البث المباشر

الحرم الحسيني وابعاده والحائر الحسيني وحدوده

الأحد 26 مايو 2019 - 09:18 بتوقيت طهران

سناهم عمّ نوراً كالدراري

فخصّ ضياؤه أهل السماء

وبغداد، وسامرّا فطوس

فيثرب فالغريّ فكربلاء

السلام عليك يا ابا عبد الله، السلام عليك ايها الوصيّ، البرّ التقيّ، السلام عليك وعلى الارواح التي حلت بفنائك، وأناخت برحلك، السلام عليك وعلى الملائكة الحافين بك.
لقد جبلت فطرة البشر على التعلق بالرموز والآثار؛ لما يستوحى منها من الذكريات والاسرار وكان من أخص تلك الآثار التي حامت حولها الخواطر والنفوس قبور الموتى فهي التي تثير دائماً جملة من المعاني والصور، وترسم لزائرها بعدين: احدهما الماضي حيث جرى ما جرى فيه فأصبح تأريخاً وعبراً، والآخر ـ المستقبل حيث يُرى فيه آفاق الحكمة والاعتبار والتأسي.
وأشرف القبور قبور الانبياء والاوصياء والاولياء صلوات الله وسلامه عليهم وعلى ارواحهم، حيث أصبحت مهبط الوافدين للعبادة، واللائذين من تيه المغريات، والآئبين الى رحمة الله ومغفرته.
وكان من تلك القبور قبر ابراهيم الخليل سلام الله عليه، وقد قال تعالى فيه: «وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا» (العنكبوت، ۲۷)، فجاء في تفسير ذلك بقاء ضيافته عليه السلام عند قبره. وروى الشيخ البهائي رحمه الله ان الامام الحسين عليه السلام اشترى النواحي التي فيها قبره من اهل نينوى والغاضرية بستين الف درهم، وتصدق بها عليهم، وشرط ان يرشدوا الى قبره، ويضيفوا من زاره ثلاثة ايام.
قال الامام جعفر الصادق عليه السلام: «حرم الحسين الذي اشتراه اربعة اميال في اربعة اميال، فهو حلال لولده ومواليه، حرام على غيره ممن خالفهم، وفيه البركة».

*******

ننقل الان اعزاءنا اذاعة طهران ميكرفون برنامج ارض الحسين الى خبير البرنامج سماحة الشيخ علي الكوراني لكي يحدثنا عن اربعة اوجه الحكمة من قيام سيد الشهداء (سلام الله عليه) وقبل استشهاده بشراء حرمه المقدس:
المحاور: والان اعزائنا الكرام مع خبير البرنامج سماحة الشيخ علي الكوراني لكي يحدثنا عن بعض اوجه الحكمة من قيام سيد الشهداء عليه السلام، وقبل استشهاده بشراء حرمه المقدس.
الشيخ علي الكوراني: بسم الله الرحمن الرحيم، ما الحكمة من شراء الامام الحسين عليه السلام لارض كربلاء من اهلها قبل استشهاده؟ هذه ظاهرة ليست في الائمة عليهم السلام فقط أمير المؤمنين عليه السلام اشترى وادي السلام، ونفس المكان مشترى من السابق، ارض كربلاء اشتراها ابراهيم عليه السلام وهو الذي اطلق عليها هذا الاسم، هناك ظاهرة للانبياء بانهم يعرفون ان اماكنهم سوف تزار وستكون قبراً مزاراً ومسجداً ومدينة ومسكناً، على هذا الاساس هم يشترونها، النبي صلى الله عليه وآله اشترى مسجده وما حوله، فاذن حتى لا ينازع ورثتهم ملكيتهم ملكيتها احد، حتى الذين ملكوها بعد ابراهيم، لو كانت ملكيتهم صحيحة، الامام الحسين عليه السلام مرة اخرى اشترى ارض كربلاء لتكون ملكاً له، هذه فيها ناحية انه يريد ان يكون قبره في مكان يملكه هو، يريد ان يكون ما يتخذ في كربلاء كله في ملكه، لا ينازع الاخرين فيه ويكون مباركاً لانه مشترى من الامام الحسين عليه السلام، فهو في شرائه لكربلاء على سنة ابيه امير المؤمنين على سنة جده رسول الله صلى الله عليه وآله في شراء اماكنهم المباركة، وعلى سنن الانبياء يشترون الاماكن المباركة ولها هدفان فيما افهم، الهدف الاول ان تكون مكاناً حلالاً طلقاً مباركاً لانه ملك للامام سلام الله عليه، والشيء الاخر حتى لا ينازع منازعون في هذا المكان وفي الاولوية في هذا المكان او في شراكة في هذا المكان.
شكراً لسماحة الشيخ علي الكوراني على ما بيّنه في الحديث المتقدم من اسرار قيام الامام الحسين عليه السلام وقبل استشهاده بشراء ارض حرمه المقدس، وشكراً لكم احبائنا على طيب الاصغاء للحلقة السادسة من برنامج ارض الحسين عليه السلام.

*******

شكراً لسماحة الشيخ علي الكوراني على ما بيّنه في الحديث المتقدم من اسرار قيام الامام الحسين عليه السلام وقبل استشهاده بشراء ارض حرمه المقدس، وشكراً لكم احبائنا على طيب الاصغاء للحلقة السادسة من برنامج ارض الحسين عليه السلام.
وربما يتساءل متسائل ما هو الحرم الحسيني وما هي ابعاده، ثم ماهو الحائر الحسيني وماهي حدوده؟
وهنا لابد ان نقول: ان في بحث مثل هذه الامور لابد من مراجعة الاخبار والتاريخ، وبعض مسائل الفقه، لتعرف مثل هذه القضية الجديرة بالاهتمام.
كتب الدكتور السيد عبد الجواد الكليدار في مؤلفه القيم (تاريخ كربلاء وحائر الحسين عليه السلام): ان قضية تحديد الحائر وتعيين مساحته، لابد من الرجوع الى الاخبار والروايات التي نقلها المحدثون عن العصر الاول، فهي الوثائق والمستندات التاريخية الوحيدة التي لابد للباحث من الرجوع اليها؛ لانها هي تستطيع ان ترسم لنا حدود الحائر، وتوضح مفهومه ومدلوله التاريخي.
ثم قال السيد عبد الجواد مضيفاً: ان الرواة ميزوا بين الحرم والحائر، فحدود الحائر عندهم ـ حسب ما ورد عن الامام الصادق عليه السلام في روايتين ـ هي عشرون ذراعاً في مثلها ويعني بذلك القبر، كما في رواية عبد الله بن سنان، عنه ان قبر الحسين عليه السلام عشرون ذراعا في عشرين ذراعاً، مكسرا، روضته من رياض الجنة وفي رواية اخرى ان لموضع قبر الحسين بن علي عليهما السلام حرمه معلومة، من عرفها واستجار بها اجير.
فسئل عليه السلام عن وصفها، فقال: «امسح من موضع قبره اليوم، فامسح خمسة وعشرين ذراعا من ناحية رجليه، وخمسة وعشرين ذراعا من ناحية راسه».
ثم قال عليه السلام: «موضع قبره منذ يوم دفن، روضة من رياض الجنة، ومنه معراج يعرج فيه باعمال زواره الى السماء».
وحسب الروايتين الشريفتين، لو اعتبرنا الذراع الواحد ـ كما يقدر بنصف متر او ما يقارب من ذلك ـ فستكون مساحة الحائر على اعلى التقديرين المذكورين ما يقارب الستمائة وخمسة وعشرين مترا مربعاً. وهذه المساحة هي ما يطابق ـ تقريباً ـ تحديد ابن ادريس الحلي للحائر الحسيني في كتابه (السرائر)، اذا كان المراد من الحائر هو ما دار سور المشهد والمسجد عليه؛ لان ذلك هو الحائر حقيقة، فالحائر ت كما في (لسان العرب) وكتب اللغة ـ هو الموضع المطمئن الذي يحار فيه الماء.
ان الاهتمام بتعريف الحائر الحسيني، ومعرفة حدوده، لما يترتب عليه من احكام اقتضتها حرمة البقعة الشريفة التي دفن فيها سيد الشهداء عليه السلام، فينبغي على المسلمين مراعتها وحفظها، فالمكان شريف بشرف من حل به وكان، فاصبح مهبط ملائكة الله تبارك وتعالى، وفي الوقت ذاته اصبح معراج اعمال العباد، حيث هنالك في الحائر الحسيني يتلون ايات القران الكريم، ويصلون لله ويدعون، ويزورون ويطوفون. في تلك الرحاب القدسية النورانية الزاكية، وهي مواضع اجابة الدعوات المرضية.
فكم هي اولى ان تشهد وتعمر وتزار، بل ويقام عندها احياء للقلوب، وتطهيراً للانفس والارواح، وتزكية للنوايا والضمائر.
كيف لا، وهي تضم ابدانا شريفة لاشخاص هم محال معرفة الله، ومساكن بركة الله، ومعادن حكمة الله.. وقد قدم يومياً قتادة بن دعامة على الامام الباقر عليه السلام، فسكت عنده طويلا، وكان قتادة يومها فقيه اهل البصرة، ثم اقر بحاله حين قال: والله لقد جلست بين يدي الفقهاء وقدام ابن عباس فما اضطرب قلبي قدام واحد منهم ما اضطرب قدامك.
فقال له الامام الباقر عليه السلام: «ويحك! تدري اين انت، انت بين فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ».
فقال قتادة: صدقت والله، جعلني الله فداك، ما هي بيوت حجارة ولا طين.
ومن بين بيوت الله التي اذن جل جلاله ان ترفع ويذكر فيها اسمه يمتاز البيت الحسيني المبارك بخصوصيات عدة اختصه الله عز وجل بها مثل استجابة الدعاء تحت قبته وجعل الشفاء في تربيته وغير ذلك من الخصائص التي عرفتنا بها الاحاديث الشريفة.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة