه الفقرة، نشير إلى ملاحظات عامة مشتركة بين جميع عباراتها.
الملاحظة الأولى: هي أنّ مضمون الفقرة المتقدمة ورد بصيغة دعاء مستقلٍ قصيرٍ حثَّ أئمة أهل البيت (عليهم السلام) قبل الإمام المهدي (عجل الله فرجه) على تلاوته في عصر الغيبة.
فقد روى عدّة من كبار علمائنا في مصادرنا الحديثية المعتبرة، مثل الكليني في كتاب الكافي، والنعماني في كتاب الغيبة والشيخ الصدوق في كتاب كمال الدين والطوسي في كتاب الغيبة بأسانيد متعددة، عن زرارة وهو من أصحاب إمامنا الصادق (عليه السلام)، قال: سمعت أبا عبد الله {الصادق} (عليه السلام) يقول: إن للقائم غيبة قبل أن يقوم {إلى أن قال}: يا زرارة وهو المنتظر الذي يشك الناس في ولادته، منهم من يقول: مات أبوه ولم يخلف، ومنهم يقول: هو حملٌ، ومنهم يقول: هو غائبٌ، ومنهم يقول: ما ولد، ومنهم من يقول: قد ولد قبل وفاة أبيه، وهو المنتظر غير أن الله تبارك وتعالى يحب أن يمتحن الشيعة، فعند ذلك يرتاب المبطلون.
قال زرارة: فقلت جعلت فداك، فإن أدركت ذلك الزمان فأي شيء أعمل؟
قال: يا زرارة إن أدركت ذلك الزمان فأدم {وفي رواية فألزم} هذا الدعاء: اللهم عرفني نفسك، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني رسولك، فإنك إن لم تعرفني رسولك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك، فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني.
مستمعينا الافاضل، وقد جاءت صيغة هذا الدعاء في روايات أخرى عن زرارة أيضاً أنه وبعد أن ذكر الإمام الصادق (عليه السلام) غيبة المهدي المنتظر (عجل الله فرجه).
قال زرارة: فقلت: وما تأمرني إذا أدركت ذلك الزمان؟
فقال (عليه السلام): أدع الله بهذا الدعاء: اللهم عرفني نفسك، فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرفك، اللهم عرفني نبيك، فإنك إن لم تعرفني نبيك لم أعرفه قط، اللهم عرفني حجتك، فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللت عن ديني.
مستمعينا الافاضل، يتـَّضِحُ بقليل من التأمُّل أن الفقرة الأولى من دعاء عصر الغيبة الطويل جامعة بين مضمون صيغتي الدعاء المختصر المرويتين عن مولانا الإمام الصادق (عليه السلام) فهي أكمل الصيغ.
(وعند ما) نلاحظ أيها الإخوة والأخوات شدة تأكيد الإمام الصادق (عليه السلام) على الإلتزام بهذا الدعاء المختصر، يتـَّضِحُ لنا أهمية هذه الفقرة بالخصوص من دعاء الغيبة الذي أمرنا إمامنا المهدي (عجل الله فرجه) بتلاوته، وعلى أي حال يفهم من مجموع ما أمراً به (عليهما السلام) أنه لا ينبغي للمؤمن الغفلة عن التوجه إلى الله عزوجل بتلاوة محلٍّ مِنْ دُعائي عصر الغيبة المختصر منهما المروي عن الإمام الصادق (عليه السلام) والطويل المروي عن الحجة المهدي (أرواحنا فداه)، وينقل عن أحد العرفاء الإمامية الحثُّ على الإلتزام بهذا الدعاء المختصر في قنوت الصلوات، والإلتزام بالدعاء الطويل عصر يوم الجمعة خاصة.
مستمعينا الافاضل، اما أما الملاحظة الثانية: المرتبطة بالفقرة الأولى من هذا الدعاء المبارك فهي أنه يبتدأ بمطلب ذات صبغة عقائدية منبِّهاً المؤمنين إلى أنّ البناء العقائدي السليم ينبغي أن يرتكز على الإعتقاد الصحيح بالتوحيد والنبوة والإمامة وخلفاء النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، وبهذا الإعتقاد الكامل تكون النجاة من الضلالة وميتة الجاهلية، وفي ذلك إشارة إلى مضمون حديث الثقلين المتواتر وحديث معرفة إمام الزمان الذين صحَّت روايتهما عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) من طرق مختلف المذاهب الإسلامية.
أيها الاخوة والاخوات، اما أما الملاحظة الثالثة: المرتبطة بالفقرة المتقدمة من دعاء عصر الغيبة، فهي أنها تدعو لطلب الحصول على المعرفة الصحيحة بالله ورسوله وحجَّته من الله عزوجل مباشرة، بل وتصرِّح بأنّ هذه المعرفة لا يمكن الحصول عليها من غير الله عزوجل، وبهذه الملاحظة ننهي أعزائنا مستمعي إذاعة طهران لقاءنا بكم في هذه الحلقة من برنامج (ينابيع الرحمة) تقبل الله منكم حسن الإصغاء ودمتم في رعايته عزوجل، سالمين والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.