البث المباشر

الحائر الحسيني الشريف

الأحد 26 مايو 2019 - 09:19 بتوقيت طهران

إذا كنت مشتاقاً الى الطف تائقاً

الى كربلاء فانظر عراص المقطم

ترى من رجال المغربيّ عصابة

مضرجة الاوساط والصدر بالدم

بأبي انت وأمي يا ابا عبد الله، لقد عظمت الرزية وجلت المصيبة بك علينا وعلى جميع اهل السماوات والارض. يا مولاي يا ابا عبد الله، قصدت حرمك، وأتيت الى مشهدك، أسأل الله بالشأن الذي لك عنده، وبالمحل الذي لك لديه، أن يصلي على محمد وآل محمد، وأن يجعلني معكم في الدنيا والآخرة.
لقد وجدنا ـ وعلى مدى تاريخ البشرـ أن اهل الديانات جميعاً يعتزون بآثار دياناتهم، يحافظون عليها ويعمرونها، ويقدسونها، ولا يسمحون لأحدٍ بإهانتها، إذ يعتقدون ـ فطرة ً ـ أنها من آثار النبوةّ وتبعاتها، لا سيما قبور الانبياء والمرسلين، والاولياء والوصيين. وكم وكم ظهرت عندها الكرامات والمعاجز؛ إذ إنها مهابط الملائكة، وحال نزول البركة والرحمة، والعلامة الدالة على انها بيوت لله جليلة.
قال أبو الجارود: حُفر عند قبر النبي (صلى الله عليه وآله)، عند رأسيه وعند رجليه، أول ما حُفر، فأخرج مسك أذفر، لم يشكوا فيه. وروي عن الامام الصادق (عليه السلام) أن معاوية كتب الى صاحب المدينة ـ أي واليها- أن يقلع منبر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ويجعلوه على قدر منبره بالشام، فلما نهضوا ليقلعوه انكسفت الشمس وزلزلت الارض، فكفوا!
بينما لم يتجرأ على مثل ذلك تلك الاقوام السابقة، بل كانوا ينظرون الى الآثار نظرة اجلال، حيث تذكرهم بمآثر أديانهم. فيوم جئ ليزيد بن معاوية في قصره براس الامام الحسين ورؤوس شهداء كربلاء، كان عنده رسول من رسل قيصر ملك الروم، فاستعظم ذلك، ولم يُطق إلا أن قال ليزيد كما ذكر الخوارزميّ الحنفيّ في (مقتل الحسين): إنّ عندنا في بعض الجزائر حافر حمار عيسى، ونحن نحجّ اليه في كل عام من الاقطار، ونهدي اليه النذور ونعظمه كما تعظمون كتبكم، فأشهد أنكم على باطل! فأمر يزيد بقتله!
نعم، ونجد في السياسة الاموية اليزيدية نزعة محمومة لمحو آثار اهل بيت النبوة المحمدية (عليهم السلام) ظهرت وتظهر بأشكال مختلفة عبر قرون التأريخ الاسلامي، فتارة تكون صريحة كما جرى يوم كربلا وأخرى تكون مغطاة بشعارات الدفاع عن التوحيد الخالص من خلال هدم وتدمير مشاهد أهل بيت العصمة والتوحيد.

*******

المزيد من التوضيح لهذه الحقيقة وابعادها من خبير البرنامج سماحة الشيخ علي الكوراني في الحديث الهاتفي التالي:
المحاور: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، معنا في هذه الحلقة خبير البرنامج سماحة الشيخ علي الكوراني للاجابة عن اسئلة البرنامج مشكوراً، سماحة الشيخ ما هي دوافع الامويين واصحاب النزعة الاموية وسائر الطغاة من سعيهم الحثيث عبر التاريخ لمحو آثار العترة المحمدية والمشاهد المشرفة؟
الشيخ علي الكوراني: بسم الله الرحمن الرحيم، نحن نلاحظ منذ اول التاريخ وهذا امر بارز في قبر الامام الحسين (عليه السلام) ان شيعة اهل البيت (عليهم السلام) وعامة المسلمين المحبين لاهل البيت (عليهم السلام) اتخذوه مزاراً، وكانوا يزورون في تجمعات سنوية، وهذا الامر معلم وقضية الامام الحسين (عليه السلام) ويجتمع الناس حوله ويأتوه من اقطارهم ويأتوه مراسم عاشوراء عند قبره وفي بلادهم هذا كان يحرك الاخرين يحرك السلطة الاموية يحرك السلطة العباسية يحرك اتباعهم، كيف يحركهم ما هو نوع تحركهم السلبي، اولاً يحسدون هؤلاء الفئة من المسلمين ان هؤلاء عندهم ما يجمعهم، عندهم مظاهر مراسم عندهم مجالس عندهم ائمة يحييون ذكراهم، هذا سبب الحسد لهم لانه لا يستطيع ان يعمل مراسم لمعاوية او ليزيد او لشخصياتهم الاخرى، قضية الامام الحسين (عليه السلام) مثل موجب وسالب فيها اولياء الله يواجهون اعداء الله، اعداء الله يقتلون اولياء الله، عندما نتكلم عن الموضوع طبعاً في نماذج سيئة للانسانية نماذج المعتدين لابد ان تبين ظلم بنو امية وظلم يزيد ووحشية يزيد واتباع ووالي يزيد في العراق، فاذن هم يريدون ان يطمسوا المعلم، في الواقع ان معارضتهم لاقامة المراسم وسعيهم لمنع زيارة الحسين (عليه السلام) لمنع مراسم عاشوراء، هذه للتغطية على جرائم ائمتهم، لان احياء هذه القضية باستمرار تصبح جرائم ائمة بني امية وهم يريدون تلميع صورتهم والتغطية عليهم، واصل الموضوع هذا، ولذلك يقولون طيب الامام الحسين (سلام الله عليه) قتل وهو عند ربه في الجنة وهو سيد شباب اهل الجنة انتهى الامر، انتهى الامر لماذا لانهم لا يريدوننا ان نذكر يزيد وبني امية قاتليه، وجوابنا لهم انه الدين قائم على الولاية والبراءة ولا تتحقق الولاية الا بالبراءة، ونحن اعتقادنا انه نتولى الامام الحسين (عليه السلام) ونبرأ الى الله من قاتليه وظالميه وظالمي اهل البيت (عليهم السلام)، وهذا الامر مستمر، وملاحظ عندهم حساسية احد ابعادها حسد وبعدها البارز ان فيها براءة ولعن قاتلي وظالمي اهل البيت (عليهم السلام)، وهؤلاء يحبونهم ولا يريدون احد ان يلعنهم، وانا قلت لاحدهم انت تتبرأ ممن قتل اهل البيت (عليهم السلام) لماذا لا تقول: اللهم العن اول ظالم ظلم آل محمد، العن قاتليهم، قال لا تدخلنا في هذا الموضوع، وهذا موضوع تاريخي بين الصحابة، قلت له علي وفاطمة والحسن والحسين هؤلاء أليس صحابة واهل بيت؟
قال: بلى، الذي قتلهم ابرأ منه والعنه.
يقول: لا كل مسلم زين، هؤلاء وحساسيتهم من مراسيمنا بهذا السبب بانه يريدون ان يغطوا على المجرمين، مثل الان ما حدث في العراق في مثلث اللطيفية من جرائم واعمال حاولوا ان يغطون عليها ولا يذكرون شيئاً عنها ولا يحبون ان تطرح موضوع فقط اسكت عنها وخلص، فاذن هذا اصل الموضوع ونحن علينا ان نصر على ولايتنا وبرائتنا وعلى ولايتنا للامام الحسين (سلام الله عليه) وزيارته واقامة مراسمه والبراءة من اعدائه واعداء اهل البيت (عليهم السلام).
شكراً لسماحة الشيخ علي الكوراني على ايضاحاته المتقدمة، وشكراً لكم أعزاءنا على جميل متابعتكم للحلقة اخري من برنامج أرض الحسين (عليه السلام).

*******

كان لنا معكم حديث حول الحائر الحسيني، وهنا أحببنا ان نذكر الحرم الحسيني، وهو ـ حسب الاخبار الواردة ـ أوسع من الحائر بكثير؛ لشموله على منطقة واسعة مركزها الحائر من فرسخ واحد من كل جانب، فيكون مجموع اربعة فراسخ، يقع القبر المطهر في نقطتها المركزية، هكذا على رواية عن الامام الصادق (عليه السلام)، فيما تذكر روايات اخرى خمسة فراسخ من اربعة جوانب القبر الزكي.. هكذا على عنوان حريم قبر الحسين (عليه السلام).
فيما يحدد الحائر الحسيني الشريف بما دار عليه سور المشهد الحسيني، والذي بناه الحسن بن المفضل الرامهرمزي وزير سلطان الدولة ابن بويه الديلمي سنة ٥۹۸ هجرية، وقد اقيم ـ حسب القرائن على اساس العمارة التي كان اقامها عضد الدولة فناخسرو بن بويه الديلمي سنة ۳۷۲ هجرية، والتي يرجع بناؤها الى الاسس التي وضعت للحائر الحسيني الطاهر في العمارات السابقة، من العمارة الاصلية في اواخر القرن الهجري الاول واوائل القرن الثاني، والى عمارة المستنصر عام ۲٤۷ هجري، فالى عمارة الداعي الصغير الذي ملك طبرستان في عام ۲۸۳ هجري.
ان التمييز بين الحرم الحسيني، والحائر الحسيني يعود الى اكثر من امر، منه: تحديد الحرامات والقداسات لقبر الحسين (صلوات الله عليه) وقد كان الامام الحسين (عليه السلام) قد اشترى قبيل شهادته تلك النواحي التي فيها قبره من اهلها بستين الف درهم، ثم تصدق بها عليهم شريطة ان يرشدوا زواره الى قبره ويضيفوهم ثلاثة ايام. ومن ذلك الامر ايضاً ان الحرمة جاءت من امتزاج دماء الحسين بتربة تلك الارض، ثم انتشار ذرات ترابها عن طريق الرياح الى تلك المنطقة المستديرة، فصارت حرماً امناً، وحريماً قدسياً لقبر الحسين (سلام الله عليه)؛ لان تربتها ممتزجة بتربة مصرع الحسين ودمه المقدس الزاكي، وهو دم رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وهناك امر اخر جعل العلماء يدققون ويتعرفون على افاق الحائر الحسيني، وهو ورود التخيير فيه للمسافر بين التقصير والاتمام، اذ هو احد الاماكن الاربعة: كعبة مكة والمسجد النبوي في المدينة وقد جعلا وطنا حقيقيا لكل مسلم اذا حل فيهما كان كانه في بيته فيجوز له التقصير في صلاته فيهما. ومسجد الكوفة وحائر الحسين (عليه السلام) حيث ورد القول بافضلية الاتمام فيهما. وقد جد المحدثون في تحديد الحائر الشريف، وتعيينه على وجه الدقة، حتى قال ابن ادريس عام ٥۸۸ هجري في فصل الصلاة من كتابه (السرائر): والمراد بالحائر ما دار عليه المشهد، لا ما دار عليه سور البلد.
فسلام الله على الحسين وصلوات، وشآبيب بركاته على قبره الطاهر المنير، ورحمات متواصلات على عمار مشهده الشريف وحائره الزكي النير، وعلى زواره ومحبيه، والمتعاهدين لقبره القدسي الشريف.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة