البث المباشر

علة زيارة الحائر الحسيني مشياً على الاقدام

السبت 25 مايو 2019 - 15:53 بتوقيت طهران

فيا كربلا.. كهف الإباء مجسما

ويا كربلا رمز البطولة والعلى

ويا كربلا قد حزت نفساً نبيلة ً

وصيرت بعد اليوم رمزاً الى السما

ويا كربلا قد صرت قبلة كل ذي

نفسٍ تصاغر دون مبدئها الدنا

ويا كربلا قد حزت مجداً مؤثلاً

وحزت فخاراً ينقضي دونه المدى

فخاراً لعمري سطرته ضحية

فكان لمعنى المجد أعظم مجتلى

فللمسلم الاسمة شعار مقدس

هما قبلتان للصلاة وللإبا

السلام عليك يا ابا عبد الله، السلام عليك يا ابن رسول الله، السلام عليك يا بن سيد الوصيين، السلام عليك يا بن فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين. أشهد أنك من دعائم الدين، وأركان المسلمين، ومعقل المؤمنين.
حيث نطوف معاً حول كربلاء المعلاة وهي تشع بأنوارها السماوية على العوالم، فيستوحي منها المسلم القرآني مبادئ الدين القويم، ويستلهم منها غير المسلم منهج الصراط المستقيم.. فذاك زعيم الهند (غاندي) لم يمت حتى قالها مدوّية: تعلمت من الحسين كيف أكون مظلوماً فأنتصر.
وما تزال كربلاء شامخة عبر القرون، بشهيدها وهو سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين صلوات الله عليه، وبحرمه الطاهر وهو منار الاجيال يشع أنواراً للهداية، وعبراً لأهل الفكر والاعتبار. من أي الاديان والاقوام والنحل كانوا، فذاك (العقاد) قد قالها هو الآخر مدوية صريحة: إن كربلاء اليوم حرم يزوره المسلمون للعبرة والذكرى، ويزوره غير المسلمون للنظر والمشاهدة. أي ليتأملوا في معالم المجد الاسمى كيف شيدته دماء الحسين، وآل الحسين.

يا بقعة بالطف حشو ترابها دنيا ودين

أضحت كأصداف يصادف عندها الدر الثمين

لقد أريد للحسين عليه السلام أن يُقتل ثم يُنسى، وأريد لبدنه القدسي أن يدفن ويوارى ثم يبلى، واريد ان لا يكون له قبر أو أثر يُعرف أو يذكر! أريد ذلك من اللئام والطغاة والمرتدين على اعقابهم الى جاهليتهم الاولى، ولكن الله تعالى أراد شيئاً آخر؛ لأن الامام الحسين سلام الله عليه هو من نور الله جل وعلا وقد أبى الله تعالى الا أن يتمم نوره، وقد اتمه على رغم انوف المشركين والكافرين وإن وجدوا في اطفاء ذلك النور الالهي حتى خابوا وذلوا، فكان لسيد الشهداء صلوات الله عليه مقام يغبطه عليه الاولياء، وكان لبدنه الشريف اكاليل القلوب وأضرحة الولاء تنهال على قبره الطاهر المنور، وكان لكربلاء تلك الرفعة التي تغبطها عليها كعبة المسلمين، لما يفدها من المؤمنين من ارجاء الدنيا كل يوم، بل وكلّ ساعة وتلك نبوءة ابن رسول الله وحفيده ووصية الامام علي بن الحسين زين العابدين عليه السلام وهو يقول ناظراً بنور علم الله وغيبه: «كأنيّ بالقصور قد شيدت حول قبر الحسين عليه السلام، وكأنيّ بالاسواق قد حفت حول قبره، فلا تذهب الايام والليالي، حتى يسار اليه من الآفاق.
نتابع ايها الاخوة والاخوات من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران تقديم الحلقة الخامسة من برنامج ارض الحسين بالاشارة الى قضية مستفادة من قول مولانا الامام زين العابدين (عليه السلام) في المتقدم مشيراً الى زيارة قبر والده سيد الشهداء (عليه السلام) حيث قال: «حتى يسار اليه من الآفاق».
ففي هذه العبارة تشير الى تلهف القلوب لزيارته (عليه السلام) على مدى العصور واتساق نطاقها باستمرار على الرغم من استمرار مساعي الطغاة لمنعها.

*******

ونجد في الاحاديث الشريفة تأكيدات خاصة علة زيارة الحائر الحسيني مشياً على الاقدام وهذه من السنن الحميدة التي التزم المؤمنون بها على مدى العصور لحكمة تربوية مهمة يحدثنا عن بعض أبعادها سماحة الشيخ علي الكوراني في الحديث الهاتفي التالي:
المحاور: نجد في الاحاديث الشريفة تأكيدات خاصة على زيارة الحائر الحسيني مشياً على الاقدام، وهذه من السنن الحميدة التي التزم المؤمنون بها على مدى العصور لحكمة تربوية مهمة، يحدثنا عن بعض ابعادها سماحة الشيخ علي الكوراني في الحديث الهاتفي التالي.
الشيخ علي الكوراني: بسم الله الرحمن الرحيم، سؤالكم الكريم ما هي علل الحث على زيارة الحسين عليه السلام مشياً على الاقدام؟ اذا نظرنا الى مجموع احاديث النبي صلى الله عليه وآله واهل البيت عليهم السلام في الامام الحسين نجد تميز النبي واهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم، يعني الانبياء جميعاً اخذ عليهم ميثاق الولاية للنبي واهل بيته، هذا مشروع من الاول داخل في نبوة كل الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم، الامام الحسين عليه السلام له ميزة هذه المنظومة الربانية الخاتمة منظومة النبي واهل البيت عليهم السلام انه يمثل رمز المأساة، يمثل الانشودة وشعار الثورة سلام الله عليه، فتربة كربلاء مميزة وجبرائيل اخبر النبي صلى الله عليه وآله بانها مميزة فهي اختيار الهي لهذه التربة لتكون محل شهادته وقبره ومن زاره، مزار الامام الحسين عليه السلام مؤكد عليه حتى عن النبي صلى الله عليه وآله الدعوة الى زيارته، عن الائمة عليهم السلام الدعوة الى زيارته، زيارته مضافاً الى ناحيتها العبادية هي معلم وشعار، لما تكون زيارة الامام الحسين عليه السلام من شعائر الله عز وجل اذن المظهر عندها التجمع في وقت معين من السنة في المسير اليه من اقطار الارض في الذهاب اليه مشياً، الذهاب مشياً وارد عندنا الى مكة، اذن عندما يكون المزار مهماً يحث الناس على احترامه مشياً اليه، المشي الى بيت الله عز وجل والمشي مقام النبي ومقام الائمة عليهم السلام، الحث على المشي لزيارة الامام الحسين عليه السلام، الله عز وجل اراد ان تكون معلماً وشعاراً لجماهير المؤمنين وتكون مساراً سنوياً وتجمعاً مهماً في عاشوراء ان يأتي الناس من اقطارهم اليه مشياً، والحمد لله هذه العادة اخذ بها المسلمون في العراق من قديم يذهبون مشياً الى زيارة الامام الحسين سلام الله عليه، وفي عصرنا صارت مظهراً عالمياً مهم يعبر الناس فيه للعالم عن ولائهم للنبي وأهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم، اصل التعبد بالمشي حركة البدن، لما الانسان يمشي يومين وثلاثة الى هدف هو يعيش ذلك الهدف، ذلك الهدف هو تعظيم الامام الحسين الذي فدا دين الله بنفسه صلوات الله عليه، الذي تتمثل فيه ظلامة الانبياء وابناء الانبياء، وعلى هذا الاساس الائمة عليهم السلام حثونا على زيارة الامام الحسين مشياً وطبقه المؤمنون وخاصة المؤمنون في العراق الله يحفظهم.

*******

لقد وجه الاسلام أبصار العباد وأذهانهم، وقلوبهم وأنفسهم الى صور ومعالم ومشاهد خاصةٍ لينجو منها ثمار العبر، وينتفعوا من دروس التاريخ وآثاره الناطقة الحيّة، وكان من ذلك تلك القبور الماثلة أمامنا وهي تتحدث حول الموت فتزهد الدنيا، وحول الآخرة فتحثّ على العمل الصالح وترك الذنوب، وحول الصراع القائم بين الحق والباطل، والخير والشر، والايمان والكفر. فينتصر في ذلك النزاع الطويل كل ما آل الى الله تبارك وتعالى.
وتبقى المعالم عبراً تنتظر من يعتبر بها. يقول رسول الله صلى الله عليه وآله يوماً لأبي ذرّ الغفاريّ رضوان الله عليه: «يا ابا ذرّ، أوصيك فاحفظ، لعلّ الله ينفعك به، جاور القبور تذكر بها الآخرة...».
وقبر الامام الحسين عليه السلام معلم للحكم والمواعظ، وسبيل متجهة الى مرضاة الله وقبول الطاعات، فهو مذكربذلك الايمان الراسخ الذي كان مفعماً به قلب سيد الشهداء عليه السلام، ولسان حاله في كربلاء يقول لله تعالى:

تركتُ الخلق طراً في هواكا

وأيتمت العيال لكي اراكا

فلو قطعتني في الحب إربـاً

لما مال افؤاد الى سواكـا

وقبره النوراني مذكر بغيرة الامام الحسين وشهامته، فأقدم على الشهادة ولسان حاله يخاطب عسكر قاتليه قائلاً: إن كان دين محمد لم يستقم الا بقتلي، يا سيوف خذيني.
وكم يذكرنا قبر ابي عبد الله الحسين بأخلاق الحسين وكراماته، وفضائله ومناقبه ومعجزاته، ويعلمنا كيف نمضي في طريق الله، طريق الحق والنورو الهدى والفضيلة والخير والرحمة، وطريق الكرم والبذل والعطاء والانفاق، إنفاق الانفس في طاعة الله تبارك وتعالى، والتضحية بالغالي والنفيس من أجل الله جلّ وعلا.
وإذا كان الانسان نسّاء كثير الغفلة، تلهيه الدنيا بمشاغلها وتجذبه بزخارفها وتطعمه بمغرياتها،فإن قبر الامام الحسين سلام الله عليه خير موقظ عن الغفلات، وأفضل مذكر بالفضائل وشؤون الآخرة، وإجلال الدين والاولياء، فيتخذ حرمه المطهر ملاذاً للعبادة والتوبة، وانشراح القلوب على الانوارالربانية، والعروج الى آفاق الطاعة ونوال مرضاة الله عزوجل، وتنقية الارواح من أرجاس المعصية. فهنيئاً للمعمرين لهذا الحرم بالبناء وبالدعاء وبالزيارة والعبادة والخشوع والبكاء.
ولزيارة ارض الحسين (عليه السلام) وما اشتملت عليه من معالم ملحمته الالهية آثار وبركات كثيرة عرفتنا بها أحاديث ائمة العترة المحمدية (عليهم السلام) وصدقتها تجارب المؤمنين وما أظهره الله عزوجل من كرامات على مدى قرون التأريخ في هذه البقعة المقدسة.

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة