البث المباشر

ابرز خصائص مجالس رسول الله (صلى الله عليه وآله) في رثاء سبطه الحسين (عليه السلام)

الأحد 23 يونيو 2019 - 09:39 بتوقيت طهران

أعيذك أن يهفو بحلمك منزلٌ

تعفـّي، وفيه للأوابد مَألفُ

فلا تبك في أطلاله بِتَلَهُّفٍ

فليس يردُّ الذاهبين التّلهّف

ولو عاد يوماً بالتّأسُّف ذاهبٌ

عذرتك.. لكن ليس يجدي التأسف

وأنّ جزوعاً شأنه النَّوح والبكا

لغير بني الزّهرا ملامٌ مُعَنّفُ

بنفسي وآبائي نفوساً أبيّة

يُجَرِّعُها كأس المنيةِ مترفُ

تطلُّ بأسياف الضّلال دماؤهم

وتُلغي وصايا الله فيهم وتحذف

وهم خير من تحت السّماء بأسرهم

وأكرم من فوق السّماء وأشرفُ

وهم يكشفون الخطب، لا السيف في الوغي

بأمضي شباً منهم .. ولا هو أرهف

عظّم الله أجوركم وأنتم تعيشون الذكريات الحزينة لأبي عبد الله الحسين ابن عليٍّ وفاطمة (سلام الله عليهم)، تقيمون مجالس العزاء عليه، فيتحقق ما أنبأت به العقيلة المكرّمة زينب الكبري صلوات الله عليها يوم قالت ليزيد وهو في قصره توبّخه وتتحدّاه علي مدي الدهر: (فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فوالله لا تمحوا ذكرنا، ولا تميت وحينا).
ويتحقّق فيكم أيّها المؤمنون وأنتم تقيمون مجالس الولاء، وتذكرون مصائب سيّد الشهداء، دعاءُ الإمام جعفر الصادق (عليه السلام)، يوم سأل أصحابه: (تجلسون وتحدثون؟!).
قالوا: نعم.
فقال: (تلك المجالس أحبّها، فأحيُوا أمرنا، رحم الله من أحيا أمرنا)، كذلك تتحقّق فيكم إن شاء الله تعالي بشارات الإمام عليّ بن موسي الرضا (صلوات الله عليه) حيث قال: (من تذكر مصابنا فبكي، وأبكي، لم تبك عينه يوم تبكي العيون. ومن جلس مجلساً يحيا فيه أمرنا، لم يمت قلبه يوم تموت القلوب)، وكذا يتحقّق الشرف الذي أخبر بنواله مشروطاً أبو عبد الله الصادق (سلام الله عليه) حين قال لداوود بن سرحان: (يا داوود، أبلغ موالينا منّي السلام وأنّي أقول: رحم الله عبداً اجتمع مع آخر فتذاكر أمرنا؛ فإنّ ثالثهما ملك يستغفر لهما. وما اجتمع اثنان علي ذكرنا إلّا باهي الله تعالي بهما الملائكة، فإذا اجتمعتم فاشتغلوا بالذّكر، فإنّ في اجتماعكم ومذاكرتكم إحياء أمرنا، وخير الناس من بَعدِنا من ذاكر بأمرنا،و عاد إلي ذكرنا).
في الحلقات السابقة من برنامج تاريخ المجالس الحسينية لاحظنا أن الأحاديث الشريفة التي صحت روايتها من طرق الفريقين، تصرح بأن النبي الأكرم )صلي الله عليه وآله) إهتم بأخبار المسلمين بالمصاب الحسيني قبل ولادة سبطه الشهيد (عليه السلام) وأقام عند ولادته وأيام رضاعته عدة مجالس عزائية في رثائه وبكي علي مصابه وأبكي من سمعه.

*******

المحاور: ما هي ابرز خصائص مجالس رسول الله (صلى الله عليه وآله) في رثاء سبطه الحسين؟ نستمع معاً للاجابة عن هذا التساؤل من سماحة الشيخ علي الكوراني الباحث الاسلامي من قم المقدسة:
الشيخ علي الكوراني: بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وتقبل الله اعمالكم.
يتصور البعض ان مجالس التعزية التي نقيمها نحن ويتوهم انها بدعة في الواقع انها سنة وقد روى جميع المسلمون ان النبي (صلى الله عليه وآله) وسلم جاءه جبرئيل واخبره بقتل سبطه الامام الحسين (عليه السلام) وجاء له بقبضة من تراب كربلاء وانه هو بكى وانه ذكر ذلك وحدث اصحابه او جمعهم وحدثهم وبكى على الحسين (عليه السلام) ومايصيبه، معنى ذلك ان اول من علم المسلمين البكاء على الحسين (عليه السلام) وعقد له مجلساً في حياته بعد ان اخبره الله عزوجل هو النبي (صلى الله عليه وآله)، الواقع هو المؤسس لهذه المجالس واذا رجعنا الى مصادر الحديث عند السنة والشيعة نجد ان ذلك متفق عليه والباكي على الامام الحسين هو جده رسول الله وايضاً اتفقوا وصحه الحديث ان جبرئيل جاءه بقبضة تراب من كربلاء وانه شمها وبكى وانه اودعها عند ام سلمة وقال احفظيها بقارورة وقال لها اذا رأيت هذا التراب تحول الى دم عبيط يعني صافي فأعلمي انه قد قتل الحسين، هذه ايضاً معجزة اخرى ان هناك تفاعلاً وارتباطاً بين وقوع دم الحسين (عليه السلام) على تراب كربلاء وتحول هذا التراب الذي جاء به جبرئيل الى دم وهذه معجزة غير عادية ثم نلاحظ ان النبي (صلى الله عليه وآله) كم مرة بكى، مرة يقول ابن مسعود كنا جالسين في المسجد وكان النبي (صلى الله عليه وآله) مرتاحاً مستبشراً، ما سألناه عن شيء الا اجابنا ولاسكتنا الا ابتدأنا حتى دخل فتية من بني هاشم من باب المسجد فيهم الحسن والحسين، ما ان نظر اليهم النبي (صلى الله عليه وآله) حتى اغرورقت عيناه بالدموع، هذا يدلنا على انه مرات متعددة كان يبكي على الحسين (عليه السلام) ويذكر المسلمين بالبكاء عليه وهكذا امير المؤمنين والزهراء والحسن (سلام الله عليه)، الحسن هو كان يذكر ما يقع على اخيه وهذه العبارة المعروفة «لا يوم كيومك يا ابا عبد الله» وبعد ذلك الائمة عليهم السلام عقدوا المجالس، الامام زين العابدين وكل الائمة عليهم السلام والمسلمين حولهم، المؤمنين الابرار كانوا يعقدون المجالس لذكر ابي عبد الله (سلام الله عليه) ونروي لما جاء شاعراً عند الامام الصادق (سلام الله عليه) وصار يقرأ لهم يقول اقرأ لي كما تقرأون انتم، كيف العراقيون يقرأون بلهجة وطور عند قبر الامام الحسين (عليه السلام) الامام الصادق (سلام الله عليه) جمع عائلته من خلف الستار واقام مجلساً وقال اقرأ لي كما تقرأون انتم اذن هذه المجالس في الواقع سنة نبوية ومجالس عريقة وهدفها هدف عظيم هو احياء ذكر سبط النبي (صلى الله عليه وآله) ومعاني الاسلام العظيمة التي تجسدت فيه وشكراً.

*******

نتابع تقديم هذه الحلقة من برنامج تأريخ المجالس الحسينية فنشير الي تأكيد رسول الله (صلي الله عليه وآله) علي أن إقامة المجالس الحسينية من مصاديقه محبة ومودة عترته الطاهرة وموالاتهم والبراءة من أعدائه (صلي الله عليه وآله).
أما نحن فما أحرانا في البدء أن نتأسّي برسول الله (صلي الله عليه وآله) بأن نحبّ من أحّب، ونبغض من أبغض، ونوالي من أمر بموالاته، ونلعن من لعنه رسول الله (صلي الله عليه وآله) وقد توفّرت عشراتُ الأحاديث عنه يقول فيها في الحسين (عليه السلام): (اللهمّ إنّي أُحبّه، فأحبه، وأحب من يحبّه)، ويقول: مشيراً إليه: (من أحبّ هذا فقد أحبّني)، ويقول: (اللّهمَّ مَن أحبَّه فإنّي أحبّه)، ويقول: (من أحب حسيناً فقد أحبّني). روت ذلك عشراتُ كتب المسلمين علي اختلاف مذاهبهم، كما روت في (تاريخ بغداد للخطيب البغداديّ)، و(لسان الميزان) لابن حجر العسقلانيّ، أنّه (صلي الله عليه وآله) قال للحسين (عليه السلام): (لعن الله قاتلك)، وقد سُئل مرّة: من قاتله؟
فأجاب: رجلٌ من أمّتي، يبغض عترتي، لا تناله شفاعتي)، وسئل في موقف آخر - كما يروي الخوارزميّ في (مقتل الحسين)، فأجاب (صلي الله عليه وآله) قائلاً: (يزيد، لا بارك الله في نفسه) وكم حزن رسول الله (صلي الله عليه وآله) وبكي علي حبيبه وسبطه الحسين (عليه السلام)، وكم كان له فيه أحاديث وهو حليفُ الشَّجي والأسي، يذكر فيه عظيم مصابه في مجالسه، فيبكي (صلي الله عليه وآله) ويبكي معه أصحابه، فيذكر به ويتفجّع عليه، وكأنّه يقيم عليه مأتمه. فما أحري بالمؤمنين أن يتأسّوا برسول الله (صلي الله عليه وآله) في ذلك وقد قال الله تعالي لهم: «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ» فلتتّصل مجالسنا مجالس الرثاء الحسينيّ بمجالس النبيّ والأئمة الأطهار ونحن نقرأ فيها مخاطبين الحسين (صلوات الله عليه): (يا أبا عبد الله، لقد عظمت الرّزية وجلّت، وعظمت المصيبة بك علينا وعلي جميع أهل الإسلام، وجلّت وعظمت مصيبتك في السماوات علي جميع أهل السّماوات. فلعن الله أمّةً أسّست أساس الظّلم والجور عليكم أهل البيت، ولعن الله أمةً دفعتكم عن مقامكم، وأزالتكم عن مراتبكم التي رتبكم الله فيها، ولعن الله أمّةً قتلتكم، ولعن الله المُمَهّدين لهم بالتـّمكين من قتالكم).
إذن يتضح مما تقدم أن مودة أهل بيت النبوة (عليهم السلام) التي أمرنا بها القرآن الكريم تشكل أهم الدوافع لأقامة المجالس الحسينية علي مدي التأريخ الإسلامي؛ وهذا ما حث عليه رسول الله (صلي الله عليه وآله) وجسده بنفسه الشريفة وهو يقيم مجالس العزاء للحسين قبل إستشهاده (عليه السلام).

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة