البث المباشر

دفاع محبي آل بيت النبوة (عليهم السلام) في اقامة المجالس الحسينية والمشاركة فيها

الأحد 23 يونيو 2019 - 12:43 بتوقيت طهران
دفاع محبي آل بيت النبوة (عليهم السلام) في اقامة المجالس الحسينية والمشاركة فيها

رزية الحسين ما مثلها

حلت بمقتول ولا سباه

مصيبة يسيرها ظاهر

وجلّها الرؤوف قد أخفاه

أفجعت الكون بأرجائه

من غيره قاتله بكاه

من غيره ابكي الرّبي خطبه

من مثله بكت له سماه

حمائم السعد بكت فقده

وضجت الحيتان في عزاه

وأحمرّت الشمس بأقمارها

مذ خضّب المشيب من دماه

وثارت الرمال في غيرة

كي تستر المذبوح في عراه

أمثله يسلب وذلنا

عمامة الخير كذا رداه

أمثله يبقي علي تربها

عار ثلاثاً ستره ثراه

كل نبي هام في وجده

كل صفي بكرة نعاه

بكوه طراً قبل ميلاده

ثم بكاء الختم ما أشجاه

ختم النبيين ومولاهم

وأقرب الخلق الي مولاه

هو سيد الباكين أبكاهم

علي الحسين والعزا عزاه

هذه الحلقة نخصصها لخلاصة وبلورة للمستفاد من الأحاديث الشريفة وروايات المؤرخين المعتبرة فيما يرتبط بأهم المعالم الاساسية لمسار المجالس الحسينية نجملها ضمن النقاط التالية:
اولاً، ثبت في صحاح الأحاديث الشريفة المروية عند مختلف الفرق الاسلامية أن مجالس العزاء الحسيني قد بدأت قبل إستشهاده (عليه السلام) بفترة طويلة بل وقبل مولده الشريف.
وقد تناقلت المصادر المعتبرة كثيراً من الروايات الشريفة المصرحة بأن جبرئيل الأمين (عليه السلام) قد أخبر النبي المصطفي بنبأ الشهادة الحسينية وبدوره قام (صلي الله عليه وآله) بأخبار أهل بيته (عليهم السلام) وصحابته بذلك.
وجاءت هذه الإخبارات مقرونة ببكاء ورثاء لسيد المظلومين الحسين (عليه السلام) وإعلان لغضب الله علي ظالميه وقاتليه والبراءة منهم، فهي مجالس عزائية في جوهرها.
وتصرح الأحاديث الشريفة بتكرر إقامة النبي الاكرم (صلي الله عليه وآله) لهذه المجالس العزائية الحسينية في مناسبات عدة قبل ولادة سبطه الحسين وعندها وبعيدها ثم وهو (عليه السلام) طفل وإستمرت هذه المجالس الي حين وفاته (صلي الله عليه وآله) إذ تحدثنا عن إقامته لمجلسه الحسيني الأخير قبيل وفاته، فقد ودّع الدنيا محزوناً لهذه المصيبة العظمي وقبل وقوعها بعقود.
إن الأحاديث المحمدية المشار اليها والمتواترة في المصادر الاسلامية تشكل في الواقع أدلة واضحة علي أن إقامة مجالس العزاء الحسيني سنة نبوية ثابتة في سيرة من أمرنا الله عزوجل بالتأسي به وأخذ أمور ديننا عنه فهو (صلي الله عليه وآله) الأسوة الحسنة.

*******

قد إلتزم أئمة العترة المحمدية (عليهم السلام) بهذه السنة النبوية بعد رسول الله (صلي الله عليه وآله)، كما سيشير الى ذلك وبعد ان نستمع للحديث الهاتفي وفيه يجيبنا ضيف الحلقة الاخيرة من برنامج تاريخ المجالس الحسينية سماحة الدكتور لبيب بيضون الباحث الاسلامي من دمشق على السؤال التالي: كيف تفسرون دفاع محبي آل بيت النبوة (عليهم السلام) في اقامة المجالس الحسينية والمشاركة فيها وبذل الاموال من اجل ذلك كل عام على الرغم من مرور كل هذه القرون على واقعة الطف الفجيعة؟
الدكتور لبيب بيضون: بسم الله الرحمن الرحيم ان نهضة الحسين (عليه السلام) تعلمنا مبادئ الاسلام الصحيحة المتمثلة بالعزة والكرامة واباء الضيم وفي الصبر والتحمل والصمود وان نقدم ارواحنا فداءاً للاسلام والحق وهذه المبادئ نحن نحتاج اليها في كل وقت وفي كل زمان ومن اجل ذلك فأننا نحي ذكر الحسين (عليه السلام) ونقوم ببناء الحسينيات والذكرى الدائمة في كل يوم لنبين كيف استشهد الحسين وكيف التزم بالدين واراد تصحيح المفاهيم، من هنا كانت المجالس الحسينية مناراً عظيماً لننهج نهج الحسين ونظل دائماً مرتبطين بالاسلام وبمبادئه الصحيحة وان ما حصل مع الحسين (عليه السلام) من فداء عظيم وقدم نفسه وجميع اهله واصحابه فداءاً للدين هذا نحتاج اليه في كل دور وفي كل زمان لأنه دائماً هناك الهجمة الفضيعة ضد الاسلام فنريد نحن ان نقاوم هذا الظلم والشر ولا نرضى بأن نظل نرزح تحت الظلم والاستعباد من قبل القوى العالمية الكبرى التي لا تعرف للحق اي معنى في حياتنا الحاضرة فهذه هي اهمية المجالس الحسينية في اي بلد من البلدان وفي كل يوم تحي هذه المبادئ العظيمة التي لولاها لم يبق للاسلام اثر ولا معنى في حياة المسلمين ونلاحظ في تاريخ الاسلام ان الاسلام حين بدأ وكان غضاً لن يتأصل بعد وقام الامويون يريدون وأده في مهده ابتداءاً من سنة 40 هجرية وحولوه من خلافة شورية الى خلافة ملكية قيصرية وتمثل ذلك بتعيين يزيد خليفة على المسلمين عند ذلك قام الحسين (عليه السلام) بأعتباره الوريث الشرعي والممثل للاسلام لم يرض ببيعته وحاول القيام بنهضته المباركة واستشهد من اجلها في كربلاء فهذه الواقعة الهامة جداً عند المسلمين هي التي كان هدفها احياء الدين الاسلامي الذي كاد ان يندثر وان ينتهي ولو ان الحسين (عليه السلام) لم يقم بهذه الثورة العظيمة فكان الاسلام يذهب ضياعاً ولا يبقى منه اي شيء فقدم نفسه (صلى الله عليه وآله وسلم)، الحسين قدم نفسه قرباناً لهذا الدين فأذا كنا نرى الان حياة كريمة عند المسلمين فهي نتيجة لما قدمه الحسين (عليه السلام) وبما انه قدم كل ما يملك وحتى نفسه العظيمة ورضي ان اولاده الصغار ونساءه يؤخذن سبايا الى دمشق، كل ذلك من اجال ان يحيي المعاني الاسلامية وان يعطينا السعادة بشهادته الكريمة فكيف لانقيم له في كل زمان وفي كل مكان ونتأسى به ونسير على نهجه فعند ذلك نكون قد حصلنا على الفوز في الدنيا والاخرة والله ولي التوفيق والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

*******

وأول: هذه المحاور هو ما أشرنا، اليه من أن صحاح الاحاديث الشريفة والمتواترة تثبت أن إقامة هذه المجالس والدعوة لها سنة محمدية دعا لها رسول الله (صلي الله عليه وآله) قبل وقوع فاجعة الطف بسنين كثيرة.
وثانياً: فإن سائر أئمة العترة المحمدية قد إلتزموا بهذه السنة النبوية بدءً من أمير المؤمنين الي خاتم الاوصياء المهدي صلوات الله عليهم أجمعين.
فهم جميعاً أقاموا بأنفسهم مجالس العزاء الحسيني ودعوا لها وحثوا المؤمنين عليها وبينوا عظمة بركاتها في حفظ الاسلام المحمدي الاصيل، وحفظ روح البراءة من الظالمين في الوجدان الاسلامي.
ثالثاً: يشهد تأريخ المجالس الحسينية علي أن الطواغيت - وعلي مر التأريخ - قد حاربوا هذه الشعائر الالهية بمختلف الوسائل وأشدها إرهابية وخبثاً لكنهم فشلوا في مسعاهم لمحوها بل شاءت إرادة الله عزوجل أن تجعل من مكائدهم ومسعاهم سبباً للمزيد من إندفاع المؤمنين في إقامة هذه المجالس والمشاركة فيها.
ولذلك نلاحظ أن سعة إقامة هذه المجالس كماً وكيفاً كانت في إزدياد مضطرد في حصليتها النهائية علي مر التأريخ.
رابعاً: ونلاحظ في تأريخ مجالس العزاء الحسيني أن إقامة هذه المجالس شملت مختلف بقاع العالم الاسلامي مستمرة في مختلف مقاطع التأريخ الاسلامي.
وقد ذكر السيد صالح الشهرستاني في كتابه الوثائقي (تأريخ النياحة) كثيراً من الشواهد علي هذه الحقيقة.
خامساً: كما يتضح من تأريخ المجالس الحسينية أنها تميزت بمشاركة واسعة فيها ومن مختلف الأعمار والفئات الاجتماعية، فأصبحت بذلك محوراً وحدوياً أساسياً لاتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) ومن معالم هويتهم الرسالية.
سادساً: وأكثر من ذلك نلاحظ في تأريخ هذه المجالس أن إقامتها والمشاركة لم تقتصر علي أتباع مدرسة الثقلين ولا علي عموم المسلمين بل شملت أتباع الديانات الأخري الأمر الذي يكشف عن كونها تعبر عن قضية إنسانية فطرية.
سابعاً: كما أن تأريخ مجالس العزاء الحسيني يكشف بوضوح أنها تمثل أحد المنطلقات الاساسية للهداية الي الدين الحق وترسيخ قيمه في القلوب، والشواهد علي ذلك - ومن مختلف العصور - يفوق حد الحصر والاحصاء.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة