البث المباشر

أهم الحوادث في المشهد الحسيني المبارك في القرن الهجري الرابع

الأحد 26 مايو 2019 - 10:26 بتوقيت طهران

فيا كربلاء، كهف الاباء مجسما

ويا كربلا كهف البطولة والعلى

ويا كربلا قد حُزت نفسي نبيلة

وصيرت بعد اليوم رمزاً الى السما

ويا كربلا قد حُزت مجداً مؤثلاً

وحُزت فخاراً ينقضي دونه المدى

فخار لعمري سطرته ضحية

فكان لمعنى المجد اعظم مجتلى

فللسلم الاسمى شعار مقدس

هما قبلتان للصلاة وللإبا

السلام على الحسين بن علي المظلوم الشهيد، قتيل العبرات، وأسير الكربات، اللهم إني اشهد انه وليك وابن وليك، وصفيك الثائر بحقك، أكرمته بكرامتك، وختمت له بالشهادة، وجعلته سيداً من السادة، وقائداً من القادة.
بلغ بنا الحديث في لقائنا الطيب السابق معكم الى عهد المنتصر بالله، الذي قضى على ابيه المتوكل العباسي، وكان هذا قد تكرر منه هتكه لحرمة الحرم الحسيني هدماً وتخريباً وحرثاً ومخراً للمياه، بالاضافة الى منع الزائرين، حتى أهلكه الله قتلاً شنيعاً على يد ابنه الذي رفع الاضطهاد عن العلويين وأبرهم، وساهم في إعمار الحائر الحسيني والمرقد الطاهر لابي عبد الله الحسين صلوات الله عليه وقد ظلت عمارته قائمة الى سنة مئتين وثلاث وسبعين هجرية، حيث انهدمت، فقام بتجديدها محمد بن زيد بن الحسن الحسنيّ، الملقب بـ (الداعي الصغير)، وكان قد ملك طبرستان بعد اخيه الحسن الملقب بـ (الداعي الكبير) مدة عشرين عاماً، فقد شيد المشهدين الشريفين: الغرويّ ـ في النجف الاشرف، الحائري ـ في كربلاء المعلاة، حيث بنى قبة على قبر سيد شباب اهل الجنة، لها بابان، وأحاطها بسور، وذلك سنة مئتين وثمانين هجرية، وقد جدّ محمد بن زيد الداعي الصغير في فخامة البناء وحسن الريازة ودقة الصنعة في عمارة الحائر الحسيني بما يتناسب.
وقد جرت سنة المؤمنين والمسلمين على الاهتمام بأعمار المشهد الحسيني المبارك عملاً بالاذن الالهي لانه بلا ريب من البيوت التيأَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ ورغم وضوح هذه الحقيقة الا ان فقهاء البلاطات الجائرة خاصة ذوي النزعة الاموية الناصبية سعوا وعلى نطاق واسع الى محاربة اعمار هذا المشهد المبارك لكي يسوغوا للحكام الظالمين سعيهم لهدمهم فأدعوا عدم مشروعية بناء القباب على القبور الطاهرة وأصدروا الفتاوي للحكام لهدمها في عصور مختلفة في حين ان مشروعية تعظيم وإعمار البيوت المباركة التي أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ هي من أوضح الواضحات والمساس بها وأهانتها من كبائر المحرمات، لنستمع لما يقوله بهذا الخصوص خبير البرنامج سماحة الشيخ محمد السند في الحديث الهاتفي التالي:
الشيخ محمد السند: بسم الله الرحمن الرحيم، في الحقيقة هدم القبورذكرنا في حلقة سابقة عبارة عن عمارة القبور وتجريدها وبناءها وواجلالها وتردد الزوار عليها واقامة العبادة لله تعالى عندها هي بنص الاية في القرآن الكريم «فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ» كما روى ذلك الفريقان كالسيوطي في ذيل الاية انها بيوت النبي وهي بيت علي وفاطمة منها وبالتالي بيوت ذرية النبي منها وكذلك قول النبي (صلى الله عليه وآله) في المستفيض عند الفريقان ما بين قبري ومنبري ايضاً بين قبري وبيوتي روضة من رياض الجنة فعند كل بيت من بيوت النبي روضة وبيت الحسن والحسين وعلي وبقية الائمة من ذرية الرسول (صلى الله عليه وآله) روضة من رياض الجنة فالتعدي على هذه الرياض نوع من التطاول على مقدسات بين قدسيتها القرآن الكريم فتطاول على القرآن الكريم تطاول على تشريع النبي (صلى الله عليه وآله) وهي نوع من العداء والنصب لمن امر الله بمودتهم«قُل لّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلاَّ الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى» فهذا نوع من العناد والنصب بالصراحة وكفر الصراح في الحقيقة لأنه مكابرة مع اوامر الله عزوجل المشددة والمؤكدة في فرضية مودة اهل البيت في آية المودة تبين ان هذه فريضة عظيمة بعظم ما للاسلام برمته من عظمة لأنه عودل اجر الرسالة كمجموع لمودة اهل البيت وقد عاظم القرآن من مودة اهل البيت فأذا كان هناك من متجرأ على هذه المودة بالعداء وهذا نوع من الشقاق والذين يشاقون الله ورسوله لهم شديد العقاب وانذروا بهذا العذاب الاليم والتهديد العظيم كما في قوله تعالى «أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ أَن لَّن يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغَانَهُمْ» قد امرنا القرآن الكريم ايضاً في سورة الحشر «وَالَّذِينَ جَاؤُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُواا» السابق على كل المسلمين في الايمان هو علي بن ابي طالب وامر القرآن ان لايكون في قلوبنا غلاً على علي فالذي يستهدف قبور ذرية النبي وذرية علي هو ممن في قلبه غل وضغينة يكشفها ويفضحها الله عزوجل وبالتالي لن يستقر الايمان في قلبه ولايكون ممن اتبع القرآن بل ممن كابر وشاقق الله ولرسوله وكتابه المجيد، عافانا الله واياكم وجميع المسلمين من مرض نصب العداء لأهل البيت فأنه مرض دفين يخرج المسلم من دينه وايمانه فعافانا الله واياكم واجارنا الله من هذه الامراض لأن العداوة مرض يصيب الانسان، مرض يصيب النفس الانسانية ولايسمح لها بهدي حكمة في التفكير ولا في العمل ويستخفها الشيطان الى خطوات انزلاق في الهاوية وهلاك ليس له من منقذ الا من عصم الله بأن اعاد محبة اهل البيت في قلبه فالعداوة داء وهناك اهل النصب والعداوة دوماً يبثون هذا المرض كعدوى في قلوب المسلمين فليحذر المسلمون من عدوى هذا الداء الخطير التي هي اخطر من مرض السرطان واخطر من اي مرض فتاك، بأن يفتك بالحياة الابدية للمسلم ويجعله من اهل الجحيم. اعاذنا الله واياكم من ذلك.

*******

اذا دخلنا القرن الهجري الرابع قرأنا في أيام سنة ثلاثمئة وثلاث عشر أن الزعيم القرمطيّ أبا طاهر الجنابي زار الحائر الحسيني الشريف وطاف حول القبر مع اتباعه، وآمن أهل كربلاء ولم يمسهم بسوء.
وفي سنة ثلاثمئة واثنتين وخمسين أمر معز الدولة البويهيّ بإقامة العزاء على الامام الحسين (عليه السلام) يوم عاشوراء، وكان لهذا الامر آثاره الايجابية في تطوير وإعمار مرقد سيد الشهداء وإنعاش مواسم الزيارة، بل وساهم هذا الامير في عمارة المرقد الحسيني الطاهر.
ولكا كانت سنة ثلاثمائة وست وستين من الهجرة الشريفة، زار الامير عز الدين البويهي مرقد الامام الحسين (عليه السلام)، مما دعم حركة الهجرة الى كربلاء وإعمارها، اما عضد الدولة البويهيّ فقد جعل زيارته للمرقد الحسيني المطهر عادة سنوية.
فيما كان الامير عمران بن شاهين قد نذر مسجدا ورواقا في حرم امير المؤمنين (عليه السلام) وآخر مثلهما في حرم الامام الحسين (عليه السلام)، ان انجاه الله من عضد الدولة، فلما عفا عنه اوفى بنذره، فبنى المسجد المعروف باسمه الى الان، وهو واقع الى جهة الشمال من الروضة الحسينية الطاهرة، وقد ضم هذا المسجد فيما بعد الى الحرم الشريف، اما الرواق الذي شيده عمران بن شاهين فيقع الى جهة الغرب من قبر الامام الحسين (عليه السلام)، فكان اول من ربط حزام الحائر الحسيني بالرواق، وكان ذلك في عام ثلاثمئة وثمانية وستين. وفي ذلك قال الشيخ محمد طاهر السماوي في ارجوزته (مجالي اللطف):

ثم اتى عمران في زمانه

فعمر الرواق من مكانه

ووصل الروضة بالرواق

من الجنوب، وهو بعد باقي

وتم ذا في السبع والستينا

بعد ثلاث قد مضت مئينا

وبعد سنتين، اي في عام ثلاثمئة وتسعة وستين هجرية، اغار زعيم لعصابة من اللصوص وقطاع الطرق، اسمه ضبة الاسدي اغار على مدينة كربلاء. فقتل اهلها ونهب اموالهم، وسرق ما في خزانة الحرم الحسيني المطهر من نفائس وذخائر وتحف وهدايا، وهدم ما امكنه هدمه، وذلك بمؤازاة بعض العشائر الهمجية، ثم قفل عائدا الى البادية.
فلما بلغ امره الى الامير عضد الدولة، ارسل الى عين التمر سرية قدرت بعشرة الاف رجل، فلم يشعر ضبة الاسدي الا والعساكر تغزوه، فولى هاربا وقد ترك اهله وامواله، فاخذ اهله اسرى وصودرت امواله، وملكت "عين التمر" عقابا لنهبه مرقد الامام الحسين، "وعين التمر" هي من اكبر مدن كربلاء، ومن المناطق المشرفة على صحراء السماوة.
وفي تلك السنة نفسها، قام عضد الدولة بزيارته السنوية للمرقد الزاهر لسيد الشهداء (عليه السلام)، فامر بتجديد بناء القبة الحسينية وروضتها المباركة، وشيد ضريح الامام الحسين (عليه السلام) بالعاج، وزينه بالحلل والديباج، وبنى الاروقة حوالي المرقد، وعمر مدينة كربلاء مهتما بايصال الماء الى سكان المدينة، والضياء للحائر الشريف، وحصن كربلاء بالاسوار العالية التي بلغ محيطها الفين واربعمئة خطوة، وقطرها الفين واربعمئة قدم، ثم اوصل المدينة بترعة فاحياها، واوقف اراضي لاستثمارها في صالح انارة الحرمين المطهرين: حرم ابي عبد الله الحسين وحرم اخيه ابي الفضل العباس سلام الله عليهما، وبالغ عضد الدولة هذا في تشييد الابنية والاسواق حول الحرم الحسيني، واجزل العطاء لمن جاوره من العلماء والعلويين، كما امر ببناء المدرسة العضدية الاولى، وبنى الى جنبها مسجد راس الحسين (عليه السلام). وعلى هذا تضاعف عدد المجاورين لمرقد سيد شباب اهل الجنة، ابي عبد الله الحسين (عليه السلام).

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة