البث المباشر

تسمية كربلاء المقدسة بأسم الحائر

السبت 25 مايو 2019 - 15:40 بتوقيت طهران

يا كربلاء تحدثيّ ببلائنا

وبكربنا .. إن الحديث يعاد

يا ايها الكوفيّ هذه غرة

في جبهة الدنيا لها إفراد

وإذا سألت لقصدها ومقرّها

فالحير.. أو كوفان.. أو بغداد

السلام عليك يا حجة الله وابن حجته، السلام عليك يا قتيل الله وابن قتيله، أنا عبد الله ومولاك وفي طاعتك والوافد اليك، التمس كمال المنزلة عند الله وثبات القدم في الهجرة اليك.
لقد نعتت كربلاء منذ الصدر الاول، في كل من التاريخ والحديث بأسماء عديدة، إلا أن اهم هذه الاسماء في الدين هو اسم (الحائر)؛ لما احيط به من الحرمة والتقديس، أو انيط به من اعمال عبادية وأحكام شرعية، في الرواية والفقه. والحائر، لغة من التحير، فيقال: تحيّر الماء إذا اجتمع ودار، وهو محل منخفض مستور، تعلوجوانبه وأطرافه على شكل حوض، تجتمع اليه المياه كلما نزلت الامطار او فاضت عن الزروع. وقد اتفق الرواة والمحدثون، والمؤرخون والجغرافيون وكذا اللغويون، على تسمية كربلاء بالحائر، حتى ورد ذكرها في تاريخ الطبري باسم (الحير) وهو مخفف لفظ الحائر، وأكد ذلك ياقوت الحموي في(معجم البلدان) قائلاً: الحائر، قبر الحسين بن علي رضي الله عنه.
وانهم يقولون (الحير) بلا اضافة، إذا عنوا (كربلاء). وكذا كتب ابن منظور في (لسان العرب): والحائر كربلاء، وكتب الزبيدي في (تاج العروس): الحائر، اسم موضع فيه مشهد الامام المظلوم الشهيد، ابي عبد الله الحسين. فيما كتب فخر الدين الطريحي في (مجمع البحرين): الحائر ـ في الاصل ـ مجمع الماء، ويراد به حائر الحسين (عليه السلام)، وهو ما حواه سور المشهد الحسيني على مشرفه السلام.
ونبقى مع الحائر اسماً، ربما أطلقته العرب على بعض الاماكن في العصر الجاهلي، لكن الحائر الحسيني ـ كما تعرفه دائرة المعارف الشيعية للسيد حسن الامين ـ هو الارض المنخفضة التي ضمت قبر الامام الحسين (عليه السلام) الى رواق بقعته الشريفة، وقد حار الماء حولها على عهد المتوكل العباسيّ عام ۲۳٦ هـ، وكانت للحائر وهدة فسيحة بسلسلة تلال ممدودة، وربواتٍ متصلةٍ من الجهات الشمالية الغربية والجنوبية منه، تشكل للناظرين نصف دائرة، حيث يتوجه الزائر منها الى مثوى ابي الفضل العباس بن عليّ (عليهما السلام).

*******

ونحن نتابع تقديم الحلقة اخرى من برنامج أرض الحسين نبقى مع قصة جهود الطاغية العباسي الملقب بالمتوكل وجهوده لمحو آثار قبر سيد الشهداء (عليه السلام) في كربلاء والتي أظهر الله عزوجل فيها معجزة حيرة الماء حول هذا القبر الشريف فنستمع لبعض تفصيلات هذه القضية من خبير البرنامج سماحة الشيخ علي الكوراني في الحديث الهاتفي التالي:
المحاور: اعزائنا نتابع تقديم الحلقة الرابعة من برنامج ارض الحسين (عليه السلام)، ونبقى مع قصة جهود الطاغية العباسي الملقب بالمتوكل وجهوده لمحو آثار قبر سيد الشهداء (عليه السلام) في كربلاء، ومعنا خبير البرنامج سماحة الشيخ علي الكوراني، سماحة الشيخ ما هي دلالات قصة حيران الماء حول قبر الحسين (عليه السلام) عندما اراد المتوكل العباسي هدمه؟
الشيخ علي الكوراني: بسم الله الرحمن الرحيم، كربلاء مباشرة بعد قتل الامام الحسين (عليه السلام) صارت مزاراً ومركز اشعاع ونور، ولو نقرأ التوابين كيف زاروا ووصف مراسم زيارتهم وبكائهم والتعزية التي قرأوها والخطب التي القوها عند قبر الامام الحسين (عليه السلام)، هذا بعد سنتين او ثلاث بعد شهادة الامام الحسين (عليه السلام)، اذن منذ ان قتل الامام الحسين (عليه السلام) كربلاء كانت مزاراً، وتأثيرها في ضمير وقلوب الناس تأثير قوي، وفي الادب والشعوب العربية وفي امثلة الناس عند العوام والقبائل وعند العلماء وعند الائمة عليهم السلام كيف ربطوا الناس بكربلاء، كربلاء صارت معلماً، الدولة الاموية عملت لمنع الناس من زيارة كربلاء وما استطاعت بل اشتهرت الشفاء بتربة الامام الحسين بتربة كربلاء، كان الشيعة يعتقدون ويصرون على الزيارة وكانت مواسم الزيارة بين مد وجزر على حسب الوضع السياسي وهذه استمرت في زمن كل بني امية والذين رفعوا راية الثورة دائماً كان شعارهم يا لثارات الحسين (عليه السلام)، اذن في قداسة كربلاء في شعارات يا لثارات الحسين سلام الله عليه الذي رفعها العباسيين الحسينيين الكل لانهم بهذا الشعار أسسوا دولتهم، ابو مسلم الخراساني والايرانيون جاءوا معهم من اجل نصرة اهل بيت النبي، ابو جعفر المنصور رجع عن هذا الاتجاه ورأى انه لابد ان يؤسس شيئاً في مقابل اهل البيت عليهم السلام، فتنازل عن كثير من الامور يا لثارات الحسين تنازل عنها ورفع شعار هو الذي قال لاعليّن كعبتين وعدي ولارغمن انفي وانف بني علي، لابد ان اتبنى رفعت الشيخين، وصدر امر بخطب الجمعة ادعو لهما وأسس المذاهب وقال لمالك اسس لنا اكتب لنا كتاباً موطئاً حتى نلزم الناس به.

*******

نتابع من اذاعة طهران صوت الجمهورية الاسلامية في ايران تقديم الحلقة الخامسة من برنامج ارض الحسين، بالاشارة الى أن تسمية كربلاء المقدسة بأسم الحائر اشتهرت اساساً بين المؤمنين تخليدا ً لتلك المعجزة الالهية التي منعت الطاغية المتوكل العباسي من امحاء قبر سيد الشهداء (عليه السلام) حتى لو كان لهذه التسمية منشأ آخر. وعلى أية حال، فقد سعد هذا الحائر بضمه لجثمان مقدس ٍ زكيّ، هو جثمان سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين سلام الله عليه، وحقّ له بعد ذلك أن يكون حائراً، ويبقى حائراً، كيف لا وهو يحتضن أشرف كنز من كنوز العرش، وقد مضى بين السيوف والرماح والسهام، وبقي على ظهر ذلك الحائر ثلاثاً بلا دفن حتى واراه ابنه الامام السجاد (عليه السلام)، لتفتخر به تلك الارض أن تكون له مضجعاً، ثم لترفع له على ظهرها ضريحاً شامخاً تتوجهُ قبة زاهية يدعو تحتها العباد فيستجاب لهم، ويتأملون هنالك فيتعظون، وقد أوحى الله تعالى الى عيسى بن مريم: "يا عيسى هب لي من عينيك الدموع، ومن قلبك الخشوع، واكحل عينيك بميل الحزن إذا ضحك البطالون، وقمم على قبور الاموات فنادهم بالصوت الرفيع لعلك تأخذ موعظتك منهم".
وعند قبر الحسين تطفح الاحزان المقدسة النبيلة، وتفيض الدموع الولائية المباركة، وتزدحم المواعظ وفيها أن الله متمم نوره ولن يقوى على اطفائه ولو جهدت أفواه المشركين والكافرين.
كم وكم، تحدثت الروايات الشريفة حول فضل الاقامة عند المراقد القدسية لآل الله، لا سيما كربلاء، حيث ورد عن الامام جعفر الصادق (عليه السلام) قوله في قبر الحسين (عليه السلام): "روضة من رياض الجنة، منه معراج الى السماء، فليس من ملك مقرب، ولا نبيّ مرسل، إلا وهو يسأل الله أن يزوره".
وسأل هشام بن سالم يوماً الامام الصادق: ما لمن أقام عند قبر الحسين (عليه السلام)؟
فأجابه (عليه السلام) بقوله: "كل يوم بألف شهر" اي من ثواب الطاعات، ومن البركات والخيرات، تنزل على كلّ موال ٍ مؤمن بأنه إمام شهيد مظلوم، واجبة طاعته، ومفروضة ولايته. فتكون الاقامة عنده إعماراً معنوياً بتلاوة القرآن الكريم، وتعطير الاجواء بالادعية والاذكار، والصلوات والمبرّات، والزيارات.
ويكون من الضرورة قبل ذلك أن تعمر تلك البقاع بالبناء المناسب، لتتوفر الاجواء المناسبة للعبادة، هنالك، وليؤدي الوفاء بالعهد المعهود في أعناق الموالين، إذ جاء عن الامام الرضا (عليه السلام) قوله: "يا علي، من عمّر قبوركم وتعاهدها، فكإنما أعان سليمان بن داوود على بناء بيت المقدس. ومن زار قبوركم، عدل ذلك ثواب سبعين حجة ً بعد حجة الاسلام، وخرج من ذنوبه، حتى يرجع من زيارتكم كيوم ولدته أمه. فأبشر، وبشر أولياءك ومحبيك من النعيم وقرّة العين بما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر".

*******

 

شاركوا هذا الخبر مع أصدقائكم

جميع الحقوق محفوظة